محمد حمدى

الوسط..والرهان على العقل

الأربعاء، 12 أغسطس 2009 04:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ثلاث مرات سابقة، كان المهندس أبو العلا ماضى وكيل مؤسسى حزب الوسط يخرج من الاجتماع التقليدى مع لجنة شئون الأحزاب وهو يشعر بإحساس واحد لا يتغير: اللجنة لن توافق على تأسيس الحزب..وقبل أيام خاض ماضى التجربة الرابعة، واستمرت 55 دقيقة، لكنه خرج هذه المرة بانطباعين: لجنة الأحزاب قد توافق وقد لا توافق على تأسيس الوسط!

فى 21 مايو الماضى كتبت هنا أيضا تحت عنوان "نعم لحزب الوسط"، وشرحت وفصلت لماذا أوافق على مطلب أعضاء الوسط المشروع بعد ثلاث تجارب سابقة خلال ثلاثة عشر عاما ما بين المحاكم ولجنة شئون الأحزاب، إجمالا أنا مع حق الناس.. أى ناس فى التعبير السياسى المشروع، وتكوين أحزاب سياسية لتكون منابر شرعية لمثل هذا التعبير.

مشكلة أبو العلا ماضى أنه انتمى فى يوم من الأيام لجماعة الإخوان المسلمين، لذلك تتخوف السلطة من منحه ترخيص الحزب، ومشكلته أيضا أنه راجع أفكاره وخرج عن الإخوان، فعانى ولا يزال من هجوم الجماعة عليه، لدرجة أنه فى المرة الأولى التى طعن فيها على قرار لجنة شئون الأحزاب بمنع ترخيص الحزب اجتمع محامو الحكومة والإخوان معا أمام القضاء للمطالبة بعدم منح الوسط الشرعية.

وإذا كان أبو العلا ماضى يشعر فى التجربة الرابعة بقدر من التفاؤل يساوى نفس القدر من التشاؤم، فإننى أشاركه هذه الأحاسيس، وربما يراهن مثلى على القليل من العقل، الذى يسمح لصناع القرار السياسى وأصحاب المنح والمنع فى إدراك أن استمرار إغلاق نوافذ التعبير السياسى المشروع، يفتح الأبواب على مصراعيها أمام كل ما هو غير مشروع للتغير الصامت والمفاجئ بما قد يمثل مشكلة حقيقية على النظام السياسى الحاكم قبل غيره.

أبو العلا ماضى يقدم فى الوسط برنامجا سياسيا متميزا، وهو يقول سرا وعلانية إن الدستور والقانون هما المرجعية العليا لحزبه كما هما مرجعية الوطن، ورغم أن بعض مؤسسى الوسط يصنفون باعتبارهم من الإسلاميين، لكن هذا التصنيف ليس دليل إدانة لأحد ولا يعد مبررا لاستثنائه من أحد الحقوق الأساسية فى الدستور وهى التعبير عن الرأى.

وكما قلت سابقا لدينا 24 حزبا ربما لا يعرف حتى بعض أعضاء لجنة الأحزاب أسماءها، ولا من يقودها، فالعبرة ليست بالتطور الكمى فى الحياة الحزبية وإنما بالتطور الكيفى النوعى، وكما سمحت لجنة شئون لأحزاب خلال الأعوام القليلة الماضية لحزبى الغد والجبهة الليبراليين، عليها أن تسمح بأحزاب تعبر عن تيارات سياسية مغايرة.

أنا كليبرالى لا يسعدنى أبدا أن تمتلئ الحياة الحزبية بلون واحد فقط، لأن هذا الأمر يجهض العمل العام فى مصر، بينما اختلاف الألوان والأطياف هو وحده القادر على إنعاش الأحزاب الحالية، فحين تكون لدينا أحزاب قوية ومتنوعة، سيجتهد الساسة للتواصل مع المواطنين، وتتحول الأحزاب السياسية من نخبوية إلى شعبية.. خاصة وأن التجارب فى كل أنحاء العالم أثبتت فشل نظام الحزب الواحد، سواء كان وحده على الساحة، أو لم يسمح سوى بوجود هامشى إلى جواره.

ولا يوجد أفضل من نموذج الاتحاد السوفيتى الذى كان قطبا يحكم العالم، ثم صحا الناس من نومهم ليجدوه وقد زال تماما عن الخريطة.. وهناك عشرات الأمثلة على انقلابات سلمية على الحزب الواحد.. ناهيك عن التغيير الدموى كما حدث فى رومانيا.

هل مازالت الدولة المصرية تحتفظ ببعض العقل؟.. وهل تراجع نفسها قبل منع الوسط من الظهور للمرة الرابعة؟.. رهاننا لا يزال قائما.. والأيام وحدها هى من سيحكم على صحة النظام السياسى ومدى عقلانيته وهل تطور.. أم لا؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة