"هيومان رايتس" تكشف وقائع تعذيب لإيرانيين

الأربعاء، 08 يوليو 2009 10:15 م
"هيومان رايتس" تكشف وقائع تعذيب لإيرانيين أعمار المعتقلين فى أعقاب الانتخابات الإيرانية تتراوح بين 15 و70 عاماً..
كتب أحمد مصطفى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قالت منظمة "هيومان رايتس ووتش" لحقوق الإنسان إن السلطات الإيرانية تستعين بعمليات الاستجواب المطول المنطوى على القسوة والضرب والحرمان من النوم والتهديد بالتعذيب، من أجل انتزاع اعترافات كاذبة من المحتجزين الذين تم القبض عليهم منذ نتائج الانتخابات الرئاسية المختلف حولها، فى 12 يونيو.

ويبدو أن الاعترافات مُصَممة بحيث تدعم المزاعم التى لا أساس لها من الصحة من كبار المسئولين الحكوميين بأن المظاهرات التى نشبت بعد الانتخابات – وقُتل فيها 20 شخصاً – هى بدعم من قوى أجنبية ترمى إلى قلب نظام الحكم.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى هيومان رايتس ووتش: "الحكومة الإيرانية تبذل قصارى جهدها لتبرير هجماتها القاسية على المتظاهرين السلميين". وتابعت قائلة: "وهل هناك مبرر للهجمات أفضل من الاعترافات المنتزعة بالضرب من المحتجزين بوجود مخططات أجنبية ؟"

وجمعت هيومان رايتس ووتش شهادات من المحتجزين بعد إخلاء سبيلهم، ويظهر منها كيف تسيىء السلطات معاملة السجناء وتهددهم فى محاولة متعمدة لانتزاع اعترافات كاذبة.

وقال صبى يبلغ من العمر 17 عاماً لـ هيومان رايتس ووتش، سبق اعتقاله فى 27 يونيو ثم أخلى سبيله فى 1 يوليو ، قال كيف أجبره المحقق فى السجن هو وآخرين على توقيع بيان اعتراف فارغ لم تكن به كلمة واحدة:

فى اليوم الأول، أثناء تعصيب أعيننا، نقلنا المحقق إلى منطقة انتظار للسيارات. وأجبروا الجميع على الوقوف طيلة 48 ساعة دون أن يسمحوا لنا بالنوم. وفى الليلة الأولى، أوثقوا أيدينا وضربونا مراراً بالهراوات. وراحوا يسبوا السجناء، وكان الوضع مخيفاً للغاية. تبول الجميع على أنفسهم من الخوف والتوتر. كان يوجد أطفال يبلغ عمرهم 15 عاماً ورجالاً يفوق عمرهم السبعين، وراحوا يستجدون ويبكون طلباً للرحمة، لكن الحراس لم يبالوا.

وبعد يومين من الاستجواب، وفيما كنا معصوبى الأعين، سألونا عن كل شيء: أين ندرس ومن آبائنا وما عملهم ولمن صوّتنا، ومن المتعلم فى الأسرة، وإذا كانت الأسرة تابعة للجيش. وأجبرونا على تقديم أسماء الجميع. كان وضعاً مخيفاً لأننا كنا تحت التهديد ونتعرض لمعاملة شديدة القسوة. كل ما سمعناه كان أصوات بكاء وصراخ الآخرين.

أعطونا قطعة خبز كبيرة مرة واحدة، لكن دون منحنا ماء. فى اليوم الأخير خلعوا عصابات الأعين لإجبارنا على توقيع ورقة فارغة مكتوب على طرفها السفلى "أصدق على الأقوال الواردة أعلاه".

وقال مسؤولون إيرانيون رفيعو المستوى إن المحتجزين اعترفوا بتورطهم فى مخطط بدعم أجنبى لقلب نظام الحكم بثورة "مخملية". مجتبى ذوالنور، ممثل المرشد الأعلى آية الله على خامنئى والتابع للحرس الثورى، قال يوم 2 يوليو الجارى إن جميع السجناء البارزين، باستثناء واحد، قد اعترفوا. وأثناء خطبة صلاة الجمعة فى 3 يوليو الجارى ، قال آية الله أحمد جنتى – أحد كبار أعضاء مجلس صيانة الدستور – إن الحكومة ستكشف علناً عن بعض الاعترافات المستخلصة من المحتجزين.

وقد أذاعت وسائل الإعلام التى تسيطر عليها الدولة بالفعل اعترافات بعض المحتجزين. أمير حسين مهدوي، رئيس تحرير الصحيفة الإصلاحية التوجه آنديش نو، اعترف على شاشات التلفزة الإيرانية فى 27 يونيوالماضى بأن الجماعات الإصلاحية وضعت خططاً لإثارة حالة من زعزعة الاستقرار قبل انتخابات 12 يونيوالماضي. وقال أصدقاء لمهدوى شاهدوا هذا الاعتراف لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان من الواضح من مظهره أنه اعترف تحت الإكراه.

ومن المحتجزين الذين أُجبروا مؤخراً على الظهور على شاشات التلفزيون الإيراني، مراسل النيوزويك فى إيران، مارياز بهاري. وقد تم احتجازه فى 21 يونيو/الماض أيضا ومن المعتقد أنه فى سجن إيفين فى طهران، حيث وثقت هيومن رايتس ووتش حالات تعذيب وإساءات أثناء الاحتجاز فى سنوات ماضية. ولم يُسمح له بمقابلة محامى أو رؤية أمه المسنة، التى يقيم معها. ولم يتم توجيه اتهامات إلى بهاري، وهو حائز على الجنسيتين الإيرانية والكندية.

وفى 30 يونيو ، أفادت وكالة أنباء فارس، شبه الرسمية، بأن بهارى ظهر فى مؤتمر صحفى استنكر فيه جهود الإعلام الغربى لإثارة الاضطرابات فى إيران، بشكل مشابه لما حدث عام 1989 فى تشيكسلوفاكيا، وأقر بدوره فى تغطية "المظاهرات غير القانونية". وقد دافعت صحيفة "نيوزويك" بقوة عن براءة بهارى ودعت إلى إخلاء سبيله على الفور.

فاجيهة مرسوسي، زوجة المفكر المعارض سعيد هجاريان، الذى اعتقلته السلطات فى 15 يونيو، تعتقد أنه تعرض لضغوط هائلة لتوقيع اعتراف مزيف. وبعد زيارته فى سجن إيفين، تعتقد أن حياته فى خطر جراء تدهور حالته الصحية وعدم تلقيه الرعاية الطبية أثناء الاحتجاز.

وتستمر المعلومات عن الإساءة إلى المحتجزين الإيرانيين فى التدفق. وقال شاهد عيان زار المحكمة الثورية فى 1 يوليوالجارى لـ هيومن رايتس ووتش:
المئات من أسر المحتجزين كانت متجمعة أمام مدخل المحكمة. وعلى جدار المحكمة كانت توجد ورقة فيها أسماء 1349 سجيناً. وهى قائمة بالأشخاص الذين ستفرج عنهم المحكمة عما قريب. كما كانت توجد قائمة منفصلة بأسماء 223 شخصاً. وورد فيها أن السلطات ما زالت تحقق مع هؤلاء الأشخاص وأن على أسرهم العودة بعد أسبوعين. وخلال الساعات التى قضيتها قبل ذلك أمام المحكمة، شهدت إخلاء سبيل بعض الأشخاص. وجميعهم تقريباً كانوا مصابين بندبات وكدمات على وجوههم وأيديهم. وبعض الأسر، بعد أن شاهدوا ابنائهم وبناتهم فى هذه الحالة المزرية، شرعوا فى البكاء، فيما زعمت أسر أخرى أن الأبناء والبنات غير واردين فى قوائم الأسماء المُعلقة.

واعتقلت السلطات آلاف الأشخاص فى حملة استهدفت شتى أنحاء إيران، بغية وضع حد لتظاهرات الشوارع الجماعية التى بدأت فى طهران ومدن أخرى فى 13 يونيو بعد إعلان النتائج الرسمية فى 12 يونيو للانتخابات، والتى منحت الرئيس محمود أحمدى نجاد نصراً ساحقاً. ورغم أن السلطات أفرجت فيما بعد عن الكثير من المحتجزين، إلا أنها استمرت فى إجراء اعتقالات جديدة.

وجمعت هيومن رايتس ووتش 450 اسماً لأشخاص اعتقلهم الأمن منذ 13 يونيو ، ومنهم أكثر من 100 سياسى وصحفى وناشط حقوقى وأكاديمى ومحامي.

وأغلب المحتجزين المعروفين محتجزين بمعزل عن العالم الخارجى منذ ثلاثة أسابيع تقريباً دون القدرة على مقابلة المحامين أو الأسرة، مما يثير شكوكاً موسعة إزاء احتمال تعرضهم للإساءات والضغوط للإدلاء باعترافات كاذبة.

وفى الماضي، تكرر تعريض الحكومة الإيرانية للسجناء السياسيين لمختلف ألوان الضغوط، ومنها الضرب والحرمان من النوم والحبس الانفرادى والتعذيب والتهديد بالتعذيب فى محاولة لإجبارهم على الإدلاء باعترافات تقوم السلطات فيما بعد بنشرها علناً لتجريم المعارضين ونزع المصداقية عنهم.

ونتيجة لهذا السجل فى الإساءات، فإن أقارب وأصدقاء وزملاء العديد من المحتجزين البارزين الذين اتصلت بهم هيومان رايتس ووتش أثاروا المخاوف من إساءة معاملة المحتجزين واحتمال إجبارهم على الإدلاء باعترافات كاذبة.

ويحمى القانون الدولى لحقوق الإنسان وبشكل واضح المحتجزين من المعاملة السيئة، بما فى ذلك الاعترافات "المنتزعة بالإكراه". والمادة 14 من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وإيران دولة طرف فى ذلك العهد، تنص على أن كل شخص يُتهم بجريمة له الحق فى "الاتصال بمحاميه وبمن يختار من أشخاص" وألا "يتم إجباره على الشهادة ضد نفسه أو تجريم ذاته". والمبدأ 21 من مبادئ الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص الخاضعين لأى من أشكال الاحتجاز أو السجن ورد فيه: "أى شخص خاضع للاحتجاز يجب ألا يتعرض أثناء الاستجواب للعنف أو التهديدات أو أساليب الاستجواب التى تمس بقدرته على اتخاذ القرار أو الحُكم الصائب". ومن المبادئ الأساسية بالقانون الدولى لحقوق الإنسان أن جميع الأدلة، ومنها الاعترافات، المنتزعة بالإكراه أو غيرها من أساليب المعاملة السيئة، يجب استبعادها من قائمة الأدلة.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة