حالة من الجدل أثارها إعلان الدكتور مصطفى المدبولى، رئيس الهيئة العامة للتخطيط العمرانى، التابعة لوزارة الإسكان، عن انتهاء الهيئة من وضع مخطط جديد لتحديد العاصمة الإدارية والسياسية لمصر، وهو المخطط الذى سيتم عرضه على الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء خلال الأيام القادمة للموافقة عليه وإصدار قانون لإدارة العاصمة بأسلوب يختلف عن الإدارة المحلية.
الجدل الذى تسبب فيه هذا المخطط لم يتوقف عند التوقيت عن الإعلان عنه، بل تضمن أيضاً العديد من النقاط الغامضة كان من أهمها فى حدود المعلن عنه، أن هذا المخطط أنه يشير إلى العاصمة الجديدة التى ستضم محافظتى القاهرة والجيزة فى كيان واحد على أن تبدأ حدودها الجنوبية من المعادى ووتوقف عند حى شبرا شمالاً، ثم تأتى النقطة الأكثر غموضاً فى هذا المخطط الذى يتضمن فرض رسوم مالية للمعيشة بالعاصمة على أن يتم تحصيل هذه الرسوم مقابل للخدمات المختلفة التى سيتم تقديمها لسكان العاصمة عن باقى المحافظات، دون إشارة واضحة لهذه الرسوم وما هى طبيعة هذه الخدمات التى سيتم تقديمها لسكان العاصمة، وقال القائمون على هذا المخطط، إن أهمية العاصمة الجديدة تتمثل فى القضاء على العشوائيات، بالإضافة إدارتها بأسلوب مختلف عن باقى المحافظات الجمهورية على غرار ما يحدث فى العديد من عواصم العالم.
اليوم السابع من جانبه استمعت إلى مجموعة من خبراء التخطيط وكانت الآراء متباينة، حيث قال الدكتور ممدوح حمزة الاستشارى الهندسى الشهير، هناك علامات استفهام عديدة حول مخططات القاهرة العمرانية، خاصة أن النماذج العالمية التى تم تطبيقها فى معظم بلدان العالم لإيجاد عواصم جديدة، لم تتضمن مثل هذه الشروط التى أعلنت عنها هيئة التخطيط العمرانى ووزارة الإسكان.
وأضاف حمزة، أن معظم التجارب العالمية لإنشاء عواصم جديدة كانت تعتمد فى أغلبها على إقامة العواصم الجديدة بعيداً عن العواصم القديمة. وأشار حمزة إلى أن هيئة التخطيط العمرانى سبق وأن أعلنت عن وجود رغبة فى السماح ببناء ناطحات سحاب فى القاهرة ضمن المخطط الجديد للعاصمة، مع أن العواصم العريقة مثل القاهرة لا ينبغى أبداً أن يتم تشويهها بمبانٍِ من الزجاج والألمونيوم، وقال إذا كان هناك رغبة صادقة لإيجاد عاصمة جديدة إدارية وسياسة، فليكن ذلك بعيداً عن القاهرة، خاصة وأن هناك أماكن ومساحات عديدة فى المدن الجديدة تسمح بذلك ونقل العاصمة إلى الصحراء الفسيحة أفضل على أن تكون عاصمة إدارية بصورة كاملة، وذلك للقضاء على الازدحام والعشوائيات واختناقات المرور فى القاهرة الحالية.
وقال مصدر داخل هيئة التخطيط العمرانى، طلب عدم ذكر اسمه، إن هذا المخطط ليس جديداً على الإطلاق، بل هو جزء من مخطط، لإقليم القاهرة الكبرى الذى تم إعداده منذ سنوات ثم صدور القرار الجمهورى، بإنشاء محافظتى حلوان والسادس من أكتوبر، وقد أضيف إليه بعض التعديلات الطفيفة، وأشار المصدر إلى بعض الأشخاص داخل وزارة الإسكان، أصبح لديهم طموح فى تولى بعض المناصب، خاصة بعد تعيين الدكتور حازم القويضى رئيس هيئة التخطيط العمرانى السابق محافظاً لحلوان، واللواء سيد عبد العزيز رئيس جهاز التعمير السابق بوزارة الإسكان محافظاً للجيزة.
وعزز المصدر وجهة نظره بالإشارة إلى النموذج المقترح لإدارة العاصمة، والذى تضمن عدة نماذج، منها أن يتولى إدارة شئونها مجلس إدارة من شخصيات حكومية، إلى جانب بعض الشخصيات العامة، على أن يتولى رئاسة هذا المجلس مدير تنفيذى، أو يتولى إدارة العاصمة وزيراً بدرجة وزير دولة.
من جهته، قال الدكتور رضا حجاج أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة، إن التفكير فى إنشاء عاصمة جديدة بهذا الشكل المعلن عنه يعبر عن مجموعة من المصالح الضيقة لا ترى أبعد من الأماكن التى تقف عليها، وأضاف من عيوب هذا المخطط قبل الخوض فى تفاصيله التى لم يتم الإعلان عنها بشكل كامل حتى الآن أنه سيؤدى إلى اتساع الفجوة الموجود أساساً بين العاصمة والمحافظات من حيث توافر الخدمات.
وقال حجاج، تحديد فرض رسوم معيشية بالعاصمة الجديدة يعزز الشكوك التى أثيرت من قبل عقب الإعلان عن مخططات القاهرة مثل مخطط القاهرة 2020 والقاهرة 2050، والتى كانت تتضمن إخراج السكان البسطاء من بعض المناطق المقيمين بها فى القاهرة، خاصة أن إجبار المواطنين على دفع رسوم إضافية مقابل الحصول على الخدمات سيساهم إلى حد كبير فى إحجام المواطنين عن الإقامة فى القاهرة، وهو الأمر الذى سيسهل فى تنفيذ بعض المخططات التى ترى أن القاهرة يجب تخصيصها لتقديم الخدمات السياحية والفندقية للأثرياء.
ممدوح حمزة شكك فى شروط هيئة التخطيط العمرانية..
"الإسكان" تتجمل بمخطط "قديم" للعاصمة الجديدة
الخميس، 09 يوليو 2009 12:45 م