لم يكن السؤال بمفاجأة، ولم تكن الإجابة عليه بصعبة، حتى ولو طرح السؤال بأى لغة، وكانت هناك أخطاء فى الترجمة مثل امتحانات الثانوية العامة، فالإجابة معلومة للجميع.
فقلت له مجيباً سوف أقص عليك قصة حدثت فى أوائل التسعينيات، حيث كان هناك طالبان يدرسان فى إحدى الجامعات الإنجليزية، وقد بادر أستاذ اللغة الإنجليزية بسؤال طالب مصرى عن أهم الشخصيات فى العالم، فقال الشاب المصرى إنه سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وقال الطالب الإيرانى إن شاه إيران هو أفضل شخصية فى التاريخ.
ومن المؤكد بأنه شتان بين الاثنين. لكن أستاذ اللغة الإنجليزى قدم لنا تفسيرا منطقيا، وهو أن المواطن الإيرانى أسير ثقافة الخوف التى ترسخت فى أعماقه وتربى عليها، وخشى أن يكون الأستاذ نفسه موالياً للشاة فيكون أورد نفسه مواطن التهلكة، تلك هى ثقافة الخوف، والتى انتقلت إلينا من إيران إلى مصر.
المهم نعود إلى السؤال: ماذا لو ارتفع سعر الرغيف إلى أكثر من جنيه؟.. وماذا سيفعل المواطن؟ قلت له لا شىء، ولن يتحرك، وسوف يعيش الصمت كله؟ وسوف يقول حسبى الله ونعم الوكيل، ويكتفى بذلك لن يثور ولن ينفعل، بل سوف تصيبه البلادة أكثر، ويستسلم أكثر، وسوف يظل يرفع الراية البيضاء احتراماً للإله الأكبر ونظامه، لأنه يعلم بأن المعتقلات مفتوحة لمن يطالب بحقه فى مقدرات الأمة.
ربما يبحث عن مصدر آخر لتعويض الفارق فى السعر برفع سعر السلعة التى يبيعها، ربما يرفع قيمة الدرس الخصوصى – ترتفع قيمة الفيزته – تزيد الرشاوى كما وكيفا، تزيد السرقات ويكثر اللصوص، وتتنوع السرقات، التوسع فى أعمال النخاسة والتجارة بالجسد، زيادة ظاهرة انتشار أطفال الشوارع ونسائه ورجاله.
سوف يكون الانتقام ورد الفعل من مواطن ضد مواطن، من فقير ضد فقير، من محتاج ضد محتاج، من مظلوم ضد مظلوم.. ويظل الظالم حراً طليقاً ناعم المعيشة وهادئ البال.
الحكومة كسبت الرهان مقدماً، فإنها ترى نتائج صنع يدها فى صناعة اشتهرت بها وازدهرت فى عهدها وهى صناعة الخوف.
لو ارتفع سعر رغيف الخبز عشرة جنيهات لن يتحرك مواطن ولن يتأثر النظام، فما نملكه نحن الرجال هو نفس ما تملكه المرأة من آلاف السنين بأن نكشف عن رؤوسنا ونقول "حسبنا الله ونعم الوكيل".
سامى عبد الجيد أحمد يكتب:ماذا لو ارتفع سعر رغيف الخبز إلى جنيه أو أكثر؟
الأحد، 05 يوليو 2009 10:01 ص