محمد حمدى

ربع ساعة!

الإثنين، 10 أغسطس 2009 03:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حسب مركز أبحاث الأزمات فى لندن، تعرف الدولة الفاشلة بأنها "حالة انهيار الدولة، أو العجز عن أداء وظائف التنمية الأساسية وحماية أمنها وفرض سيطرتها على أراضيها وحدودها".

وتطلق مجلة فورين بوليسى الأمريكية مؤشراً سنوياً للدول الفاشلة يستند إلى 12 عاملاً، منها وجود دولة داخل دولة، وبروز نخب تسمح بتدخل دول أخرى بالتأثير المباشر على سياسات هذه الدولة وقراراتها.

ووفقا لهذا المؤشر الأمريكى والتعريف البريطانى لا تعتبر مصر دولة فاشلة، رغم أن النظام السياسى فيها يعيش الربع ساعة الأخيرة من وجوده، إيذانا بنهايته وميلاد نظام سياسى جديد، تجرى تحضيرات واسعة له، وإن لم تتحدد معالمه بالكامل.

ووفقا للمشاهدات والقراءات والمعلومات التى تتسرب من دوائر صنع القرار الحكومى والحزبى، يبدو المشهد السياسى العام مشابهاً لخريف 1980 حين كان باديا للجميع أن مصر تشهد غروب فترة حكم الرئيس السادات، ورغم أنه لم تكن هناك معلومات ممسوكة، أو تحليلات موثقة عن شكل هذه النهاية وكيفة انتقال السلطة، لكن الجو العام كان موحياً بشكل كبير بأن المشروع السياسى الذى جاء به السادات قد فقد مبررات وجوده، وأصبح تغييره أمراً لا مفر منه.

تماما كما كان المشهد السياسى فى مصر الناصرية عقب هزيمة يونيو 1967، صحيح أن الشعب خرج فى تظاهرات للتمسك بالرئيس جمال عبد الناصر، ورفض تنحيه عن السلطة لكن المشروع الناصرى كان قد فقد شرعيته بهزيمة يونيو 1967، وبدا أيضاً أن مصر على أبواب تغيير، لكنه وكالعادة لم يكن معروفاً أو محدداً، حتى ظهر بعد ذلك مع الرئيس السادات بمثابة انقلاب سياسى يؤسس لمرحلة جديدة مختلفة كل الاختلاف عما عاشته مصر فى زمن عبد الناصر سياسيا واقصاديا واجتماعيا.

الآن أيضا يبدو أن النظام السياسى الحاكم قد وصل إلى مرحلة النهاية، لعدة أسباب تدعمها ظواهر بادية للجميع، لعل أهمها أن طبيعة النظام السياسى فى مصر القائم على رأس واحدة قد تعددت رؤوسه، مما خلق صراعا حقيقيا على السلطة بين عدد من مراكز القوة، وحتى داخل المؤسسة السياسية أو التنفيذية الواحدة، فعلى سبيل المثال يبدو الصراع على أشده داخل مجلس الوزراء المنقسم على نفسه، والحافل بالصراعات على منصب رئيس الحكومة.

أما داخل الحزب الوطنى الحاكم، فقد حدثت تطورات دراماتيكية داخل الحزب خلال السنوات الخمس الماضية، تحول بمقتضاه المجلس الأعلى للسياسات إلى حزب صغير يدير الحزب الكبير، وكان مفترضاً بهذه التطورات أن تؤدى إلى سيطرة التيار الجديد على الحزب وإقصاء الحرس القديم، ثم السيطرة على الحكومة لتصبح تابعة للحزب، وليس كما كان سائداً من سيطرة الحكومة على الحزب، لكن هذه التغييرات تحظى بمقاومة لا تزال بادية من الحرس القديم داخل الحزب، ومن الحكومة التى تحاول إعادة العلاقة إلى سابق عهدها لتصبح فوق الحزب وليست أداته السياسية.

على الصعيد الاقتصادى، بنى الحزب والحكومة توجهاتهما الاقتصادية على أساس حالة الانتعاش التى كانت تسود العالم من 2005 حتى 2008، والتى أطلقت حركة واسعة وغير مسبوقة من رؤوس الأموال الساعية للبحث عن الاستثمار، بالتزامن مع وفرة مالية نفطية فى المنطقة العربية، وكان يفترض من هذا الحراك الاقصادى العالمى أن يؤدى إلى تدفق المزيد من الاستثمارات إلى مصر بما يسمح باستكمال خصخصة القطاع العام، وإقامة مشروعات متعددة ترفع نسب النمو وتخلق فرص تشغيل وتقضى على البطالة، لكن النخبة السياسية الحاكمة لا تبدو جاهزة أو مؤهلة للتعامل مع أزمات مالية عالمية خانقة تضرب بقوة محلياً مما يعنى فشل سياساتها الاقتصادية.

اجتماعياً كان الرهان خلال السنوات الخمس الأخيرة قائمة على استغلال حالة الرواج الاقتصادى لفتح ملف العدالة الاجتماعية بشكل كبير والاستهداف المباشر للفقر، للحد من نسبته وتقليل تداعياته، لكن الأزمات الاقتصادية المتتالية رفعت نسبة الفقر لتتجاوز لأول مرة حاجز 40% من عدد السكان، حسب تقرير التنمية البشرية العربية الأخير.

سياسياً واقتصادياً واجتماعياً يبدو النظام السياسى غير قادر على الفعل، بل ووصل إلى ربع ساعته الأخيرة، لذلك فإن التغيير قد يبدو أقرب مما يتوقع الكثيرون، لكن ما هو شكل هذا التغيير؟.. وما هى ألياته؟.. تلك قضية أخرى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة