أيام قليلة ويهل علينا هلال شهر رمضان المبارك ، هذا الشهر الذى له أهمية خاصة وقدر كبير عند الكافة ، ولهذا نجد استعدادا خاصا من الناس فى هذا الشهر المبارك ، ينجم عن هذا الاستعداد العديد من المظاهر والسلوكيات ، وسواء اتفقنا مع تلك السلوكيات أو اختلفنا إلا أن الملاحظ والغريب أن تلك السلوكيات تنتهى بانتهاء الشهر الفضيل ، ونذكر من تلك المظاهر على سبيل المثال اهتمام الكثير من الناس بإعداد الأكلات المتنوعة والمشروبات المختلفة ولا ننسى الحلويات ، والاهتمام بمتابعة المسلسلات والبرامج بمختلف أنواعها، وهناك من يهوى الدورات الرياضية، وآخرون ينطلقون إلى الترفيه عن طريق الخيم الرمضانية، والكثير جدا من الناس يخرج للصلاة فى المساجد، مما يضفى جو روحانى يميز هذا الشهر ، تلك بعض المظاهر التى يفعلها الناس فى هذا الشهر المبارك والتى تنتهى بمجرد انتهاء اليوم الأخير من هذا الشهر، أى كما يقول المثل "عادت ريما إلى عادتها القديمة".
والآن ننتقل لنرى ماذا يفعل رمضان بالناس، رمضان يأخذ الناس فى رحلة لمدة أيام معدودة يغير فيها من "النظام" اليومى للناس ولو بشكل جزئى، فنجد الناس وبمجرد دخول اليوم الأول من رمضان يشرعون فى تغيير بعض العادات والسلوكيات التى ترسخت من عام فائت، وتبدأ مظاهر وسلوكيات جديدة فى الظهور على نظام الناس اليومى لم تكن موجوده فى الغالب قبل هذا الشهر، والملفت للنظر فى هذا الأمر أن الناس تستطيع أن تتغير بسرعة شديدة وتتكيف مع الوضع الجديد على الرغم من صعوبة ذلك فى غير هذا الشهر والسبب فى هذا - من وجهة نظرى - أن شهر رمضان يخاطب مشاعر ووجدان الناس ويأخذهم قليلا من المادية الخانقه طوال العام فيمدهم بطاقة روحانية تساعدهم على إحداث التغيير فنجد مثلا الشخص الذى تعود أن يتناول الفطور مبكرا لا يتناوله إلا مع دخول وقت المغرب ... إلى غير ذلك من الأمثلة، وكما سبق أن ذكرنا أن الناس تنجح - فى الغالب - أن تغير من أنفسها وتتكيف مع الوضع الجديد ويستمر هذا التغيير إلى مدة 30 يوما متصلة وأيضا ينجح الناس - فى الغالب- على الصمود، فلماذا إذا بعد رمضان نعود إدراجنا إلى الخلف، فنحن نجحنا فى إحداث التغيير فلماذا لا نستمر فى هذا، بمعنى أن نظل نحافظ على ما اكتسبنا من مظاهر إيجابية ونحاول تعديل ما عندنا من عادات سلبية، وسوف نندهش من النتيجة لأن النتيجة مضمونه وهى "النجاح"، نعم نحن نستطيع أن نغير من واقعنا المعاصر، ولكن ينقصنا فقط أن نحاول تغيير هذا الواقع ولنستفد من التدريب الرمضانى، ولنتعلم سويا أن التغيير الجزئى هو فقط بداية للتغيير الكلى وهو أفضل على كل حال من الجمود والتحجر وفى الختام كل عام وأنتم بخير.
