من قتل طبيب أسنان ياسر عرفات بعد أن ظل يبكى أمام ضريح أبوعمار يوميا لمدة عام؟

الخميس، 30 يوليو 2009 07:56 م
من قتل طبيب أسنان ياسر عرفات بعد أن ظل يبكى أمام ضريح أبوعمار يوميا لمدة عام؟ ياسر عرفات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عام 2005، وبعد عام واحد من رحيل الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات، توفى طبيبه الذى كان يعالج أسنانه، عاش الطبيب عاما بعد رحيل رئيسه، كان يستيقظ كل صباح فيذهب إلى ضريح أبوعمار فى مقاطعة رام الله ويواصل البكاء ثم يعود إلى منزله، عاش الطبيب كئيبا طوال هذا العام، وجاء موته مفاجئاً.

قصة موت هذا الطبيب من السهل أن تسمعها من فلسطينيين قادمين من غزة أو من الضفة الغربية، ولا تحتاج إلى جهد فى استنباط دلالاتها، وهى قصة رواها أيضاً عزام الأحمد رئيس كتلة فتح فى المجلس التشريعى الفلسطينى، وقال فيها إن الأجهزة الأمنية زودته بها وتحقق منها، وأضاف أن الكل لديه قناعة بأن الرئيس مات مسموماً، ولكن كيف ومتى، لا أحد يعرف، وقال إن أبوعمار قال له فى فترة مرضه الأولى: «يبدو أنهم وصلوا لى»، وعلى نفس درجة كلام عزام الأحمد قال آخرون إن عرفات شعر منذ بداية عام 2004 أن جهاز المناعة فى جسده يتم تدميره، وكان ينظر للأطباء الذين يزورونه بين وقت وآخر ويقدمون إليه بعض النصائح على أنهم يتحدثون إليه بنوع من الرثاء، لكنه لم يخبرهم بماذا كان يعتقد.

هل كان طبيب الأسنان على علاقة ما بموت عرفات؟، هل كان يعلم أدوار الذين قاموا بعملية التسميم التى تسربت إلى جسده سواء عن طريق الأكل، أو أى وسيلة أخرى؟، هل تخلصت أجهزة أمنية ومخابراتية (الموساد) من الطبيب بعد أن رأت أنه يعرف أكثر مما ينبغى، وأن التخلص منه حتمية يجب التعامل معها؟، هل تورط هو فى العملية ثم ندم عليها فوجد أن الانتظام اليومى فى الذهاب إلى قبر الرجل هو نوع من التكفير عن ذنبه؟.

الأسئلة السابقة لم تجد إجابة عليها حتى الآن، وحتى قصة هذا الطبيب ظهرت على لسان مسئول فلسطينى هو عزام الأحمد ثم اختفت، لكن المشكلة أننا من السهل أن نسمعها من فلسطينيين حتى الآن، فيما يعنى أن حسمها مازال معلقا، فلماذا بقى ملف الموت مفتوحا حتى الآن برغم أحاديث مسئولين فلسطينيين عن تشكيل لجان للتحقيق، وبعد خمس سنوات لم تذكر لجنة واحدة نتيجة ما فعلت.

الجدل حول موت عرفات طرح نفسه وبقوة من جديد فى الأسبوع قبل الماضى على أثر ما ذكره فاروق القدومى رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، من اتهامات لمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية ومعه محمد دحلان رئيس الأمن الوقائى السابق فى السلطة، بأنهما عقدا اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق شارون، ووزير دفاعه موفاز، وبحضور عناصر من المخابرات الأمريكية، واتفق الجميع فى الاجتماع على قيام إسرائيل باغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس وعبدالعزيز الرنتيسى، والتخلص من عرفات باغتياله، وقال القدومى إنه يذكر معلوماته من واقع محضر اجتماع ضم هذه الأطراف، وأن المحضر أرسله إليه أبوعمار قبل رحيله.

نهاية عرفات كانت دراما إنسانية وسياسية تمثلت فى وجوده كرئيس لسلطة اكتشف أن المطلوب منها أن تمارس سلطتها لصالح الاحتلال الإسرائيلى، فراوغ عرفات من أجل أن يثبت لشعبه أن سنوات نضاله لم تذهب سدى، ومن أجل أن يثبت أن اختياراته منذ أن ترك بيروت عام 1982 إلى تونس لم تكن خاطئة كما ظن معارضوه الذين اتهموه بالتفريط، وأذكر فى لقاء عام 1999حضرته وأصدقاء مع الرمز الفلسطينى الكبير جورج حبش مؤسس حركة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، سمعت حبش يقول أنه كلما كان ينبه عرفات على أخطائه، ومنها أوسلو كان يرد عليه: «الأرض بتضيع يا حكيم.. نلحق الباقى.. أنا شايف القدس من باقى الأرض»، ومن خلفية الرغبة فى العيش على أى شبر فلسطينى، قبل عرفات من إسرائيل ما كان يرفضه من قبل، قبل أن يكون رئيسا لسلطة على مساحة أرض ضئيلة، لا يمارس عليها أكثر من دور عمدة القرية، أو مأمور قسم شرطة، وحين حاول أن يكسر هذه الحلقة الضيقة تأكد أن المطلوب منه أن يذهب الشوط إلى آخره طبقا للرغبة الإسرائيلية ومن يناصرها فى الداخل الفلسطينى والعربى، وإن أى محاولة منه لكسر المعادلة التى حشر نفسه فيها يعنى موتاً جسدياً بعد موته السياسى، هذا الموت الذى تأكد لعرفات يوم أن تأكد هو من أن المطلوب منه هو عمدة قرية تحت الاحتلال، والتخلى عن كونه رمزاً للنضال الفلسطينى.

كلام قدومى واتهامه لعباس ودحلان بمشاركتهما لشارون فى التخلص من عرفات، سبقه كلام من نوع آخر مثل الذى قاله الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل بأن عرفات حدثه قبل موته بفترة عن أنه أحبط محاولة انقلاب ضده كان يقودها بعض مساعديه، وأنه ينتظر قدره، وقال هيكل إن شارون أبلغ الرئيس الأمريكى بوش بضرورة التخلص من عرفات، وبصرف النظر عن مدى صحة كلام قدومى فيما يتعلق باتهامه لعباس ودحلان، فإننا أمام حقيقة تتفق عليها كل الأطراف الفلسطينية وهى أن أبوعمار مات مسموماً، وإن كان لا يعرف أحد نوع وطبيعة السم الذى أماته، لكن المؤكد أنها ليست بعيدة أبداً عن إسرائيل.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة