إذا سألت أى مثقف مسيحى عن الأحداث والوقائع التى تمت وقت دخول العرب والإسلام إلى مصر فسيعتمد على مخطوطة تكاد تكون وحيدة للأسقف يوحنا النقيوسى صاحب تاريخ مصر المكتوبة باللغة الحبشية القديمة، والتى يرى القس الراهب بيجول السريانى المهتم بعلم المخطوطات التاريخية للكنيسة أن أصلها مفقود والنسخة الوحيدة الموجودة محفوظة بالمتحف البريطانى، وهذا للأسف خسارة كبيرة لأن الأسقف «النقيوسى» هو المؤرخ الوحيد المصرى فى القرون الأولى الذى تناول تاريخ مصر ككل، وأكد القس عبدالمسيح بسيط أستاذ التاريخ الكنائسى أن الكنيسة لا تعرف عن عمرو بن العاص شيئا غير ما جاء فى هذه المخطوطات، وبناء على المعلومات الواردة فى هذه المخطوطة اعتبر المحامى القبطى ممدوح رمزى أن مصر تعرضت لغزو إسلامى وليس «فتح» على يد عمرو بن العاص الذى ارتكب الكثير من الأمور التى أضرت بالأقباط ومثلت لهم اضطهادا وصل إلى حد القتل، والإجبار على الدخول فى الإسلام، بالإضافة طبعا إلى إجبارهم على دفع الجزية، وأنه «أى عمرو بن العاص» كان يزيد من قيمة الجزية عندما تتحول مجموعة من المسيحيين الى اعتناق الديانة الإسلامية؛ لضمان تدفق الأموال وتضييق الخناق على المسيحيين، وأكد أن بقاء الأقباط حتى الآن هو معجزة من معجزات الدنيا بسبب ما تعرضوا له فى ذلك الوقت من اضطهادات ومضايقات، واعتبر أن مجىء عمرو بن العاص بالشكل الذى ذكرته المخطوطة يعد نكبة حقيقة على البشرية.
بناء على هذا تم اعتبار القائد الإسلامى عمرو بن العاص مؤسس الاضطهاد فى مصر ومحرق المسيحيين، وهادم الكنائس، والحاكم الطاغية، ويذكر المثقفون المسيحيون والمهتمون بالشأن القبطى أن المخطوطة ذكرت تفاصيل المعارك الحربية التى قام بها المسلمون، وكيف عذب عمرو بن العاص الأقباط وسخرهم ليحملوا طعام الحيوانات الأمر الذى جعلهم يهربون إلى مدينة الإسكندرية بكل أموالهم وخزائنهم وحيواناتهم، وهذا ما جعل عمرو بن العاص يرسل إليهم بعضا من جيشه ليسرق ذهب الأقباط ويعذبهم ويسجنهم ويقطع أيديهم قبل أن يهربوا مرة أخرى الى جنوب مصر، ما دفعه إلى نهب الكثير من الأموال والنساء والأطفال وإحراق كل مدينة بها أقباط..
ثم كانت المفاجأة..حينما نفى الدكتور عمر صابر عبدالجليل أستاذ علم اللغات السامية المقارن بكلية الآداب بجامعة القاهرة والمترجم الأصلى للكتاب كل هذه الادعاءات وقال: قمت بترجمة المخطوطة بعد الاطلاع عليها فى المتحف البريطانى عام 1982 ونشرتها منذ عدة سنوات بعنوان (تاريخ مصر ليوحنا النقيوسى) وحقق الكتاب نجاحا كبيرا بعد ترجمته إلى العربية وتمت طباعته عدة مرات واصفا الكتاب بأنه مرجع لكل من يريد معرفة التاريخ القبطي، لأن الأسقف «يوحنا النقيوسى» يعتبر شاهد عيان على الفتح الإسلامى لمصر، ويعتبر المصدر الوحيد والأساسى فى هذه الحقبة التاريخية، وقال: المخطوطات التى عثرت عليها فى المتحف البريطانى كانت عبارة عن صورة من الميكروفيلم، وتوضح مدى تسامح المسلمين مع المسيحيين فى ذلك الوقت، وتنفى كل الشائعات والأكاذيب المغرضة التى تمت إثارتها مؤخرا، من نهب أموال الأقباط وإجبارهم على الدخول فى الإسلام، وذكر أنه لا يوجد أى كلمة فى المخطوطات تشير إلى أن عمرو بن العاص أحرق مكتبة الإسكندرية وهى أكذوبة ولا يوجد فى أى باب من أبواب المخطوطة الـ122 ما يقول ذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة