شريف حافظ

الاحتيال باسم الله

الخميس، 13 أغسطس 2009 09:27 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان أول من كفر المؤمنين فى الإسلام، هم الخوارج، ومضى على آثارهم كل من يرى فى فكرهم التكفيرى سلطة إضافية على رؤوس العباد، وليس منطقا، ومنهم مسلمون من متبعى المذهب السنى، ممن يحيون بيننا اليوم. ولم يكن بالإسلام ما يُدعى برجال دين، لأن هذا يعطى البعض حق لم يمنحه الإسلام لأى منهم، بحيث يكونوا وسيطا بين العبد وربه، وبالتالى يدخلون الكهنوت فى الإسلام، وهو ما حرم الله فى نص القرآن (يوجد دُعاة لتبليغ الدين وعُلماء للدين فقط). وخلط هؤلاء بين الدين والمال، بحيث أصبحوا يتكسبون من الدين (كتجارة)، وهو الأمر الذى لا يجوز شرعاً، حيث الدين لا يختلط بالتكسب المادى، لأن هذا يفسده كقيمة روحانية.

وصور هؤلاء للناس، أن الإسلام يشمل كل أمور الحياة (فالإسلام دين شامل، يتوافق مع عقل ومنطق الأمور كما جاء فى وحى الله عز وجل)، وليس كما يفسره رجال الكهنوت هؤلاء ليلغوا عقل العباد وتصبح لهم المرجعية الأعلى، وذلك بتفسيرهم القاصر للآية، "وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم، ما فرطنا فى الكتاب من شىء ثم إلى ربهم يحشرون"، على أساس أن "الكتاب" المقصود فى الآية، هو القرآن. إلا أن أغلبية المفسرين، ذهبوا إلى أن الكتاب المقصود فى تلك الآية، هو "اللوح المحفوظ" عند الله عز وجل، والدليل، ما ذكر فى القرآن نفسه، عند قول الله عز وجل، "ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما". فالله سبحانه وتعالى يقول للرسول صلى الله عليه وسلم فى القرآن، إن هناك رسلا لم يقصص قصصهم عليه صلى الله عليه وسلم، وهو ما يتنافى مع قوله تعالى إنه لم يفرط فى الكتاب من شىء، فى حال قصد الله، عز وجل، الحديث حول القرآن! إن فى قصور تفسير تلك الآية من قبل هؤلاء، حض على إلغاء العقل، حتى يصبح رجال الدين هؤلاء، بمفردهم، العقل المُفكر للأمة ومالكى مفاتيح الدين، وهم لم يطلعوا على شئون الدنيا كلها، كى يكونوا أعلم بشئون دُنيانا! وبرغم أن الله هو الوحيد، الذى يُمكننا وصفه بالوحدانية، وما دونه بالتعددية، فان مدرستهم الأُحادية التفسير، أصبحت هى القابضة على عقول وأفئدة العباد، ليقلبوا صورة الله فى خلقه، ويؤسسوا لآلهة مع الله، والعياذ بالله، على الطريق الصريح للشرك به، سبحانه!

وبدأ هؤلاء، فى ترهيب كل من يستخدم عقله ليُفكر فى دين الله، ويرهبوه وإن لم يرتدع، كفروه. فكيف للناس أن تكتشف أنهم اختلقوا كهنوت، مشوها لروح نص القرآن؟ وفى هذا الإطار، صمتت ألسنتهم، عن كل النصوص التى تحض الأمة على القيام من غفلتها الطويلة..

فلا يتكلم هؤلاء عن قيم العلم والعمل والوقت والإصلاح ولم يستطيعوا أن يكونوا قادة يأخذوا الأمة وراءهم نحو الصلاح، بل مقودين، يمضون وراء رؤية رجل الشارع، فيما يتعلق بالإفتاء فى أمور الجنس والانحراف الأخلاقى والرذيلة، وبالتالى، كان أغلب ما أفتوا به فى السنوات القليلة الماضية، مما آثار اللغط، متعلقا بتلك النقاط.

فكانت فتوى إرضاع الكبير وكانت فتوى زواج صغيرة السن أو الطفلة، وفتاوى أخرى مثل قتل ميكى ماوس وطهارة بول الإبل، مما عكر صفو إيمان المسلم بدينه، وخلق تيار أكثر تشدداً عن ذى قبل. فبدلاً من الاهتمام بالآيات والأحاديث الحاضة على العمل والعلم، قاموا ولم يقعدوا من أجل فتاوى يُمكن أن تكون أهم شأناً، لو أننا نجلس على قمة العالم، ولكنهم يعملون على تسفيه المرأة، المرأة، التى أوصى بها الرسول عليه الصلاة والسلام فى خطبة الوداع (رفقاً بالضعيفين)؛ المرأة، التى تمثل الأم التى أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات؛ المرأة، التى هى أخت وزوجة وابنة؛ ومن أجل تذكير الرجل دوماً بغرائزه، فان كان يتقى الله، تذكر أن هناك مخارج "شرعية" من هذا السجن الكهنوتى بفتاوى كهنوتية أيضاً، مثل زواج المسيار، الذى أُحل فى مصر مؤخراً، وأصبح ذريعة للإمتاع، بينما حربهم قائمة ضد مرادفه الشيعي، الذى هو زواج المتعة، وكلنا نعرف، كيف يتم إستغلال زواج المسيار! كما لم نسمع منهم فتاوى حول تزويج "الأشقاء" ممن يزورون مصر صيفاً، لفتيات صغيرات، لمدة أسابيع قليلة أو أقل وربما أيام، وكأن هذا الأمر لا يعنيهم، من قريب أو بعيد!
إن تلك، عطايا "جنسية"، للعباد، من رجال كهنوت الإسلام، فنرى كثرة كلامهم حول تعدد الزوجات، وتسفيه المرأة، وتسفيه العقل المُضاد لفكرهم وعدم الحديث عن الإيجابيات الحاضة على النهوض من علم وعمل. ولكن، وإذا ما فكرنا قليلاً فى هذا الأمر، سنجد أن فائدتهم كبيرة للبعض، وعلى رأس هذا البعض، الحكومة ذاتها! فهم يقومون بتسكين آلام الفقراء، بأن يقولوا لهم، إن لهم الآخرة، بينما الأغنياء، لهم الدنيا! إنهم سيخلدون فى الجنة بينما سيخلد الأغنياء فى النار، وبالتالى، فان خطابهم خطاب تفريقى، يحض على تسكين الآلام والمُعارضة للنظام، والحض على الخمود! وبالنسبة للأشقاء، فان عدم الإفتاء بحرمانية "زيجات الصيف"، هو هديتهم للحكومة، حتى تزيد السياحة فى مصر! أما من يسحب البساط من تحت أقدامهم، فيجب وأن يُكفر، حتى لو كانت الحكومة ذاتها! وقد أصبحت لهجتهم مؤخراً، مُقدسة لأنفسهم، بعدما أكسبوا أنفسهم، مكانة الصحابة، حيث يكتب على سبيل المثال، الشيخ القرضاوى، أسماء أعضاء الإخوان المسلمين، مُصاحباً كل اسم بعبارة "رضى الله عنه"!! لقد وصلوا إلى أن شبهوا أنفسهم بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالتالى يصبح السؤال: ما هو التشبيه القادم؟؟!

إن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، هو آخر الأنبياء، والإسلام، هو آخر الأديان من الله، ولن نؤمن بدين جديد! وقد قال أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، "من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حى لا يموت"، وبالتالى، فإن التباكى اليوم، على وفاة الرسول، صلى الله عليه وسلم، إنما يشبه البكاء على الأضرحة، التى منعوها هم بأنفسهم، ورسالة الإسلام، تكمُن فى تبليغ الدعوة بالحسنى وليس تبليغ من آمن بالفعل والوقوف على رقابهم، مُشددين دينهم، بخلق المزيد من الكهنوت، الذى يجب وأن يتم القضاء عليه تماماً، حتى لا يزيد المؤمنين ابتعاداً عن دينهم! إن التطرف وتشديد الواجبات الدينية، بأكثر مما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، الذى وصف الدين باليسر وليس العسر، يُمكنه أن يكون عامل دفع، لتحفيز العباد على النفاق، وليس الإيمان والتقرب من الله عز وجل، الذى هو قريب يجيب دعوة الداعى إذا دعاه، ولا يحتاج لوسطاء، بينه وبين عباده! إن رجال الدين هؤلاء، إنما يحتالون باسم الله، على العباد، من أجل مد سلطانهم والتكسب المادى من وراء الدين، ويسهمون إسهاماً أكبر من الصهيونية العالمية والإمبريالية والماسونية و..و.. و.. - كل ما يطلقون من ألفاظ يعنون بها أعداء الأمة - فى توطيد أسباب فشل تلك الأمة. وإما أن يتراجعوا عن تلك الخطايا، أو أن يدفعوا وندفع معهم الثمن الذى سيتجاوز كل ما دفع المسلمون من هزائم خلال تاريخهم السابق!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة