على الرغم من أن الفترة الماضية شهدت العديد من أحكام الإعدام فى حق بعض الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم اغتصاب، إلا أن هذه الأحكام لم تكن رادعة، ومؤثرة بالقدر الكافى فى القضاء على انتشار وتكرار حوادث الاغتصاب، ومع مطالبة أعضاء فى مجلس الشعب بتوقيع عقوبة الإعدام علانية فى ميدان عام، إلا أن خبراء النفس والاجتماع أفادوا أن تنفيذ هذا الاقتراح لن يساهم أيضا فى وقف هذه الانتهاكات، بل من الممكن أن يساعد هذا الاقتراح فى إزالة الرهبة من عقوبة الإعدام، فمع تكرارها والتعود على مشاهدتها ستتحول إلى عقوبة غير رادعة.
وقد أرجع خبراء علم الاجتماع انتشار حوادث الاغتصاب إلى عدة أسباب اجتماعية ونفسية واقتصادية تتمثل كما تقول الدكتورة إيمان الشريف خبيرة علم الاجتماع فى التنشئة الاجتماعية فى أسرة مفككة وأبوين منفصلين يغيب عنهما الحرص على غرس المبادئ والأخلاق فى نفوس أطفالهما، بالإضافة إلى افتقادهما إلى القدوة التى يحتاج إليها الأطفال، لتقليدها والسير على خطاها، حتى يتحول الطفل إلى فرد فى المجتمع يفتقد تكوينه النفسى إلى الالتزام بعادات وتقاليد المجتمع الذى يعيش فيه، يسعى لإشباع كل رغباته وشهواته، بأى وسيلة حتى ولو كانت بارتكاب جريمة اغتصاب عقوبتها قد تصل إلى الإعدام.
وتؤكد الدكتورة إيمان أن ما يساعده على ذلك ارتفاع معدلات البطالة، بالإضافة إلى غلاء المعيشة، والعقبات التى تواجهه عند محاولة قضاء رغباته باتباع الطريق الصحيح وإقدامه على الزواج، وهى ارتفاع أسعار الشقق وغلاء المهور، زيادة على ذلك المواد المخدرة التى أصبحت وسيلة للهروب من المشاكل والواقع الصعب الذى يعيش فيه وما ينتج عنها من جرائم ناتجة عن التغييب الذى يشهده العقل، ويدل على ذلك ثبوت تعاطى معظم المتهمين فى جرائم الاغتصاب للمخدرات أثناء ارتكابهم الجريمة.
وحول دور الإعلام فى مواجهة جرائم الاغتصاب فترى الدكتورة إيمان أنه المساهم الأول والأكبر فى نشر الرذيلة وهدم الأخلاق واستباحة المحرمات والتشجيع على جريمة الاغتصاب من خلال نشر مواد العرى والإباحية والكليبات الفاضحة التى تؤجج نار الشهوة عند الشباب الغير القادر على قضائها بإقامة علاقة سليمة وواضحة، وبالتالى يسعى إلى قضائها بأى وسيلة حتى ولو كانت بارتكابه جريمة.
بالإضافة إلى تناول الإعلام القضايا الجنسية بطريقة غير صحيحة وغير مدروسة مما يؤدى إلى توصيل مفاهيم خاطئة ومشوشة للمشاهدين، وبالتالى يجب أن تتضافر جميع منظمات المجتمع المدنى والحكومى وكافة الأجهزة لتوفير فرص عمل للشباب ومساعدتهم فى أمور الزواج وتفعيل دور المؤسسات الدينية، لتعريف المواطنين الفرق بين الحلال والحرام.
وعن عقوبة جريمة الاغتصاب تضيف هالة محمود عثمان المحامية بالنقض والدستورية والإدارية العليا أن جريمة الاغتصاب تختلف عن جريمة هتك العرض من حيث العقوبة، فمرتكب عقوبة هتك العرض تكون عقوبته من 3 إلى 7 سنوات، أما جريمة الاغتصاب فتصل عقوبة المغتصب إلى حكم المؤبد وعادة قد تصل إلى الإعدام إذا اقترن الاغتصاب بجريمة أخرى مثل الخطف والسرقة وإذا كان مرتكب جريمة الاغتصاب حدث لا يصدر عليه الحكم المشدد أو الإعدام، وعقوبته قد تصل إلى 15عاما.
وتختلف العقوبة أيضا إذا كان المجنى عليها قاصرا أو بالغ، أو كانت الجريمة بإكراه المجنى عليها أو بالرضا، فلو كانت برضا المجنى عليها ستتحول الجريمة من اغتصاب إلى ارتكاب فعل فاضح وستكون العقوبة عقوبة زنا، وقالت إن جريمة الاغتصاب من أكثر الجرائم التى تدل على انعدام الأمن، وزيادة سطوة المجرمين، مهيبة بالقضاء عدم استعمال الرأفة فى إصدار الأحكام على المغتصبين لمحاولة القضاء على انتشار هذه الظاهرة والتى لم تعد حوادث فردية بعينها، ومنادية بتغليظ العقوبة حتى تصبح رادعا حقيقيا لكل من تسول له نفسه ارتكاب جريمة ليست فى حق المجنى عليها فقط وإنما فى حق مجتمع بأكمله.
أكدها علماء الاجتماع بعد صدور أحكام إعدام لمغتصبين
تفكك الأسرة والأسعار وراء جرائم الاغتصاب
الإثنين، 10 أغسطس 2009 02:14 م
صدور أحكام الإعدام على بعض المغتصبين لم ينف مسئولية المجتمع عن هذه الجرائم - صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة