حينما لم نجد أنا وصديقتى مكاناً نجلس عليه داخل أتوبيس النقل العام قالت صديقتى: ياه أنا حاسة بسخونة ونسيت الكمامة باين عندى أنفلونزا خنازير وعطست فى وجه أحدهم.... أتشى أتشى، ونجحت الحيلة فلم يوسع لنا الركاب فحسب بل وقفز نصفهم خارج الأتوبيس، لكن أين المفر فمن أنفلونزا الطيور إلى الطاعون ياقلبى لاتحزن، وعندما سألت السائق عن سر ازدحام هذا الأتوبيس تحديداً، أجابنى بأنه الخط الوحيد الموصل من وإلى معهد السرطان، وعلى رأى المثل من لم يمت بالسرطان مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد. فالموت له قداسة خاصة عند المصريين ورثوها عن أجدادهم الفراعنة، وحسن الخاتمة أمنية تراود الجميع، فعقب كل صلاة أسمع جدى يناجى ربه: يارب أنا عايز أموت موته حلوة بلاش سرطان يارب، وبالرغم من كل هذا تنتصر دائماً الرغبة فى الحياة وياعم قول ياباسط.
أيضاً لم تسلم أعلاف المواشى من التلوث وصارت اللحوم وسيلة فعالة لمن يريد التخلص من شخص ما، فقد وضع الزوج حماته فى مأزق حينما عزمها على وجبة كباب معتبرة من الحسين للمرة الخامسة على التوالى، وحيث إنها لا تريد المزيد من التعقيد للعلاقة المتوترة أصلاً وحرصا على حياة ابنتها فقد قبلت الدعوة بشرط أن يوفر لها الزوج مطهر معوى فعال.
وعلى أرفف محال البقالة أصبح اللانشون مدموغاً بالختم الأسود ماركة ودع أهلك، الخبز ماركة للأكل مرة واحده فقط والفول صالح للاستهلاك الحيوانى، أما أرفف الهايبر ماركت فقد أصبحت للمميزين من الصفوة مثل مياه آبار معدنية، أنابيب أكسجين للتنفس، خبز خالى من السرطان، منتجات زراعية أورجانك، بيف بيرجر ناتشورال، حليب أبقار طبيعى، بالنسبة لى فقد احتفظت ببقرة هولندى على سطح منزلى ومازلت أنا وأسرتى نعمل على تدبير تكاليف بناء حوض لتربية الأسماك وزغرطى ياللى مانتيش غرمانة.
ومقابل الرغبة فى الحياة، نرى أيضاً الرغبة فى الموت والخلاص، فالخطر يدفع صاحبه إلى مزيد من التهور، لذا نرى ارتفاعاً فى نسب العنف اللفظى والعنف الجسدى واللامبالاة والتحرش الجنسى، فها هو المحكوم عليه بالإعدام ينفعل بشدة على عشماوى حينما انقطع الحبل أكثر من مرة ويصرخ فى وجهه: جرى إيه هو احنا جايين نتشنق ولا جايين نلعب..... فلا فرق بين الإعدام والانعدام وفى كل الأحوال هو معدوم العافية. وسأظل هنا حتى يتم الموافقة على طلب الهجرة الذى تقدمت به إلى سفارة جمهورية مصر الصحية......... والآن عزيزى القارئ..... إلى هنا.... ينتهى المقال ... أتشى أتشى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة