◄أجهزة الأمن بدأت فى اعتقال رموز التيار الإصلاحى داخل الإخوان بعد إشادات مراكز الأبحاث الأمريكية بتطوره الفكرى وتوصية الإدارة الأمريكية بالتعاون معه
◄هل قيمة عبدالمنعم أبوالفتوح لدى مكتب الإرشاد مجرد بيان من ورقة واحدة.. خلاصته.. ربنا ينتقم من الظالم؟
هل يعلم الإخوان أن انتخابات البرلمان 2010 على الأبواب؟ هل يدرك السادة أعضاء مكتب الإرشاد أو ما تبقى منهم خارج السجون أن موقفهم فى الشارع المصرى يختلف تماما عما كان عليه سنة 2005؟
بالكلام وبالتصريحات ستجد الجماعة مستعدة تماما لخوض المعركة، هكذا يعشق المصرحون باسمها التعليق على موقف الجماعة من الانتخابات القادمة، بالإضافة إلى شروح كثيرة عن دراسات وجلسات ووعود تكتمل بها إجابة تشبه إلى حد كبير تلك الإجابات التى نحصل عليها من أحزاب الوفد والتجمع والناصرى منذ عشرات السنين لنفاجأ بعد ذلك ببرلمان خال من نواب تلك الأحزاب أو يزين مقاعده عضو من هنا أو عضوان من هناك، وبما أن البدايات قد تشابهت فلا تستبعد أبدا أن تشاهد نهايات متماثلة يمكنك أن تستبدلها كلها بمشهد واحد يظهر فيه صف من مقاعد البرلمان يجلس به عضو من الناصرى على عضوين من التجمع على تلاتة من الوفد على خمسة ستة من الإخوان، أما حدوتة الثمانية والثمانين نائبا، انسها تماما وضمها لدفتر حواديت ألف ليلة وليلة لعلها تكون يوما عظة وعبرة لكل تيار سياسى ترك الشارع، واكتفى بمعارضة البيانات وتهديدات الشجب والاستنكار.
هل تتخيل أن المواطنين فى الشوارع على هذا القدر من السذاجة لكى يندفعوا فى زحام اللجان الانتخابية القادمة لاختيار مرشحين جماعة الإخوان للدفاع عنهم تحت القبة وهم يرون فى السنوات الثلاث الماضية الجماعة نفسها غير قادرة على الدفاع عن أبرز قادتها الذين يسحبهم الأمن للسجون، وكأنه يسحب حرامى غسيل لا يجد من يدافع عنه سوى لطمات زوجته ودعواتها الصامتة للسماء، هكذا تفعل الجماعة منذ اعتقال خيرت الشاطر قبل عدة سنوات، وحتى اعتقال عبدالمنعم أبوالفتوح فى الأيام الأخيرة، تصدر بيانات وتندد بحملات الاعتقال وتشجب وتستنكر تصرفات أجهزة الأمن، وتدعو على الظالمين فى آخر كل بيان وكأنك أمام «ولية» خسرت بعلها ولا حول لها ولا قوة.
رد فعل جماعة الإخوان المسلمين على اعتقال أحد أبرز قادتها الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح لم يفتح فقط باب التشكيك فى قوة الجماعة وقدرتها على التصدى للنظام، ولم يكن مجرد خيبة أمل أخرى تصيب الناس فى الشوارع تجاه الجماعة التى أبهرتهم بنظامها ومظاهراتها الألفية، وإثارتها لقلق النظام الذى لم يقلق من أحد قبل ذلك كما قلق وتوتر بسبب تحركات الإخوان المسلمين فى الانتخابات البرلمانية الماضية.
رد الفعل الإخوانى الباهت على اعتقال أبوالفتوح عضو مكتب الإرشاد أعلى هيئة داخل الجماعة لم يفتح فقط أبواب التشكيك فى قدرة الجماعة على مواجهة النظام كما قلنا، ولكنه فتح أبوابا أخرى كثيرة لأسئلة، أى محاولة للإجابة عنها قد تعنى المزيد من الإحباط لهؤلاء الذين علقوا آمالهم على الإخوان كتيار سياسى قوى، أو أولئك الذين اطمأنوا إلى ذكاء النظام وقدرته على التخلص من معارضيه وتحويلهم إلى ديكورات كارتونية يمهد عبرها لتنفيذ الطويل والقصير من خططه بغض النظر عن رأى الشارع فيها.
الإحباط للذين آمنوا بقدرة النظام وذكائه فى مواجهة خصومه يمكنك أن تستخلصه من الطريقة الأمنية التى تتعامل بها إدارة الرئيس مبارك مع الإخوان، فمعظم ضربات النظام الأمنية للجماعة موجهة للتيار الإصلاحى بداخلها وهى الصورة التى اكتملت بالاعتقال المفاجئ وغير المبرر للدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الذى يعتبر رمز التيار الإصلاحى داخل الجماعة التى نشكو من تشددها، فهو الأكثر انفتاحا على التيارات الأخرى وهو الوجه المقبول لدى الأوساط السياسية المختلفة بآرائه التى لا تختلف كثيرا عما يطالب به المثقفون المصريون، والتى كثيرا ماسببت له مشاكل داخل الجماعة وكانت سببا فى تأخر صعوده هو والدكتور عصام العريان داخل الهيكل التنظيمى للجماعة.
الضربات الأمنية التى تصطاد بها الدولة رموز الإصلاح داخل الجماعة تترك الساحة خالية أمام ما هم معروفون إعلاميا باسم صقور الإخوان أو الجيل القديم الأكثر تشددا الذى يعلو براية التنظيم فوق كل شىء، ربما يدرى النظام أو لا يدرى بأنه يمنح الفرصة على طبق من ذهب لرموز التشدد داخل الجماعة للسيطرة على مقاليدها، وربما كان يتعمد ذلك فى محاولة للإبقاء على صورة الجماعة لدى الغرب فى خندق العنف عبر الآراء المتشددة التى نسمعها كثيرا من مهدى عاكف ومحمود عزت وغيرهما من جيل الإخوان القديم، ولكن الغريب فى الأمر أن هذه الضربات الأمنية للتيار الإصلاحى داخل جماعة الإخوان المسلمين جاءت بعد انتشار تقارير أمريكية سواء عبر مراكز أبحاث أو صحف كبرى تشيد بالتطور الفكرى للتيار الإصلاحى داخل الجماعة وتؤكد نجاحه فى تحسين صورة التيار الإسلامى لدى الإدارة الامريكية، وأوصت هذه التقارير الصادرة عن مراكز مختلفة مثل معهد كارنيجى لدراسات الشرق الأوسط وصحيفة «ميدل إيست تايمز» بضرورة توفير رعاية أمريكية لهذا التيار تمهيدا لمحاولة الاعتماد على التيار الإسلامى المعتدل فى المنطقة، بالطبع يمكنك أن تفسر بناء على هذا الكلام هذا الإصرار الحكومى على ملاحقة رموز التيار الإصلاحى داخل جماعة الإخوان المسلمين، لأنه لا تفسير آخر لاعتقال الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح الرجل الذى زار نجيب محفوظ وأدان عنف سيد قطب ورفض فكرة التنظيم الدولى وأعلن استعداده للحوار، سوى أن النظام أصابته حالة من الرعب من سطوع نجم أبوالفتوح باعتباره قائدا للتيار الإصلاحى داخل الجماعة التى بدأ نشاط شبابها مؤخرا فى لفت انتباه الأوساط السياسية فى أوروبا وأمريكا.
هل مازلت مترددا فى قبول فكرة ضرب التيار الإصلاحى داخل جماعة الإخوان عن طريق اعتقال عبدالمنعم أبو الفتوح؟ تعال.. هناك تفسير آخر يحمل صبغة فلسطينية إخوانية، يمكنك أن تلمحه ببساطة فى التعليقات الحمساوية على المنتديات والمواقع الإلكترونية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية حماس، كما يمكن استخلاصه من بين سطور تصريحات محمد حبيب نائب المرشد والقيادى الإخوانى عصام العريان حينما ربطا بين اعتقال أبوالفتوح وسعى النظام المصرى لتمهيد المسرح السياسى من أجل إنهاء الحوار الفلسطينى بالقاهرة، هذه الإشارات التى ذكرها قيادات الإخوان على استحياء ترشح التفسير القائل بأن عبدالمنعم أبوالفتوح موجود لدى الأجهزة الأمنية المصرية كرهينة محتجزة فى محاولة للضغط على المرشد العام ومكتب الإرشاد من أجل التدخل وإجبار حماس على إبداء المزيد من المرونة فى التعامل مع الجانب المصرى الذى يصر على إنهاء الحوار الفلسطينى بجوانب إيجابية تساند فرصه فى رسم صورة قوية لدى الإدارة الأمريكية الجديدة، بل وصل الأمر إلى وجود حالة اقتناع داخل الجماعة بأن عبدالمنعم أبوالفتوح هو بديل شاليط، بمعنى أن نجاح مكتب الإرشاد فى إقناع حماس بالتوصل إلى حل فى أزمة شاليط سيكون مقابله الإفراج عن الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، وإن صح أن هذا السبب هو الحقيقى وراء اعتقال عبدالمنعم أبوالفتوح فإنه يعنى أننا أمام نظام فشل فى إيجاد صيغة يتواصل بها مع التيارات المختلفة على الساحة السياسية المصرية بدليل أنه لجأ إلى البلطجة بدلا من الحوار، أما إذا كان النظام قد لجأ من قبل للإخوان للقيام بدور الوساطة لدى حركة حماس من أجل تقريب وجهات النظر ورفض المرشد ذلك، فهذا يعنى أننا أمام منظومة فاشلة على المستوى الرسمى والمعارض غير قادرة حتى الآن على التفرقة بين العمل لصالح النظام أو لصالح الوطن.
وبعيدا عن النظام الذى ألصق به الدكتور عصام العريان صفة الغباء السياسى ردا على اعتقال الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، تبقى ردود الفعل الضعيفة من جانب الجماعة تجاه اعتقال الدكتور أبوالفتوح بابا مفتوحا للكثير من الأسئلة التى تطرح نفسها منذ اعتقال خيرت الشاطر النائب الثانى للمرشد، ومن بعده اعتقال الدكتور عصام العريان منذ فترة وأخيرا اعتقال عبدالمنعم أبوالفتوح دون وجود رد فعل إخوانى يلائم أسماء ومواقع هؤلاء الذين تم اعتقالهم، وهى الأسئلة التى تدور داخل وخارج الجماعة عن احتمالية وجود حالة من الصراع داخل دوائر الإخوان، تبرر صمت الجماعة تجاه اعتقال قيادات بعينها.
والكلام بصريح العبارة يعنى أن صمت قيادات مكتب الإرشاد والاكتفاء بمجرد بيان هزيل للرد على اعتقال عبدالمنعم أبوالفتوح تصرف طبيعى طبقا للتقسيمات الأخيرة داخل الجماعة التى جعلت من محمد حبيب ومحمود عزت على رأس الجيل القديم الأكثر تشددا مع المرشد ورفاقه، ووضعت أبوالفتوح على رأس التيار الإصلاحى الذى يسبب بآرائه صداعا فى رأس مكتب الأرشاد، وبالتالى يأتى الهدوء الإخوانى فى التعامل مع اعتقاله أمرا مقبولا لدى القيادات التى بيدها قرار التصعيد أو الرد بقوة الذى نادى به شباب الإخوان عبر منتدياتهم عقب إلقاء القبض على أبوالفتوح، لدرجة أنهم اتهموا المرشد بالتقاعس عن اتخاذ موقف إيجابى تجاه اعتقال رمز إخوانى بهذه القيمة، وهدد بعضهم فى رسائل مباشرة بترك الجماعة وإعلان العصيان إن تأخر فى حسم موقفه من التدخل للإفراج الفورى عن عبدالمنعم أبوالفتوح سواء عبر التفاوض مع الحكومة أو بالضغط عليها من خلال المظاهرات والوقفات الاحتجاجية.
بالطبع سينكر الإخوان قيادات وأعضاء هذا الغضب الشبابى تجاه موقف الجماعة من عبدالمنعم أبوالفتوح مثلما حدث مع خيرت الشاطر ولكن الحقيقة أن صمت قيادات الإخوان هذه المرة قد يعنى ظهور الصراع الإخوانى بين الأجيال القديمة والجديدة للعلن، لأن الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وكما يعلم المرشد ليس مجرد عضو مكتب إرشاد عادى، بل هو رجل صاحب شعبية كبيرة داخل الجماعة خاصة بين أوساط الشباب الذين يربطهم بالمرشد الحالى ونائبه الأول تاريخ ليس بالقصير من الشد والجذب.
غضب شباب الإخوان واقتناعهم بتقاعس الجماعة عن عبدالمنعم أبوالفتوح لم يأت أبدا من فراغ، ولكن سلسلة المناوشات التى خاضها الدكتور أبوالفتوح داخل الجماعة عبر مجموعة من الآراء التى طرحها مؤخرا أثارت ضده موجة غضب واسعة داخل الجماعة اعتبرها الشباب سببا كافيا لإدانة المرشد وقيادات مكتب الإرشاد بالتخلى عن الدكتور أبوالفتوح فى محنته، حيث شهدت الفترة الأخيرة اقتراحا مباشرا من قبل عبدالمنعم أبوالفتوح بتغيير بعض مواد لائحة الجماعة بشكل سيكون من أولى نتائجه الإطاحة بعدد من قيادات الجماعة الكبار ومنح الدكتور عصام العريان أو من مثله فرصة كبيرة للوصول إلى منصب المرشد، هذا بخلاف العديد من آرائه حول المرأة والأدب والإسلام الوهابى الذى تصدى عدد من قيادات الإخوان للرد عليها فى محاولة بدت كأنها عملية تحجيم للرجل الذى ترى فيه القيادات الإخوانية الشابة أملا فى انتشال الجماعة من جمودها.
وبعيدا عن كل الأسباب وكل التفسيرات تبقى حقيقة واضحة، هى أن القيادى الإخوانى الذى يحظى بإجماع التيارات السياسية المختلفة فى مصر -فى نادرة لا تحدث كثيرا- يجلس الآن فى سجنه ليدفع ضريبة ثقافة نظام وجماعة..
الأول يتحرك فقط لحماية نفسه بغض النظر عن مستقبل البلد بدليل أنه لم يفكر لحظة فى أن ضرباته الأمنية للإصلاحيين داخل الجماعة تعنى تقديم أكبر خدمة لتيار متشدد دفعنا من قبل ضريبة التعامل معه، أما الثانية فهى مثلها مثل النظام الحالى تتحرك للحفاظ على التنظيم وترفع راية بقائه فوق كل الأشياء، فالأهم ليس عبدالمنعم أبوالفتوح أو الأفكار الإصلاحية أو الوطن.. الأهم هو بقاء تنظيم اسمه الإخوان المسلمون.
لمعلوماتك...
◄1996 تم سجن أبو الفتوح 5 سنوات فى إحدى قضايا المحاكم العسكرية
النظام يضرب التيار الإصلاحى ويهدى الجماعة للمتشددين..وقيادات تؤكد أن أبوالفتوح ورقة ضغط على المرشد للإفراج عن شاليط
هل باع الإخوان عبدالمنعم أبوالفتوح للنظام؟
الخميس، 09 يوليو 2009 03:57 م
عبد المنعم أبو الفتوح
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة