منذ نعومة أظافره وهو يسعى لكسب قوته بطريقة شريفة لم يتعلم الاتكال على الغير أبدا، وبدأ مشوار العمل بعد ترك المدرسة ليتمكن من تدبير المصاريف لإخوته، وكان نعم الأخ الأكبر فى كل المهمات رغم صغر سنه، عمل مدحت محمد إسماعيل فى مهن كثيرة، واستطاع فى نهاية المطاف أن يشق طريقه فى عالم التجارة والأسواق، وهو الطريق الذى حمل نهايته المحتومة على يد أحد أشهر بلطجية إمبابة المشهورين واسمه «أمبوبة».
أمبوبة اسم مشهور فى عالم البلطجة والمخدرات فى منطقة المنيرة الغربية بإمبابة اسمه الحقيقى محمد محمد أحمد، وشهرته أمبوبة يفرض الإتاوات على كل البائعين فى سوق إمبابة مستخدما طريقة غريبة فى جمعها حيث يقوم بالتهجم على البائع الذى لا يدفع متهما إياه بإصابته والشجار معه، ويقوم بالفعل بإصابة نفسه بإصابات مختلفة فيخاف البائع ويحاول ترضيته بدفع ما يطلبه منه سواء كل شهر أو كل أسبوع حسب كل شخص، هذه الحيلة لم تنجح مع مدحت الذى رفض دفع قوته وقوت أولاده لبلطجى يتعاطى بنقوده المخدرات، فأضمر «أمبوبة» الشر فى نفسه وأراد أن يجعل من مدحت عبرة لمن لا يعتبر من التجار الذين بدأوا فى التمرد عليه بعد أن زعزع هيبته فى نفوس أهالى المنطقة، واعتزم ارتكاب الجريمة أمام الجميع حتى يعرفوا قوته وسيطرته.. أمبوبة انتظر أمام العمارة التى يسكن فيها مدحت وغافله بطعنة سكين فى رقبته وفر هاربا أمام الجميع، وسقط مدحت غارقا فى دمائه، وبلغ الخبر أهله الذين سارعوا بنقله إلى مستشفى التحرير العام، وهناك لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بطعنات البلطجى، وجاء فى التقرير المبدئى الصادر من المستشفى أن المصاب مدحت محمد إسماعيل توفى نتيجة جرح غائر فى الرقبة بواسطة آلة حادة من الناحية اليسرى وتأثره بإصابته نتيجة هبوط حاد فى الدورة الدموية ونزيف غزير.
الغريب فى الأمر أن أمبوبة سلم نفسه إلى قسم شرطة إمبابة بعد علمه بموت مدحت مدعيا أنه أصيب فى مشاجرة، ويطلب تحرير محضر ضد مدحت «القتيل» لم تنطل الحيلة على رجال المباحث، حيث أراد المتهم أن يحول القضية من القتل العمد إلى مشاجرة وأمام رئيس نيابة حوادث شمال الجيزة، اعترف بالحادثة تفصيليا وتمت إحالته إلى محكمة الجنايات للفصل فى القضية.