"لماذا أحترمك فى بلدى وأنت أصلا لا أحد يحترمك فى بلدك".. كلمات قاسية وجهها كفيل خليجى لمواطن مصرى يعمل بالسعودية، وهى من الواضح أنها القاعدة التى تتعامل بها الدول العربية والأجنبية مع المصريين بالخارج.
فالإساءة والإهانة التى يتعرض لها المصريون خارج بلادهم تجاوزت كل الحدود.. بعد أن أصبحت كثيرة.. وتنوعت أشكالها فبدءا من أكل أصحاب العمل لحقوق العمالة المصرية وصولا إلى الترحيل المهين، والاعتقال دون توجيه تهم والتعذيب فى السجون، وصولا إلى إلى إعدامهم رغم وجود فرصة للنجاة.. وهو ما حدث اليوم للشاب المصرى حجازى أحمد زيدان الذى نفذت السلطات الليبية بسجن "الكويفية" بمدينة بنى غازى عليه، حكما بالإعدام رغم وجود فرصة كبيرة لإنقاذ حياته.
وقبله بأيام قليلة، أعدم شاب مصرى آخر فى نفس السجن تخيل أن الأمور وصلت لتعذيب المصريين فى قسم شرطة بدولة مثل السودان، وهو ما حدث أوائل العام الماضى، بالإضافة إلى حوادث كثيرة متفرقة مثل تعذيب شابين مصريين على يد الشرطة الكويتية دون توجيه تهم لهم، وإحراق منازل مجموعة من المصريين والاستيلاء على أموالهم فى ليبيا بعد مشاجرة مع أبناء إحدى القبائل الليبية واعتقال مجموعة من المصريين فى سجن ترحيلات جدة والقنصلية المصرية ترفض مساعدتهم، ويتعرضون للضرب الوحشى، ولم توجه لهم أى تهم حتى الآن.
المسئول الأول عما يحدث للمصريين بالخارج هى وزارة الخارجية التى يجب عليها أن تحمى مصالح رعاياها فى أية دولة مهما كانت. والاتهام بالتقصير فى تلك المهمة اعتادت عليه الخارجية المصرية، لكن البعض يذهب إلى تحليلات أبعد من ذلك، فالسفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق، يرى أن ما يحدث للمصريين بالخارج "أمر متوقع من دول تعلم جيدا أن المصرى داخل بلده لا قيمة له"، وأكد على أنه يجب أن يتمتع المصرى بحقوقه كاملة ويحظى باحترام حكومته له حتى تجبر الدول الأخرى على احترامه. وأضاف الأشعل "المصرى بيضرب بالجزمة بره، ولا أحد يتحرك لإنقاذه". فيما طالب الناشط الحقوقى نجاد البرعى أن تكون الحكومة المصرية "أكثر حسما فيما يتعلق بحقوق المصريين بالخارج"، حتى لو تطلب الأمر "قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول التى تسىء إلى المصريين".
وكما يقول إبراهيم طمان القيادى العمالى والناشط النقابى أن "المهانين" المصريين بالخارج هم من العمالة المصرية، وهذا يعنى أن وزارة الخارجية ليست المسئول الوحيد عن إهدار كرامة المصريين فوزارة القوى العاملة تتحمل جزءا كبيرا من المسئولية، فهى التى تنظم سفر المصريين للخارج، وهى أيضا التى تتولى التفاوض مع وزراء العمل فى الدول الأخرى العمالة المصرية المهاجرة، لكن للأسف الوزارة فقدت دورها ولا تقوم به كما هو مطلوب منها، وتحولت إلى "مجرد مقاول أنفار يجمع العمال المصريين ويرسل للخارج، ثم لا يعيرهم اهتماما ولا يتدخل لحل مشاكلهم" واتهم طمان القوى العاملة بـ"عدم السعى لحماية حقوق المصريين بالخارج".
الخطوة الأولى لإنقاذ كرامة المصريين من "المهانة" بالخارج مسئولية الحكومة المصرية، كما يقول حافظ أبو سعده، أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، مشددا على أن الحكومة يجب عليها قبل أن ترسل المصريين للخارج أن "توفر لهم ضمانات وقائية تكفل احترام حقوق العمالة المصرية لدى الدول العربية والأجنبية". وانتقد أبو سعدة نظام الكفيل المتبع فى دول الخليج ووصفه بأنه أقرب إلى نظام "الرق والعبودية".
وأكد أبو سعده على أن "المسألة ليست صعبة لتحسين أوضاع المصريين بالخارج"، مضيفا "كل ما على الحكومة المصرية فعله، هو أن تضع مجموعة من الضوابط والشروط لتنظيم سفر المصريين بالخارج". "المساعى" التى يزعم مسئولون "الخارجية" دائما أنهم يقومون بها، أصبحت تأتى متأخرة، لا تفيد بشىء فوزارة الخارجية التى قالت إنها تدخلت وحاولت أن تنفى عن نفسها تهمة "التقصير" – التى توجه لها دائما – جاءت مساعيها متأخرة جدا.
الخارجية أخلت مسئوليتها هذه المرة فى بيان رسمى قال إن المشكلة تمثلت فى رفض "أهالى القتيل للعفو عن القاتل"، لكن ماذا عن المصريين الخمسة المحتجزين فى نفس السجن الذى أعدم به الشاب حجازى ولديهم تنازلات رسمية من أولياء دم قتلاهم إذا كانت الخارجية ترغب فى إنقاذهم وترغب فى تحسين صورتها أمام الرأى العام.. فأسماؤهم كالتالى: سامى فتحى عبد ربه (37 سنة) من محافظة الشرقية ومسجون منذ 15 عاما، وفرحات عبده فرحات (42 سنة) من محافظة المنوفية حصل على التنازل منذ 3 سنوات، وعبد الحليم سيد عبد الحليم (42 سنة) من محافظة الإسكندرية، وحسين السيد درويش (54 سنة) من محافظة حلوان، وعلاء سليم ريمون (39 سنة) من محافظة الغربية.
المصريون العاملون بالخارج.. ذل وهوان وضياع حقوق وسجن وتعذيب وإعدام
الأربعاء، 12 أغسطس 2009 09:33 ص