الجد الذى حصل الأسبوع الماضى على حكم يقضى بحرمان مها من ابنها، ليذهب إلى حضانة شقيقة جده، لا يعرف إن كان عليه أن يشعر بالحزن على فقد ابنته الوحيدة التى لا يعرف مكانها منذ أربع سنوات، أم بالسعادة لأن القضاء أنصفه وحقق له ما تمنى. فآسر حفيده، وحبه الأول منذ أن أنجبته والدته غير موجود، لكنه يأمل فى أن يتمكن فى الأيام القادمة من العثور عليه، ويقول "هأجيبهم حتى لو كانوا فى آخر الدنيا".
حين ذهبنا إلى الجد، كان فى انتظارنا بلهفة شديدة، وسارع بإدخالنا إلى غرفة الصالون ليكشف لنا ما يشبه "معرض صور" على الحائط، صور مها منذ سنوات عمرها الأولى، صور مها بالحجاب، وصورها بعد خلع الحجاب، وصور آسر حفيده الحبيب.. ثم وضع أمامنا المزيد من ألبومات الصور، ونسخاً من الخطابات التى أرسلها للرئيس مبارك، وأجهزة الأمن، والحاج مدبولى، وصحف ومذيعين ومذيعات، يطالبهم فيها بوقف خطر البهائية على البلاد والعباد.
قال المهندس محمد صالح: "أنا كنت مرتبطاً بآسر ارتباطاً كلياً وجزئياً، فمها كانت تعمل مدرسة موسيقى، ومطربة بكورال الأوبرا الغربى، وزوجها كان يعمل عازف أورج فى العديد من الفرق الغنائية، أما آسر فكان يقضى معنا أيام طوال وأسابيع".
وقال: "كنت آخذه معى إلى الجامع وحفظته الفاتحة وقل هو الله أحد، وسافرنا معاً إلى العجمى ورأس البر، كانت ذكريات عظيمة"، ثم يعود بالذاكرة للوراء حين كان يأخذ مها ابنته إلى دار الأوبرا لتشاهد بحيرة البجع وتستمع إلى موتزارت وباخ، وبيتهوفن، وعن البيانو الذى اشتراه لها عندما كانت فى كلية التربية الموسيقية، وعن صوتها الفاتن، وكيف أنها أذهلته عندما عزفت له نشيد السلام الملكى من النوتة مباشرة.
ويحكى كيف كانت ابنته تصلى وتحفظ القرآن والأحاديث وترتدى الحجاب حتى عام 2000 عندما عملت فى مدرسة السيدة زينب الثانوية للبنات، وهناك التقت بوالدة زوجها الحالى أسامة، وكانت تعمل وكيلة المدرسة. ويقول إنه عندما تقدمت أسرة أسامة لخطبة مها لم يشك للحظة أنهم بهائيون، ليس فقط لأن البطاقة مسجل بها عبارة "مسلم"، وإنما لأنهم كانوا أناس على درجة عالية من الثقافة والاحترام، وكانوا يتكلمون بالقرآن، صحيح أن حماة ابنته كانت أحياناً تردد أناشيد تشبه الصوفية، إلا أن ذلك لم يكن كافياً ليعرف الحقيقة.
ويقول: إنه بعد عامين من زواج ابنته أتت له إحدى صديقاتها المقربات "أمينة" بصحبة والدتها لتخبره أن ابنته بهائية، وأنها كانت تعلم ذلك من البداية، وكانت تحاول طوال تلك الفترة إعادتها إلى الإسلام لكن دون جدوى، وأن ضميرها أجبرها على الاعتراف لوالدها فى آخر الأمر.
لكنه لم يأخذ كلام أمينة على محمل الجد إلا عندما اكتشف أن غرفة نوم ابنته فى بيت الزوجية معلق فيها صورة شخص غريب الهيئة ومعمم، فى البداية ظنه جد زوجها، إلا أنه عندما سألها أخبرته بكل ثقة "دا عبد البهاء يا بابا"، وقبل أن يبلع الرجل دهشته أضافت "أيوه أنا بهائية، وأسامة كمان".
لم يعرف المهندس محمد عبد الفتاح ما الذى يفعله بالضبط فى هذه اللحظة. لماذا حدث ذلك؟ هل بسبب بطاقة زوج ابنته التى لا يوجد بها أى شىء يدل على أنه غير مسلم. أم بسبب أسطوانات الموسيقى التى تملأ بيته، أم بسبب مشاوير الأوبرا، أم أنه حظه السىء. لكن فكرة أنه مخدوع لم تفارق ذهنه.
فى البداية قرر أن يثنى ابنته عما هى فيه بالإقناع، فبدأ الكلام، والجدال، وكل وسائل الضغط طوال ستة أشهر بلا فائدة، حتى جاءت اللحظة التى قرر خلالها أن يغير طريقته مع مها ابنته وزوجها، فطريق الحوار طويل وغير مضمون، والزوج لا يريد تطليق ابنته وتركها لحالها، ثم إنه يأتى إلى بيت حماه محملاً بالكتب، والأوراق التى تثبت أن البهائية دين، هل يحاول أسامة إقناع الرجل بالبهائية.
يقول المهندس محمد: "ضربته وشتمته وطردته من منزلى، ومها خرجت معه"، لكن بعد ثورة الغضب تذكر الجد حفيده الذى لا يريد أن يخسره. فقرر التصرف بطريقة تسمح له الإبقاء على الولد فى حضنه ويحميه من نار جهنم، وخسارة أى أحد آخر حتى ولو كانت ابنته مها، وبدأ المشوار.
فى البداية توجه الوالد إلى أمن الدولة ليتم القبض على الزوجين، "أو يرجعان للإسلام أو يطبق عليهما حد الردة"، إلا أن الضابط أخبره بأن هذه أمور عائلية. بينما علم هو أن السبب الحقيقى أن هناك "ناس بتوع حقوق إنسان، وبطرس غالى، وأمريكا واقفين مع البهائيين"، لكنه لم يستسلم، فكتب عشرات الخطابات المسجلة بعلم الوصول إلى كافة وسائل الإعلام والجهات المعنية ومن بينها الرئيس مبارك، يدعو فيها "لوقف خطر البهائية على البلاد والعباد"، صحيح أن عدة برامج استجابت لخطاباته بحلقات مطولة عن الموضوع، إلا أن هذا أيضاً لم يشفِ غليله، فحفيده لا يزال فى كنف أم وأب بهائيين.
أشار عليه أحدهم بالتوجه إلى الشيخ على جمعة مفتى الديار المصرية فى جامع السلطان حسن بعد صلاة الجمعة، فتوجه إليه وحكى له حكاية مها، فسأله الشيخ جمعة "هل تحولت للبهائية عن اقتناع أم هروباً من تعاليم الإسلام"، فقال "عن اقتناع"، فأفتاه الشيخ على جمعة قائلاً "اعتبرها ماتت، وارفع قضية تطالب بضم الطفل"، فلم يكذب خبراً، وتوجه مباشرة إلى نبيه الوحش المحامى، لأنه رأى فيه شخصاً خبيراً بأمور البهائية، ورفع الدعوى بالفعل واستمرت القضية فى المحاكم ثلاث سنوات قبل أن يحصل على حكم بضم الولد لشقيقته الحاجة فايزة.
لكن هل من الأفضل لآسر أن يواصل العيش فى كنف أمه وأبيه، أم أن يحرم من أسرته، يجيب الجد، "ما يهمنى هو الآخرة، ومن رأى منكم منكراً فليغيره"، ويضيف: "أنا طبقت فتوى الشيخ على جمعة، وهو من أهل الثقة ولو كانت جت من حد غيره ماكنتش هأكون مطمأن للى أنا بعمله"، ثم يوجه المهندس محمد عبد الفتاح النداء التالى لكل المسئولين "البهائية هدفها محاربة الإسلام، وهى أشد خطراً على مصر من الصهيونية"، ويضيف "أفضل خطوة عملتها الدولة أنها وافقت على تمييزهم حتى لا يخدعونا، ولو الخطوة دى اتعملت من زمان، ماكنش اللى حصل ده حصل".
عمة مها التى حصلت على الحضانة تقول: "إما أن ترجع للإسلام، أو نأخذ ابنها".
أول عبارة قالتها الحاجة فايزة حين سألناها عن انطباعها عن الحكم الذى صدر بحصولها على حضانة آسر أسامة حفيد شقيقها، بسبب اعتناق والدته البهائية هى "أنا مسرورة بالحكم لأن الولد مسلم زينا"، وأضافت أن آخر مرة التقت فيها مها كانت قبل اختفائها بأربعة أيام فى عام 2006، ولم تكن تعلم ساعتها أنها ستسافر. وأضافت أنها سمعت أن مها سافرت إلى قبرص، ثم إلى أستراليا لأن أفراد من عائلة زوجها مهاجرون هناك، إلا أنها لا تعلم على وجه الدقة مكان وجودهم.
وتقول الحاجة فايزة، إن لديها أربعة أبناء أحدهم ضابط، ومهندسة، وخريج سياحة وفنادق، والأخير يحمل ليسانس آداب. وحين سألناها هل تقبلين أن يأخذ منك أحد ابنك لأى سبب من الأسباب، قالت "استحالة حد ياخد ابنى منى"، لكنها أضافت أنها متأكدة أن الحكم لن يتم تنفيذه، لأن مكان إقامة مها وابنها وزوجها غير معلوم، وأن الإجراء القضائى الذى اتخذه والد مها يهدف أساساً إلى إعادتها للإسلام.
وتحكى الحاجة فايزة عن مها قائلة، إنها كانت مثال الأدب والأخلاق، وكانت تبر عائلتها، وزارتها عدة مرات فى المستشفى حين كانت مريضة. وأن زوجها أسامة هو السبب فى كل ما حدث لها لأنه شوش أفكارها. وقالت "إحنا عاوزينهم يرجعوا الاتنين مها وآسر، لكن لو مارجعيتش هأنعمل إيه غير إن إحنا نحاول نحمى الولد من نار جهنم"، ثم أضافت "لكن مافيش حد يستغنى عن ضناه، أنا عارفة إن الواد موش جاى، والحكم موش هايتنفذ".
"غادة" صديقة مها فى الكورال: "لو مش هاترجع للإسلام يبأى ماتستهلش ابنها".
غادة حسن، صديقة مها فى كورال الأوبرا الغربى، قالت "مها كانت صديقة مقربة جداً منى، ولم نتوقع أبداً منها ما حدث، وكلنا متعاطفين مع والدها، لأنه يحمى ابنها من جهنم". وعادت غادة بالذاكرة إلى الوراء وقالت، آخر مرة رأيت فيها مها كانت تتكلم بثقة غريبة وتقول "نعم أنا بهائية"، وأن ذلك من حقها، وأنها فاجأت الجميع بجرأتها. وأضافت أن مها لم تهرب من مصر، وإنما حاولت أن تأخذ إجازة من الكورال 6 أشهر وفشلت فى ذلك، فاضطرت لترك العمل والسفر مع زوجها، لأنه عازف أورج، وهى مطربة وسيجدان عملاً فى أى مكان.
وقالت: إن مها خلعت الحجاب قبل أن تعرف أسامة زوجها، وأن أحداً لم يعرف أن زوجها بهائى، وأن كتب الكتاب كان فى مسجد السيدة نفسية، وكان زواج إسلامى بمأذون وشهود. وقالت غادة، إنها تعلم أن سحب الحضانة من أى أم أصعب شىء فى العالم، لكن "إحنا بنعمل لمصلحة الولد"، وأضافت "بس ده ممكن يخليها ترجع عن اللى هى فيه، حتى لو من غير اقتناع مش مهم، الوقت هاخليها ترجع تقتنع بالإسلام مرة تانية" أما إذا رفضت العودة للإسلام، فهى لا تستحق أن تربى ابنها آسر.
عزة عبد الحليم صديقة مها فى كورال الأوبرا، قالت "مها كانت صديقتى المقربة من سنة 1988 حين دخلت الكورال"، وإنها أخبرتها عام 2004 أنها تحولت إلى البهائية، لكن عزة رفضت أن تخبر أحداً خوفاً على صديقتها من الناس، إلا أنها فوجئت فيما بعد بأن والدها المهندس محمد عبد الفتاح يتحدث فى التليفزيون عن ابنته مها، وعن أنها تحولت إلى البهائية، كما اتصل بكل زميلاتها فى الأوبرا يخبرهم عن حقيقة تغيير مها لدينها ويطالبهم بتجنبها ومعاملتها معاملة سيئة، وهو ما حدث بالفعل، فكانت زميلات مها فى العمل تبصقن عليها، وتوجهن لها أفظع الإهانات وبشكل متواصل. إلا أن عزة ترى أن تلك الأمور لم تكن ترضيها شخصياً، لأنها مقتنعة أن مثل تلك التصرفات ستزيد من عناد مها، وتجعل الجميع يخسرونها، وأن هذا ما أخبرت به والدها، وأنها طالبته باستيعابها وعدم معاداتها، إلا أنه لم يقتنع بذلك.
وأضافت، أن مها عمرها 40 سنة، ومن الصعب على سيدة فى مثل هذا السن أن يتعامل معها والدها على أساس أنها طفلة صغيرة، وإنما عليه أن يتعامل معها بالإقناع حتى لا يخسرها ويخسر ابنها كما حدث الآن. وتؤكد عزة أن والدها مارس عليها ضغوطاً مختلفة، فبالإضافة إلى تناول سيرتها فى الصحف والتليفزيون، ورفع دعاوى قضائية عليها، قام أيضاً بإجبارها على بيع شقتها، وهى ميراثها من والدتها وحصل على الأموال، وقال إنه يضعها فى البنك لآسر ابنها، كما كان يعدها بأنه سيدفع لها مبالغ مالية لو عادت إلى الإسلام. لكنها كانت ترفض كل أنواع الضغوط التى يمارسها، حتى اختفت ولم يعد أحد يعلم عنها شيئاً. وقالت "نحن الآن نجرى وراء سراب، مها مش موجودة، ولا آسر وحتى لو موجودين ماينفعش حد ياخد طفل من أمه، المفروض يقنعها بالصح دون ضغوط".
والد زوج مها: لست بهائياً، ولن أغير عبارة "مسلم" فى البطاقة
والد زوج مها يقول إنه مسلم، وإن بطاقته تؤكد ذلك، كما أنه لن يغير عبارة "مسلم" فى البطاقة الشخصية، ويؤكد أن المهندس محمد عبد الفتاح والد مها "يشنع" عليها، لأنه يريد الاستيلاء على ميراثها، وأنه قام باستغلال غياب ابنته عن مصر حتى يقاضيها ويحصل على أحكام ضدها. ويؤكد والد أسامة، أن ابنه وزوجته لم يهربا من مصر، لأنه لا يوجد ما يدعوهما لذلك، لكنهما عانيا فى مصر من ظروف اقتصادية صعبة، ولذلك قررا السفر إلى الخارج للعمل. إلا أنه أكد أنه لا يعلم عنهما شيئاً ولا يعرف محل إقامتهما الحالى، وقال "أتمنى أن يتصل بى أسامة لأطمئن عليه وعلى حفيدى".
حمى مها يؤكد، أن والدها يعانى من خيالات وأوهام وأن الفراغ هو الذى يدفعه لما يقوم به حالياً. وقال "لا أفهم كيف يحكم قاضى بحرمان أم من ابنها"، مشيراً إلى أن جد الطفل تجاوز السبعين، وأن عمته التى حصلت على حكم بالحضانة تقاربه فى العمر. ورفض والد زوج مها الذى شدد على عدم ذكر اسمه بأنه حتى لو صح ما يدعيه والدها من أن ابنته اختارت ديناً آخر، فليس من حقه أن يقاضيها ويحاربها، بل عليه أن يدع الخلق للخالق.
مها وأسامة ـ صورة الفرح
مها وأبنها آسر مع حماها وحماتها
والد مها .. المهندس محمد عبد الفتاح
مها وابنها
آسر وجده فى المصيف
آسر وجده فى الملاهى
آسر
محمد عبد الفتاح
المهندس محمد عبد الفتاح
محمد عبد الفتاح
محمد عبد الفتاح
محمد عبد الفتاح واسطواناته
اسطوانات محمد عبد الفتاح
محمد عبد الفتاح فى المكتب
محمد عبد الفتاح يشير إلى صورة آسر
يشير إلى صورة مها فى الطفولة
يشير إلى صورة مها بالحجاب
مها قبل اعتناقها البهائية
آسر أسامة
مها
آسر وجده
آسر
جوابات بعلم الوصول لكل الجهات
آسر مع جده
مها وابنها
صورة عائلية لآسر ومها بين الأم والأب
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة