مع اقتراب الانتخابات الرئاسية فى مصر بعد عامين، تعود مسألة التوريث لمقدمة المشهد السياسى من جديد. هذا ما عبر عنه الكاتب المصرى أسامة دياب فى مقاله بموقع وورلد برس "World Press" المعنى بشئون السياسة والاقتصاد فى العالم.
وتحدث الكاتب فى مقاله الذى جاء تحت عنوان "انتقال السلطة تم بالفعل فى مصر"، عن المؤشرات التى تؤكد على أن جمال مبارك هو الحاكم الفعلى فى مصر وإن لم يكن يحمل لقب "رئيس" رسمياً. ويرصد دياب التغييرات السياسية والاجتماعية التى تعنى تغيير النخبة الحاكمة فى مصر والتى يكون من بينها الرئيس.
ويبدأ الكاتب مقاله بالقول: فى الأسبوع الماضى، نشرت جريدة الشروق خبراً يفيد بأن شخصيات هامة فى الحزب الوطنى الديمقراطى التقت لتحديد اسم المرشح الرئاسى لانتخابات عام 2011، ولم يذكر الخبر أية مصادر، كما صدرت عشرات البيانات من الحزب الوطنى التى تنكر حدوث مثل هذا الاجتماع. غير أن هذه الشائعة أثارت من جديد قضية الخلاقة. فليس مهماً مدى إنكار الحزب الوطنى لاختيار اسم مرشح بعينه، لأن هذا الأمر سيحدث فى القريب العاجل.
ورغم أن جمال مبارك، ابن الرئيس، نجح فى الدخول إلى الساحة السياسية بهدوء، إلا أن بروزه كمرشح الحزب الوطنى فى الانتخابات القادمة أمر واضح. فهو يلقى خطابات رئيسية ويقوم بجولات فى القرى الفقيرة ولديه آراء فى كل القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. وبما أن مصر كانت تتم إداراتها طوال الوقت من قبل رجل واحد، فإن النخبة غالباً ما تعكس أيدولوجية الحاكم وهويته ومعتقداته. فالاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى مصر تشير إلى أن جمال مبارك لديه نفوذ يتسع مداه يوماً بعد يوم.
واستعرض الكاتب الصعود السياسى لجمال مبارك، والذى بدأ فى عام 2002 عندما تم تعيينه رئيساً للجنة السياسات. وبعد عامين تم تشكيل حكومة برئاسة د. أحمد نظيف، مُنحت فيها وزارات حيوية لوجوه جديدة غير مألوفة تتحدث الإنجليزية بطلاقة وأعمارها مقاربة لعمر جمال مبارك تقريباً وتلقوا تعليمهم، فى أغلب الأمر، فى الدول الغربية. وهذه الحكومة تعرف فى مصر باسم حكومة رجال الأعمال. وبالنظر إلى الخط الزمنى فى مصر، يمكن للمرء أن يعرف كيف أن الاتجاهات السياسية والاقتصادية تحدد الفكر الجديد وكيف وجد جمال مباراك لنفسه مكاناً عند منتصف المنحنى.
ففى عصر الانقسام الاجتماعى فى فترة ما قبل ثورة يوليو 1952، كانت الطبقة الأرستقراطية هى التى تحكم البلاد، وكان الباشوات هم قمة هذه الطبقة، فكل الوزراء المهمين، والشخصيات السياسية وحتى رجال الأعمال يحملون لقب باشا. فى عام 1952، عندما قامت الثورة، أو الانقلاب العسكرى بالأحرى، حل ضباط الجيش محل الباشوات فى الحكم. وظل الوضع هكذا حتى صعود المتشددين الإسلاميين واغتيال الرئيس السابق أنور السادات وإعلان حالة الطوارئ المستمر العمل به منذ هذا التاريخ. وهو ما منح القوة لنخبة جديدة وهى الشرطة. ولمدة ما يقرب من ثلاثة عقود، وحتى منتصف التسعينيات حول قانون الطوارئ مصر إلى دولة بوليسية، بعد أن اكتسبت الشرطة قوة هائلة من محاربتهم للتشدد الإسلامى.
والآن تمر مصر بفترة انتقالية والاتجاه يتغير مرة أخرى. فالشباب الذين اعتادوا على أن يكون طموحهم أن يصبحوا ضباط شرطة أو جيش، يحاربون الآن من أجل إيجاد فرصة فى الشركات الأجنبية متعددة الجنسية والبنوك وشركات تكنولوجيا المعلومات التى يتم افتتاحها كل يوم فى مصر.
وأصبحت دراسة الاقتصاد أو إدارة الأعمال فى واحدة من المعاهد التعليمية الغربية الجديدة أحدث طريقة لتأمين مكانة اجتماعية مرموقة فى الطبقة فوق المتوسطة. فخلال السنوات الست الماضية، تم افتتاح جامعات كندية وألمانية وبريطانية أمام الطلاب وتقدم لهم فرصة فى عالم الشركات التى تتخذ مقراً لها فى برجى مركز التجارة العالمى الموجود على كورنيش النيل، وأصبح حلم كثير من الشباب المصريين الحصول على وظيفة فى بنك دولى مقره فى أحد البرجين. وكل هذا بتأثير من شخصية جمال مبارك الليبرالية الجديدة التى تميل إلى الغرب.
وتثير مسألة ما إذا كان جمال مبارك سيصبح الرئيس القادم أم لا جدلاً كبيراً فى مصر. لكن نظرة سريعة فى الخط الزمنى للاتجاهات الجديدة فى مصر إلى جانب نظرة متفحصة للسيرة الذاتية لجمال مبارك، سنجدها تشير إلى أنه هو الحاكم الحالى لمصر على الرغم من أنه لا يحمل لقب الرئيس رسمياً.
قضية التوريث بمصر تفرض نفسها بقوة على الساحة العالمية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة