القضية ليست ما هى البهائية، وهل هى ديانة أو عقيدة وهل هى كفر أم لا. المواطن الصالح يقاس ليس بديانته ولكن باحترامه القانون، وبالخدمات التى يقدمها للمجتمع.
مصادرة الدولة الحريات الدينية استبداد ما بعده استبداد، لأن الأصل هو حرية الفرد الكاملة وغير المنقوصة فى اختيار ديانته، حتى ولو كانت البوذية، أليس هذا ما ينص عليه الدستور المصرى وكل أعراف حقوق الإنسان؟
القضية هل نحترم فى مصر حقوق المواطنة، حق المواطن المصرى فى الحياة والأمن والعمل والتعبير عن الرأى وحرية الاعتقاد وإقامة شعائره الدينية، كما هو النص فى الدستور المصرى نفسه أم لا.
إن كنا لا نحترم حرية العقيدة، كما ظهر الحال فى قضية البهائيين والكثير من القضايا التى أدت إلى الاحتقان الطائفى والسياسى فى مصر، فلنرفع المواد التى تؤكد على احترام حرية العقيدة من الدستور، إن كنا لا نؤمن بحقوق المواطنة، وترتفع عقيرة البعض منا استغلالاً للبند الثانى من الدستور التى تقول لنا أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الأساسى للتشريع، ونتهم كل مواطن مصرى يؤكد على حقه الدستورى فى حرية العقيدة أنه يعمل لصالح الشرق أو الغرب، وأنه يعمل ضد مصالح مصر، فلنرفع المواد التى تؤكد على حقوق المواطنة بصرف النظر عن الجنس واللون والأصل والدين والعقيدة، أو فلنؤكد بما لا يدع مجالاً للشك والتأويل حتى لا يستغل البعض هذا البند من الدستور لفرض نظرتهم الضيقة، أن مبادئ الشريعة الإسلامية لا تتعارض مع حقوق المواطنة وحرية العقيدة، ونوضح بما لا يدع مجالاً للتأويل ما هى هذه المبادئ بالضبط ولا ندع الأمر مبهما، فنقع فى فوضى دستورية، تؤدى إلى تناقض فى الأحكام القضائية.
إن قضية البهائيين فى حد ذاتها، ليست البهائية كعقيدة، بل هى قضية حرية العقيدة وحقوق المواطنة وسيادة القانون، وقضية ما هو الإصلاح الدستورى الذى يتكلم عنه الجميع فى مصر الآن، حكومة وحزبا ومعارضة وقوى مدنية.
ما هى الإصلاحات الدستورية التى نريدها، هل هى الإصلاحات التى تؤكد على مدنية الدولة وحقوق المواطنة وحرية العقيدة وسيادة القانون والفصل بين السلطات الثلاث واستقلال القضاء، أم نريد إصلاحات دستورية تؤكد على دينية الدولة المصرية وأنها دولة إسلامية، الشريعة الإسلامية وبطريقة مبهمة هى المهيمنة والمسيطرة على ما عداها، لأن الحقيقة والواقع على الأرض تقول إن الإصلاحات الدستورية الأولى تختلف وتتناقض جوهرياً مع الإصلاحات الدستورية التى تؤكد على هيمنة الشريعة الإسلامية على ما عداها، إن كنا نريد فض هذا الاشتباك وهذا التناقض فلابد أن نحدد بالضبط ما هى مبادئ الشريعة الإسلامية وأن نؤكد بما لا يدع أى مجال للاختلاف والتأويل، أن هذه المبادئ لا تتعارض مع حقوق المواطنة وحرية العقيدة وسيادة القانون ومدنية الدولة فى مصر.
لهم ولنا الله ولكل مواطن مصرى يحرم من حقوقه التى ينص عليها الدستور.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة