اِحزن يا صديقى وابتئس على تلك الفتاة المصرية التى سالت دماؤها فى قاعة محكمة ألمانية.. إنها دماء مصرية خالصة تشبه دماء شقيقتك وبنات خالك وعماتك.
آه يا مروة.. اسمك هو نفس اسم ابنة شقيقى، إنها حامل فى شهرها التاسع الآن.. كبرتْ مروة ابنة شقيقى يا مروة!، حتى وقت قريب كانتْ صغيرة، وأنا أحب اسم "مروة"..فيه ظل وارف وهواء بارد، ويحمل الكثير من رائحة نبى الرحمة.
وأنتِ يا صديقتى رحلتِ عن دنيانا، تماما كما رحلتْ شقيقتى فى نفس عمرك تقريباً.
ماذا دار فى رأسك يا مروة وأنتِ تشاهدين موتك قادما عليك من بين أنياب طويلةٍ وشرسة ؟، ليتنى كنتُ أستطيع فعل شىء يا عزيزتى!!.
كيف دق قلبك الطيب الذى تجرى فيه دماء مصرية لها رائحة الأرض ورائحة أهلى فى البلد؟
أنتِ تشبهين الكل يا مروة.. تشبهين "نوارة" ابنة شاعرنا العظيم أحمد فؤاد نجم.. والبت "سميرة" اللى كانت معانا فى الجامعة.. كانت طيبة زيك كده، وضحكتك ولون بشرتك القمحى، وحواجبك الكثيفة بيفكرونا كلنا بقريبات من بعيد.. وببنات عمات وخالات كثيرات.
أنتِ منّا يا مروة.. لم نعرفك إلا اليوم.. وقد رحلتِ، وبقيت منك رائحة وذكريات وقصص عن آخر كلمات نطق بها لسانك. وبقى خوف يأكل الروح من ذلك المجهول الذى قد يخرج علينا فجأة من أى مكان مثلما خرج عليك، إنه مجهول لا يرحم، عيناه من زجاج بارد باهت يصعب عليهما ترجمة معانى الرحمة والطيبة الساكنة فى وجهك.. وقلب قاس محروق بالكحول والإحباط والكراهية يجهل لغة التواضع والرضا بالقليل، وكل معانى الخير التى تنطق بها ملامحك.
إن صرختك التى أطلقتها والرصاص يخترقك جسدكِ الطيب.. إن هول الموت الذى فاجأكِ من وحش مخيف وحيدةً فى غربتك.. إن رائحة دمائك الطاهرة التى سالت فى قاعة المحكمة وتناثرت بين المقاعد.. إن الذعر الذى ملأ قاعة المحكمة ووصل إلى أذنيك فى آخر مشهد لك على وجه الحياة.. إن الشهقة الأخيرة التى راحت معها روحك الطاهرة مودعة طفلا صغيراً وبين أحشائك آخر.. إن دموع والدتك المصدومة المكلولة.. وحتى حيرة شقيقك وهو يتحدث إلى محرر اليوم السابع فى طريقه من مطار القاهرة إلى برلين لتسلم جثمانك الطاهر.... إن كل ما جرى يا عزيزتى.. يصرخ فينا.. يوجه إلينا اللوم ليس لأننا لم نحمك من ذاك الوحش.. بل لأننا عاجزون حتى عن معرفة ماذا نفعل إن حدث لشقيقاتنا وبنات عماتنا وخالاتنا وجيراننا ما حدث معك.
هل نطلب القصاص؟.. وممن ؟
هل ستقوم الدولة وفق بروتوكولات معينة بحماية من تبقى لنا فى الغربة؟ نريد أن نعرف هل دماء المصريين رخيصة فعلاً أم مازال لنا ثمن ؟!
احِزن وابتئس يا صديقى، ولا علاقة للدين ولا الحجاب بكل هذا.. فالدم مصرى ف
الآخر.. والدور على حد فينا.
..إلى جنة الخلد يا مروة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة