فوضى التكفير التى شهدتها الأيام الماضية نتيجة للجدل الدائر حول منح الدكتور سيد القمنى جائزة الدولة، فرضت تساؤلا كبيرا حول تهمة "الكفر" ومن يحددها أو يتهم بها غيره، وما الحالة التى يصح فيها أن يتهم البعض غيره بالكفر، بعيدا عن الخلاف فى الأيدلوجيات والاختلاف فى الأفكار.
القمنى لم يكن حالة نادرة فى هذا الأمر، فكثيرون سبقوه أو عاصروه تم رميهم بالكفر أو الإلحاد أو على أقل الضرر بالتجديف فى الأمور الدينية، فحالة الدكتور نصر حامد أبو زيد أو الدكتور حسن حنفى ومن قبلهم الدكتورة نوال السعداوى، كلها شواهد حية على هذا.. ورغم ضبابية الجدل الذى دار حولهم إلا أن الناس ظلت تتطلع إلى الأزهر أو دار الإفتاء بوصفها صاحبة الكلمة الفصل فى تحديد الخروج عن الدين بعيدا عن الفحص فى النوايا.
رجال الأزهر من جانبهم، رفضوا إطلاق تهم التكفير على "خلق الله" دون مبرر، كما يصفه الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق، والذى استشهد بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"، فالأطرش أكد أن تهمة الكفر من أشد الأمور فى الإسلام ولا يجب أن تلقى جزافا على أى مسلم، مشددا أن العلماء"الثقات" هم فقط من يمكنهم تحديد هذا الأمر، مشير إلى أن الكفر أيضا لا يكون بالتفتيش فى النوايا، إنما فقط من يجاهر بإنكار ثابت من ثوابت الدين أو يسب عقيدة من عقائد المسلمين.
وبإسقاط كلام الأطرش على حالة سيد القمنى، فإن الأمر سيختلف وهو ما وضحه الدكتور محمد الشحات الجندى عضو مجمع البحوث الإسلامية، والذى قال "لا يستطيع أحد مهما كان أن يكفر الدكتور سيد القمنى فهو مسلم عاص، بينما الكافر هو من ينكر الدين وهنا يجب أن يكون التكفير بقرار من القاضى.
الجندى يؤكد أيضا أن من يتهم شخصا بالكفر تعود عليه إذا كان بغير وجه حق، موضحا أن هذا الاتهام أخطر من قتل مسلم، فالقاتل يمكن أن يعفو عنه الله سبحانه وتعالى.
ولأن عدم تدخل الهيئتين الدينيتين الأكبر فى مصر أدى إلى تدخل أطرف أخرى مثل جبهة علماء الأزهر "المنحلة" أو الجماعة الإسلامية أو حتى داعية هنا وشيخ هناك، فإن الصراع بدأ فى التحول من خلاف فكرى أو عقائدى، ليأخذ شكل الثأر الشخصى وهو أمر ظهر جليا فى صراع الجبهة مع القمنى أو صراع الأخير مع يوسف البدرى، لتكون النتيجة الطبيعية للصراع المزيد من الإساءة لصورة الإسلام.
وهذه النتيجة طبقا للدكتور محمد شحات الجندى، تم استنباطها من أن الدعاة الذين يوجهون هذه الاتهامات "الخاطئة والخطيرة" يعتريهم سلوك غير سوى وانحراف عن الوسطية فى الإسلام، ويجب على الأزهر اتخاذ موقف ضدهم، وأن يكون هناك خطاب دينى من الأزهر يسير عليه الجميع، واتفقت معه فى الرأى الدكتورة أمنة نصير واعتبرت هذه الادعاءات تفسد العلاقة بين الأفراد وتفسد السكينة داخل المجتمع.
أزهريون يرفضون تكفير "القمنى".. ويعتبرونه مسلماً عاصياً
الجمعة، 31 يوليو 2009 03:19 م
سيد القمنى.. أثار أزمة بين الدين وحرية التعبير
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة