الفقر هو مرض العصر وداؤه فى الكثير من الدول وبخاصة الدول العربية والإسلامية!
وبالعودة إلى الديانات السماوية والتى نزل بها جبريل عليه السلام إلى أنبياء الله، لوجدنا أن تلك الشرائع المقدسة قد وضعت آليات ومناهج لو أخذ بها الإنسان لما كان على الأرض إنسان فقير، بل إن تلك المناهج تصل بالفقراء إلى حد الكفاية، وحتى العقائد الوضعية التى ناد بها بعض الفلاسفة والمصلحين كانت لديهم نفس النزعة إلى الأخلاق والقيم الحميدة.
إذن فالفقر ليس صناعة الغنى سبحانه وتعالى، فقد وضع لنا المنهج ونحن من أهملنا استعماله.
فهل الفقر صناعة الأغنياء؟
فى الإجابة عن هذا السؤال حدث ولا حرج، فقد انتهت وظيفة بيت مال المسلمين منذ وفاة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، أى ما يقرب من 1300 سنة – عندما اكتظ بيت مال المسلمين بأموال الزكاة – وخرج يبحث عن المحتاجين والفقراء والمساكين فى الطرقات ولم يجد من يطلب، بعكس هذه الأيام فراغ فى بيت مال المسلمين وكثرة المحتاجين.
ويرجع ذلك لأسباب سياسية وانفصالية ومفاهيم اقتصادية خاطئة وبعدنا عن كتاب الله، وهى : التفتيت والتقسيم للأمة الإسلامية، بعكس ما سبق حيث كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه وأرضاه، عندما ينظر إلى السماء ويجد بها سحابة، فيقول أمطرى حيث تشائين فسوف يصل إلى خراجك.
وبعد التقسيم تحزبت الكيانات ولم تفيء بما أفاض الله عليها بالخير لتنظر إلى بقية الكيانات الأخرى التى تجمعها الإخوة فى الإسلام واللغة إلا من بعض الفتات قياسا بالثروات التى وهبها لها الله. (فى افتتاح فندق فى دولة الإمارات الشقيقة لأحد الفنادق تم إنفاق مبلغ 20 مليون دولار على الألعاب النارية).
أما السبب الثانى: توجيه الفائض من الأموال إلى البنوك الغربية وتظل موارد معطلة، بالنسبة لتلك الدول وعدم استثمارها فى إقامة مشاريع ضرورية للحياة والتى تفتح أبواب الرزق من حيث توفير فرص العمل للبطالة الموجودة والتى نعانى منها فى مجتمعنا العربى، بل على العكس تلك الفوائق تستخدم فى الخارج للارتقاء بمستوى الحياة الاقتصادية للمواطن الغربى وليتها كانت للمواطن العربى – ويا لسخرية الحروف – فلعنا نستبدل حرف الغين بحرف العين.
أما السبب الثالث: فى الدول التى تعانى الفقر تجد الآتى.. يقوم المستثمرون بالحصول على مميزات من ناحية الأراضى المخصصة لهم والممنوحة لهم بأسعار زهيدة وأيضا الإعفاءات الضريبية والجمركية والتى تنمى وتعظم من رأسمالهم، هذا بالإضافة إلى عدم تدخل الدولة نهائيا، بل وتطلق حرية أصحاب الأعمال فى فرض الأسعار التى تحقق لهم من الأرباح حتى ولو كانت بعيدة عن منهج الحق والعدل، علاوة على عدم جودة المنتج بالقياس بمثيله المستورد، بجانب تدنى مستوى الأجور قياسا بمستوى الأجور فى الخارج، بل واعتبار العامل عبدا كله مباحا وقته وصحته وعمره دون أى ضوابط أو ضمانات حقيقية تحفظ له حقه، ولن نغفل دور البنوك.. حيث إنها تفتح مصراعيها لرجال الأعمال فى الحصول على الملايين من الجنيهات أو الدولارات بضمانات أو غير ضمانات لتطوير أو لإقامة المشروعات، ولا يسمح لصغار المواطنين.
أيضاً الفساد الذى يحمى رأس المال، لأنه أثبتت كل تجارب الدول بأن الحاكم الفعلى لأى دولة ليست الحكومة ولا الحزب ولا أى تيار سياسى، بل الحاكم الفعلى والمسير لمقدرات البلاد هو رأس المال، وهوى أصحابه.
ونعود للسؤال وأعتقد أنه ومن وجهة نظرى أجد بأن الفقر صناعة الأغنياء وليس الغنى سبحانه وتعالى.
ليتهم لا يكنزون أموالهم، ليتهم يعلمون بأن الاستثمار مع الله خير استثمار – ليتهم يعلمون أنه ما نقص مال من صدقة، ليتهم يعلمون الإسلام حق المعرفة، ليتهم يعودون إلى الله، ليتهم يعودوا إلى إنسانيتهم.
سامى عبد الجيد أحمد يكتب..الفقر.. صناعة الحكومات..أم صناعة الأغنياء؟
الجمعة، 14 أغسطس 2009 10:11 ص