بعد قضية سياج، يتساءل الكل عما إذا كانت هناك قضايا مماثلة ضد مصر فى التحكيم الدولى أم لا؟، ويفرض السؤال نفسه نظرا لضخامة التعويضات التى قد تنتهى إليها مثل هذه القضايا فى حالة خسارتها، وهو ما يتوقعه بعض الخبراء فى هذا المجال، والأسباب التى يرونها تؤدى الى خسارة مصر، بالإضافة إلى خسارة قضايا مماثلة تخص دولا عربية، تتمثل فى عدم وجود محكمين عرب، كما أن نظام التحكيم المحدد طبقا لاتفاقية أكسيد يشكل خطورة كبيرة وتهديدا لأمن حكومات العالم الثالث، ومنها مصر، وهو ما يستلزم ضرورة إعادة النظر فى الاتفاقيات الثنائية المبرمة وكيفية معالجتها، ونشر الثقافة لدى رجال الأعمال العرب بأهمية وفوائد اختيار المحكمين من الجنسيات العربية ومقر التحكيم الذى يكون له تأثير كبير على تكاليف التحكيم، وطالبوا بضرورة وضع تشريع يمنع حاملى الجنسية المزدوجة من استغلال الجنسية الثانية لمقاضاة الحكومة المصرية.
الدكتور ماجد خلوصى رئيس الاتحاد العربى لمراكز التحكيم الهندسى أكد أن أطراف العقد فى مصر دائما ما تتساهل فى بنود العقد وتقدم للتحكيم الدولى «بيضة على طبق من فضة».
ووصف خلوصى ما يفعله عدد من المسئولين بالتهاون فى الحقوق المصرية «بالرجس» على حد قوله خاصة فى قضية سياج.
وقال خلوصى إن قضية سياج تعد كارثة بكل المقاييس ويجب محاكمة المسئولين عنها، مؤكدا صعوبة عدم تنفيذ الحكم حيث من الممكن أن يلجأ سياج إلى البنك الدولى ليطلب من الحكومة المصرية سداد المبلغ، أو يسدد عنها فى صورة قرض افتراضى لمصر بفائدة قدرها 15% سنويا، ويحصل المبلغ من نصيبها من قروض البنك الدولى، وحذر خلوصى من تعرض الشركات العقارية أيضا لخسائر تقدر بالمليارات جراء عدم الوعى بفنيات التعاقد مع الشركات الأجنبية، موضحاً أن مكاتب التحكيم فى مصر تتجاوز الـ10 مكاتب ولا يلجأ إليها أحد، واصفا البعض منها بأنها مجرد دكاكين عشوائية، مطالباً فى الوقت ذاته بضرورة وجود رقابة عليها، وأكد خلوصى أن بعض الفئات من العرب مقتنعون أن مصالحهم الشخصية تلقى حماية أكبر إذا ما سلمت لمحكم غير عربى وهو وهم كبير بدليل نسبة الأحكام التى صدرت ضد المصالح العربية.
كما أكدت دراسة حديثة أعدها الاتحاد العربى لمراكز التحكيم الهندسى، أن نحو 745 قضية تحكيم دولى للدول العربية تنظر أمام غرفة التجارة الدولية، تصل حصة مصر منها 150 قضية، وذكرت الدراسة أن العالم العربى قدم لغرفة التجارة الدولية ما يقرب من 14% من حجم القضايا التى عرضت أمامها من نسبة الـ30% التى قدمها العالم الثالث، وتبلغ حصة مصر نحو 20% من القضايا العربية المرفوعة.
وكشفت الدراسة أن عدد المحكمين المصريين فى هذه القضايا البالغ عددها 150 قضية لم يزد عن 7 محكمين من إجمالى 450 محكما، الأمر الذى يعد ظاهرة مؤسفة للغاية، وأكدت الدراسة أن العالم العربى مستمر فى تغذية تحكيمات غرفة التجارة الدولية وفقا لتدفقات ثابتة بمعدل 100 طرف عربى تقريبا يتقدم للتحكيم سنويا.
وأكدت الدراسة أن المحكمين العرب لم يشغلوا رئاسة المحاكم بغرفة التجارة الدولية سوى 4 مرات فقط من إجمالى 745 قضية على الرغم من وجود كفاءات تحكيمية مصرية على أعلى مستوى، كما أن مكان التحكيم يحدد فى أغلب الأوقات من قبل أطراف العقد، وتحدد فى شرط التحكيم قبل نشوء النزاع ويكون دور هيئة التحكيم تحديد المكان فى حالة عدم وروده بالعقد، أو حالة اتفاق الأطراف على تغييره والاختيار الغالب لأوروبا من فعل الأطراف نفسها.
وأكدت الدراسة خطورة نظم التحكيم الحالية والمحددة فى اتفاقية أكسيد والموقع عليها من قبل 156 دولة حيث توفر للمستثمر الأجنبى نظاما دوليا يضمن له مقاضاة الدولة المضيفة لاستثماراته مباشرة.
وقد عرض لمصر أمام أكسيد 10 قضايا خلال السنوات القليلة الماضية منها هضبة الأهرام، حيث قضى بتاريخ 16يناير 1983 بإلزام الحكومة المصرية بسداد نحو 16.75 مليون دولار أمريكى وسبق ذلك حكم آخر عن ذات القضية أمام غرفة التجارة الدولية بباريس بمبلغ 12.5 مليون دولار، وقضية «وينا للفنادق» وحكم لصاحب الشركة بتعويض قدره 20 مليون دولار لاكتسابه الجنسية المصرية والبريطانية، وقضية شركة «أسمنت الشرق الأوسط للشحن والتفريغ»، وقضى فيها بإلزام الحكومة المصرية بدفع 4 ملايين دولار تعويضا للشركة، ثم قضية «هلنان» وأخيرا قضية «سياج» والتى تشغل الرأى العام.
وأكد نبيل عباس نائب رئيس الاتحاد العربى لمراكز التحكيم أن حجم الخسائر التى تعرض الاقتصاد العربى لها بسبب خلافات عقود الإنشاءات تتراوح مابين 15 إلى 20 مليار دولار سنوياً.
ومن القضايا المحتمل خسارتها فى الأيام القادمة قضية «ماليكورب» والتى بدأت فى العاصمة الفرنسية باريس، نظر الدعوى المقامة من شركة «ماليكورب» ضد مصر أمام مركز تسوية المنازعات التابع للبنك الدولى «أكسيد»، بسبب إلغاء الحكومة المصرية عقد إنشاء مطار رأس سدر ومن المنتظر أن يصدر حكم لصالحها ضد مصر.
وتعود قضية ماليكورب إلى أغسطس من عام 1999، حينما أعلنت هيئة الطيران المدنى عن مناقصة إنشاء مطار رأس سدر وإدارته، التى تم فيها اختيار عرض شركة ماليكورب وتوقيع العقد معها فى 28 مايو 2000، إلا أن الحكومة المصرية ألغت العقد فلجأت الشركة للتحكيم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة