«لو عاوز أستقوى بالخارج، ماكنتش استحملت خمس سنوات أمام المحاكم» بعبارة واحدة لخص الدكتور رؤوف هندى موقفه من فكرة الاستعانة بالخارج للحصول على حقوق طفلتيه فى بطاقة شخصية تثبت أنهما مواطنان مصريان، بهائيان.
وموقف الدكتور رؤوف هندى ينسحب على الجماعة البهائية فى مصر، منذ أن وضعتهم الدولة ضمن حساباتها فى الستينيات وحتى الآن. «نحن ملتزمون بطاعة أولى الأمر، ونعلم أن الحكومة فى صفنا» عبارات أكدت بها الدكتورة بسمة موسى أحد أشهر الوجوه البهائية فى مصر أن البهائيين لم يفكروا فى أى وقت من الأوقات أن تكون قضيتهم ضمن أوراق الضغط الخارجى على مصر. وسواء اقتنعت أنت بحق البهائيين فى اعتناق ما يشاءون، أم كان لك رأى آخر، فإن هذا الملمح فى علاقة البهائيين بالدولة لن يغيب عنك.
ولك فى هذا المثال أسوة حسنة، ففى حين كانت منازل البهائيين تحترق فى الشورانية بسوهاج بسبب حلقة من برنامج الحقيقة دعا فيها الصحفى جمال عبدالرحيم لقتل البهائيين، وتكفيرهم لم تخرج تصريحات الدكتورة بسمة موسى عن «نثق فى القضاء المصرى العادل» كما لم تخرج تحركات البهائيين بالتعاون مع عدد من المنظمات غير الحكومية فى مصر عن وقفات احتجاجية أمام مكتب النائب العام، ومناشدات للدولة لحمايتهم من موجة التطرف والكراهية ضدهم.
وبنظرة للوراء، وبالتحديد منذ قرر الرئيس عبدالناصر إغلاق المحفل البهائى فى الستينيات، بإيعاز من السوريين وبدعوى أن لهم أذرعا خفية تمتد إلى إسرائيل، لم يحدث أن سلكت الجماعة البهائية فى مصر أى طريق آخر بخلاف اللجوء للقضاء، وأمام الحبال الطويلة لساحات المحاكم، كان رد الفعل الوحيد للبهائيين هو «الانتظار»، ثم معاودة «الانتظار».
حاول مثلاً أن تستحث الدكتورة بسمة على الكلام، قل مثلاً ألا تشعرون بالملل وفقدان الأمل من طول الانتظار فتجيبك «نعلم أن الدولة ستستجيب لمطالبنا» اسـألها مثلاً ألا تعتقدين أن إجباركم على قضاء كل هذا الوقت دون إثبات معتقدكم فى البطاقة الشخصية يعكس إهمالاً أو تقصيراً من جانب المسئولين، فتقول «الدولة أعلم بالظروف، وتعرف الوقت المناسب لكل خطوة»، واسألها هل تشعرون بالخوف من الكلام، فستجدها تقول لك «مطالبنا مشروعة، وقانونية، ونخشى المتطرفين، وليس الحكومة».
الأمر نفسه إذا أنت حاورت الدكتور رؤوف هندى، الذى قضى سنوات طويلة فى المحاكم لإثبات حق ابنتيه فى بطاقة شخصية، وهو يقول ركزت جهودى فى القضية على أربعة محاور أولها القضاء المصرى، ثم منظمات حقوق الإنسان المصرح لها بالعمل فى مصر، ثم الإعلام، وأخيراً الشخصيات الليبرالية المؤمنة بحرية العقيدة. ثم يقول «لا أجد سبباً فى الاستقواء بالخارج طالما يعطينى القضاء المصرى حقى فى النهاية، حتى لو بعد خمس سنوات».
وفيما يواصل البهائيون مشوارهم القضائى فى صمت منذ عقود، فجرت بطاقات الرقم القومى أزمة حاول الكثيرون فى الداخل والخارج استخدامها إلا البهائيين أنفسهم. فالبطاقة غير مسموح فيها سوى بالديانات الثلاث الرسمية، وبالتالى هم مجبرون على كتابة دين لا يخصهم، أو الامتناع عن استصدار بطاقة شخصية من الأساس، وفى كل المناسبات كان البهائيون يكررون «نعانى من موت مدنى، ومصالحنا متوقفة، ونطالب بتصحيح الموقف» دون أن يزيدوا على ذلك من عبارات الشجب والإدانة شيئاً يذكر.
وحاولت العديد من الجماعات والمنظمات فى الداخل والخارج إدخال قضية البهائيين إلى أجندتهم، أو تسريب بعض مما فى أجندتهم للبهائيين، لكن دون استجابة. فتناولت قضيتهم منظمات قبطية بالخارج محاولة الربط بين قضايا الأقباط، وقضايا البهائيين فى مصر بحسبة أن كليهما يصب فى إطار حرية المعتقد، لكن البهائيين ظلوا على حالهم، وفى حالهم.
وتناولت قضيتهم منظمات غير حكومية مصرية وفى الإطار نفسه داعين إياهم للوقوف على المنصة والكلام، فكان البهائيون يحضرون مرة، ويغيبون مرات معتذرين عن الدعوة.
وفيما سيطرت حكايات وقصص المتنصرين، والمتأسلمين، وأقباط المهجر، على الشاشات والمواقع، مشعلين حرائق الفتنة بين الحين والآخر، لم تظهر على السطح حكاية لبهائى واحد طلب اللجوء للخارج بسبب الاضطهاد الدينى.
الدكتور رؤوف هندى يفسر الأمر بأن البهائيين جماعة سلام لا جماعة سياسة، والدكتورة بسمة موسى تؤكد أن «البهائية تحض على الطاعة»، بينما يلمح نبيه الوحش المحامى، وأحد أشهر من طاردوا البهائيين بقلبه، ولسانه، ودعاواه القضائية «إنها التقية يا سيدى، وصمتهم شر يراد به باطل» ويحدثنا عن مخططات سرية للبهائيين لا يألو على نفسه جهداً لفضحها. وما بين هذا وهؤلاء يبقى «الخارج» خارج حسابات الجماعة البهائية فى مصر.
لمعلوماتك...
◄2009 قام مسلمون بحرق منازل أسر البهائيين بقرية الشورانية
رؤوف هندى: «سآخذ حقوقى بالقضاء».. وبسمة موسى:« البهائية تحض على طاعة أولى الأمر»
«الاستقواء بالخارج» خارج حسابات البهائيين فى مصر
الخميس، 13 أغسطس 2009 04:28 م