أكد معهد واشنطن، لدراسات الشرق الأدنى، فى تقرير له على أن الولايات المتحدة الأمريكية فى طريقها للانفتاح على القاهرة بشكل غير مسبوق فى العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى أن موقف إدارة أوباما ربما يأتى رداً على رفض السعودية ـ التى وصفها التقرير بـ"الشريك المفضل لإدارة بوش" ـ للعديد من مبادرات أوباما.
واستعرض التقرير الذى أعده كل من ديفيد سشينكر، مدير برنامج السياسات العربية بالمعهد، وسكوت كاربنتر مدير برنامج "فكرة" الذى يركز على تمكين الديمقراطيين العرب، عوامل القرب بين القاهرة وواشنطن، موضحاً أن لسياسات أوباما دوراً كبيراً فى ذلك.
وقال التقرير إنه فى مقابل زيارة أوباما للقاهرة، وتوجيه خطاب للعالم الإسلامى على أرضها، فإن القاهرة اتخذت من جانبها عدة إجراءات تصادف توافقها مع مطالب الإدارة الأمريكية من جهة، وضرورات الأمن القومى المصرى من جهة أخرى، مثل ممارسة الضغوط على حركة حماس، من خلال تشديد إجراءات تهريب السلاح من مصر إلى قطاع غزة، وكذلك القبض على خلية حزب الله فى مصر والتى أعلنت عنها السلطات المصرية فى أبريل الماضى، الأمر الذى كان بمثابة ضربة قاسية للنفوذ الشيعى فى المنطقة، ونال من شعبية حزب الله وإيران لدى المصريين. ووصف التقرير زيارة مبارك المقبلة، بـ"صفقة" استعادة العلاقات بين القاهرة وواشنطن، مشيراً إلى أن هذه الزيارة تأتى فى الوقت الصحيح فى ظل التكهنات بأن مصر ستواجه مرحلة انتقال سياسى وشيكة.
وأكد التقرير أن المصالح المشتركة، هى التى تدفع بالعلاقات الأمريكية ـ المصرية نحو التحسن، حيث أن نظام مبارك لم يحقق أى إنجاز، ولا يزال سجل حقوق الإنسان والديمقراطية منذ عام 2005 متدهوراً، بحسب تقرير "فريدم هاوس" وغيرها من المنظمات الحقوقية. ومنذ عام 2006، وضعت مصر إجراءات قمعية ضد جماعة الإخوان المسلمين فى حملة اقترنت بموقف اقتصادى متأزم، وساهم ذلك فى إثارة حالة من الغضب الاجتماعى. وقد شهدت مصر هذا الصيف موجة من الإضرابات من قبل العمال المحتجين المطالبين بحقوقهم وأجورهم، وذلك فى أعداد لم ترها مصر منذ عقود. كما أجبرت أزمة الخبر مبارك فى العام الماضى على إصدار أوامر للجيش بخبز وتوزيع الخبز، وهى مهمة لا تزال مستمرة.
وأضاف التقرير: لعل أفظع خطوة إلى الوراء كانت إدماج العناصر الأساسية لقانون الطوارئ فى الدستور عام 2007 خلال التعديلات الدستورية التى تمت فى هذا العام، والتى وضعت أيضا معايير على اختيار مرشحى الرئاسة تؤكد على أن نجل الرئيس، جمال، قد يخوض السباق، وهو الأمر الذى يعارضه كل من الإسلاميين والأحزاب.
كما عرض التقرير التوتر الذى شاب العلاقات المصرية الأمريكية منذ أحداث 11 سبتمبر والذى وصل إلى ذروته بعد الخطاب الذى ألقته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2005 والذى قالت فيه "طوال ستين عاماً، دافعت الولايات المتحدة عن الاستقرار على حساب الديمقراطية فى المنطقة، ولم نحقق أياً منهما". كما زادت العلاقات سوءاً بين البلدين بعد أن دعا الرئيس بوش مبارك إلى إفساح الطريق للديمقراطية فى الشرق الأوسط.
ويستعرض التقرير التحول فى موقف أمريكا من القاهرة، ويؤكد أنه على خلاف ما كان عليه الوضع فى ظل إدارة جورج بوش، لم يحتج المتحدث باسم البيت الأبيض على أى اعتقال حدث فى القاهرة، بالإضافة إلى ذلك، فإن الإدارة الأمريكية وعدت بمساعدات إضافية فى المستقبل مقابل خفض تمويل برامج تعزيز الديمقراطية فى مصر بأكثر من 60%، وانخفض تمويل برامج مساعدة المجتمع المدنى بأكثر من 75%.
والأهم بالنسبة لبلد شهد نفوذه وصورته فى العالم العربى تآكلاً خلال العقود الثلاثة الماضية، كانت مكافأة الرئيس أوباما بإلقاء كلمته إلى العالم الإسلامى من مصر باعتبارها قلب العالم العربى. ورغم أنه ذكر الديمقراطية فى خطابه، إلا أنه لم يشر بشكل مباشر إلى مصر، وكذلك لم يتحد العالم العربى بنفس الطريقة التى فعلها مع الأفارقة بعدئذ.
ومع احتمال حدوث انتقال للسلطة فى مصر قريباً، فإن زيارة مبارك قد تأتى فى الوقت الصحيح لإعادة تقديم قضايا الحكم فى الأجندة الثنائية بشكل جدى وإن كان أقل علانية. فاستقرار مصر على المدى الطويل ونفوذها وأهميتها على المحك.
إدارة أوباما تتخلى عن حليف بوش.. وتفتح صفحة جديدة مع مصر..
معهد واشنطن: أمريكا تدير ظهرها للرياض لصالح القاهرة
الخميس، 13 أغسطس 2009 06:52 م