◄باع فندقى جراند حياة بسعر فندق واحد.. والمالك الجديد اكتفى بتشغيل واحد تمهيدا لبيع الثانى بأضعاف ثمن الصفقة
اقترن اسم الدكتور عاطف عبيد، رئيس وزراء مصر السابق بالخصخصة، كما اقترنت الخصخصة بـ«بيع مصر» عند العامة والمتخصصين، ليصبح عاطف عبيد بالتبعية متهما بالتورط فى بيع أصول مصر، وهى أقل الاتهامات التى وجهت لكل من تعامل مع ملف الخصخصة، الذى تغيرت الأسئلة حوله من «كيف تمت عمليات بيع شركات القطاع العام؟» فى البداية، «إلى أين ذهبت أموالها؟!».
«الكارثة» هو المصطلح الذى لم يجد الدكتورa حمدى عبدالعظيم، الخبير الاقتصادى، والرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، غيره ليصف به نتائج سياسة الخصخصة التى وصف عبيد بـ«مهندسها»، ورجلها الأول، وأكد عبدالعظيم أن فكرة التحول إلى نظام السوق المفتوح ليست سيئة، إذا تمت إدارتها على النحو الأمثل، للنهوض بشركات القطاع العام الخاسرة، بضخ أموال جديدة فيها تقيلها من عثرتها، أو بيعها والاستفادة بأموالها لإقالة غيرها من شركات القطاع العام من عثرتها، لكن ما حدث فعليا، والكلام هنا مازال لعبد العظيم، عكس ذلك تماما، حيث بيعت الشركات الرابحة بثمن بخس، لا يرقى إلى سعر الأصول الثابتة المملوكة لها، وأنفق من ثمن هذه الشركات على تطوير الشركات الخاسرة، لتباع بعد ذلك بأقل من التكلفة فيما يعد إهدارا صريحا لموارد الدولة القومية.
عبدالعظيم أكد أن عاطف عبيد بدأ سياسة الخصخصة منذ أن كان وزيرا لقطاع الأعمال العام، حتى كلف برئاسة الوزراء، التى منحته صلاحيات أكبر للتوسع فى الخصخصة التى تمت بأسرع ما يمكن، دون تخطيط كاف أو ضمانات واشتراطات واضحة وصارمة لضبط عملية البيع، التى تمت بتقديرات أقل كثيرا من قيمة الأصول التى بيعت، وكأن عاطف عبيد «كان عايز يبيع وخلاص»، على حد قوله، وكانت النتيجة الكارثيه التى أشار إليها عبدالعظيم من البداية، فاختفت شركات ضخمة بالكامل بمجرد خصخصتها، وامتنعت شركات أخرى عن منح عمالها حقوقهم ومستحقاتهم فى التأمينات والمعاشات، وأكد عبدالعظيم أنه بالرغم من إسقاط صندوق النقد الدولى لـ50% من ديون مصر الخارجية، لبدئها برنامج الإصلاح الاقتصادى بخصخصة القطاع العام؛ إلا أن خسائر سياسة الخصخصة «الفاشلة» تسببت فى خسارة مليارات الجنيهات، دون أن تحقق حكومة عاطف عبيد الهدف الرئيسى لعملية الخصخصة.
وأوضح عبدالعظيم أن أهم سلبيات حكومة عاطف عبيد فى الخصخصة كانت الضمانات والاشتراطات الخاصة باستمرار أنشطة الشركات وتنميتها بعد بيعها، والتى أكد أنها لم تكن واضحة، وكانت النتيجة ذهاب الشركات إلى رجال الأعمال الذين حققوا مكاسب مضاعفة، وضرب عبدالعظيم مثلا ببنك الإسكندرية الذى استحوذ عليه مستثمر إيطالى هو مجموعة «سان باولو» المصرفية، ولقصور ضمانات البيع فإنه استطاع الاندماج مع أحد البنوك الإسرائيلية فيما بعد، دون أن تملك الحكومة الحق فى منعه أو مساءلته، لعدم وجود ما يمنع ذلك فى عقد البيع، ويشير عبدالعظيم إلى صفقة بيع فندقى جراند حياة، التى انتهت بتشغيل أحدهما، وإغلاق الثانى بغرض «تسقيعه» تمهيدا لبيعه بملايين الجنيهات نظرا لموقعه المهم على نيل القاهرة، فلا إدارة جراند حياة الجديدة نمت موارده، وأنشأت غرفا فندقية جديدة، ولا هى تركته يعمل بكامل طاقته التى اشترته عليها، بل خفضتها، وخفضت معها العمالة، لتتمكن من تسقيع المبنى الآخر، الذى يساوى ثمنه منفردا، ثمن الصفقة التى بيع فيها الفندقان مجتمعين.
ما حدث فى جراند حياة سيناريو تكرر فى بقية الشركات التى تمت خصخصتها، والتى لم تكن كلها شركات خاسرة كما روجت الحكومة، على العكس لم تتعد الشركات الخاسرة الـ60 شركة من أصل 314 شركة تم طرحها للبيع وقتها، فى حين أن الشركات الرابحة كانت 254 شركة، وكانت صفقة بيع شركة النصر للغلايات الشهيرة بـ«المراجل البخارية» من أكثر الأمثلة الصارخة على فساد الخصخصة فى عهد عبيد، بعد أن تم بيعها فى الوقت الذى كانت تحقق فيه أرباحا كبيرة، وتضم أكثر من 1100 عامل.
وما حدث مع شركة المراجل، هو سيناريو الخصخصة الذى تكرر مع جميع الشركات الرابحة، والتى تمت تصفيتها وتفكيكها، لتتضخم علامات الاستفهام الخاصة بصفقات الخصخصة الغامضة حتى الآن، لكن هذا الغموض لا يعفى الدكتور عاطف عبيد من مسئولية هذه الصفقات التى أثبت أغلبها فشله، بحسب تأكيد الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، الذى أكد أن عاطف عبيد يتحمل تبعات الخصخصة كاملة باعتباره المسئول الأول عنها، وراعى برنامجها من البداية، لما شابها من أخطاء ترقى إلى «حد الكوارث» على حد قوله.
الفقى فجر مفاجأة بتأكيده أن الدكتور عاطف عبيد كان من أفضل من يمكنه وضع خطط الخصخصة، لأنه كان ملما بالفكرة، وبأهدافها إلى حد كبير، لكنه لم يكن يملك نفس البراعة فى تنفيذ البرنامج، أو وضع آلياته، مؤكدا على أن اسم عاطف عبيد سيقترن دوما ببرنامج «الخصخصة» باعتباره ذكرى أسوأ تخريب تعرض له الاقتصاد المصرى على مر التاريخ.
لمعلوماتك...
◄ 16.6 مليار جنيه قيمة بيع الشركات فى عهد عبيد