رغم كفاية و6 أبريل.. تقارب فتحالف فمظاهرة فموعد فانشقاق ففراق فضعف

لماذا لا تعيش لنا أحزاب ولا حركات سياسية؟

الخميس، 30 يوليو 2009 07:59 م
لماذا لا تعيش لنا أحزاب ولا حركات سياسية؟
كتب أكرم القصاص - تصوير: أحمد عبد الفتاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄الأحزاب اكتفت بدور السنيد.. وأمراضها انتقلت إلى الحركات الجديدة
◄◄استعجال الثمار وعدم حساب قوة النظام أفقدت الحركات قدرتها على العمل المتصاعد

ثلاثة وثلاثون عاماً على عودة تجربة الأحزاب السياسية، وخمس سنوات على حركات الاحتجاج الجديدة مثل كفاية، وقبلها جماعة 9 مارس فى الجامعات، وعامان تقريبا على ظهور حركة شباب 6 أبريل، تشهد مصر يوميا احتجاجات ومظاهرات عمالية أو فئوية أو فلاحية، دون أن تحمل أفقا لحالة مشاركة سياسية، فالحزب الوطنى لم يغادر موقعه فى الحكم والتداخل مع الحكومة والدولة، والأحزاب المعارضة ارتفع عددها دون إضافة، وحركات الاحتجاج شهدت انشقاقات، أو بدأ تحركها بالقصور الذاتى، الأمر الذى يطرح أسئلة عن السبب فى عدم ظهور حركة سياسية، وسؤال أهم: لماذا لا تعيش الحركات السياسية والتحالفات الحزبية كما يجرى فى العالم الحديث؟ ولماذا لا تعيش الحركات السياسية فى مصر حزبياً أو اجتماعياً؟

كفاية شهدت خلافات وانسحب عدد من مؤسسيها وانزوى آخرون، حركة 6 أبريل شهدت اتهامات متبادلة وخلافات حول مكاسب ومصالح، كفاية صنعت زخماً وأضافت مكاسب، ونشرت جرأة ساعدت فى تشجيع قيام مظاهرات أو اعتصامات العمال، الحركة أصرت على عدم التحول إلى حزب لكن هل نجت من أمراض الأحزاب؟.

مع وجود حوالى 24 حزبا لا توجد تعددية، الحزب الوطنى هو الحكومة، يسخر إمكانات الدولة، والرئيس حسنى مبارك هو رئيس الحزب، الذى يسيطر على لجنة شئون الأحزاب التى تملك حق خروج أو رفض حزب.

ومن الصعب معرفة توجهات أى من الأحزاب باستثناء الأحزاب الرئيسية، فضلا عن أن ظهور بعض هذه الأحزاب جاء مرهونا بعدم تأثيرها، فى حين رفضت لجنة الأحزاب الموافقة على حزب الوسط، الممثل لتيار الإخوان الجديد، أو الكرامة الذى يطرح برنامجا قوميا يختلف عن الممثل فى الحزب الناصرى، وبالتالى فإنه ومع وجود أكثر من عشرين حزبا فى الشكل، لايعبر عن تمثيل للتيارات السياسية، وإنما عن وجهة نظر الحزب الوطنى، وبينما تنحصر المنافسة السياسية والانتخابية فى الحزب الوطنى وجماعة الإخوان، تشتعل المعارك والصراعات داخل الأحزاب التى تعانى من ضعف البنية الداخلية، حزب التجمع شهد انتخابات على الرئاسة والمناصب السياسية الأساسية، انتهت باستمرار رئيس الحزب الدكتور رفعت السعيد، بينما خسر فى مواجهته أبوالعز الحريرى، لكن المعارك الإعلامية لم تتوقف، وانتهت بتجميد عضوية الحريرى، وكانت تجربة الوفد والصراع عليه ماثلة، وقبله حزب العمل، والأحرار، وحتى الأحزاب الجديدة مثل الغد. والجبهة، لم تخل من صراعات وانشقاقات.

بعد أكثر من 30 سنة على نشأة الأحزاب ظل الحزب الواحد بدون بديل. والأحزاب بلا أمل فى تسلم السلطة أو المنافسة عليها، وطموحها إكثار عدد مقاعدها فى البرلمان لأكثر من أصابع اليد الواحدة، والمنافس الوحيد على السلطة جماعة الإخوان المحظورة بحكم القانون والمشروعة بحكم الممارسة، بدت حركات الاحتجاج الجديدة، بديلا لنشر وعى، لكنها انتهت مثل الصحف تعبيرا عن الرأى دون إضافة.

خلال أقل من عام ونصف العام شهدت حركة شباب 6 أبريل، انشقاقا ولم يستطع الأعضاء إخفاء خلافاتهم، معركة بين أنصار «الغد» وشباب 6 أبريل، ومع إسراء عبدالفتاح بسبب السفر إلى أمريكا، وصراعات وانشقاقات بين أعضاء حزب العمل الإسلامى المجمد وجبهة ماهر ومحمد عادل الذى تم فصله من الحركة بعد اتهامه بالتجسس على زملائه و«باسم فتحى» بسبب السفر مع منظمة أجنبية و«أحمد ماهر» بسبب اتهامه بتسفير أعضاء سرا، والانفراد بالقرارات بشكل ديكتاتورى، واتهامات بإثارة الشغب أو البحث عن مطامع مادية، وكشفت الخلافات عن جهات أجنبية بعضها تعرض خدمات أو تدريبات، وهو أمر حدث مع المدونين وغيرهم علنا، وهناك أجهزة الأمن التى تسعى لاختراق الحركات، وهو مافتح باب الاتهام بالعمالة للأمن أو الخارج مبكراً.

الحركة انتقلت من عفوية التأسيس عام 2008، إلى واقعية الخلافات على مصالح، وبدأت مبكرا تواجه عيوب التنظيمات السياسية والحزبية، وبعد الدعوة لإضراب 6 أبريل 2008، استقطبت مايقرب من 75 ألف شاب، وكرروا الدعوة لإضراب فى 4 مايو وفى 23 يوليو فشلاً، وفى العام التالى تم تجاهل الأمر حكومياً فلحق بسابقيه، وبدأت قوة الحركة افتراضية أكثر منها حقيقية.

وما أصاب شباب 6 أبريل أكبر بكثير مما جرى فى كفاية، التى كانت الاتهامات والانشقاقات فيها أخف، وإن كان جورج إسحق المنسق العام لكفاية اتهم بمقابلة إسرائيليين أثناء رحلة له إلى تركيا، فقد دافع عن موقفه لكن الأمر تطور إلى انشقاق أو تبادل للاتهامات مع الدكتور يحيى القزاز عضو الحركة السابق، الذى انسحب على خلفية بيان اللجنة التنسيقية لحركة كفاية ضد مظاهرات الحجاب، والذى تم تفسيره على أنه مساندة لفاروق حسنى فى موقفه من الحجاب، وتجدد الخلاف مؤخراً.

عندما اتهم يحيى القزاز، قيادى كفاية جورج إسحق ووصفه بأنه «يسير على الطريقة الأمريكية» ويلعب دورا مدمرا فى الحركة، ورد إسحق أن القزاز يسعى للبحث عن دور ويوجه الانتقادات بدون وجه حق.

القزاز عاد إلى الحركة بعد أن انسحب مع أعضاء حزب العمل الإسلامى أيام أزمة الحجاب.

حول مستقبل «كفاية» وأخواتها من حركات التغيير الديمقراطى فى مصر والعالم العربى، تساءل الدكتور محمد حلمى عبدالوهاب: لماذا فشلت حركات التحول الديمقراطى فى العالم العربى، فيما نجحت مثيلاتها فى أوروبا الشرقية، هل يتعلق الأمر باختلاف النظم السياسية أم بطبيعة نشأة وتطور هذه الحركات؟ وأشار إلى أن كفاية ظهرت عام 2004 ثم ظهر «ائتلاف دمشق» فى سوريا أكتوبر 2005، ثم هيئة «18 أكتوبر للحقوق والحريات» فى تونس من رموز معارضة، وسط تأثر بحركة «كفاية»، وتصاعد دعاوى الإصلاح والديمقراطية فى العالم العربى.

قبل أربعة أعوام ظهرت حركات جديدة مثل كفاية أو التحالف الوطنى من أجل التغيير، وبدت كحجر ضخم ألقى فى بركة الحياة السياسية الراكدة، مظاهرات وتحركات تتحدى سنوات الركود وشعارات «لا للتوريث لا للتمديد» تتردد فى أركان وميادين القاهرة، ثم تنتقل للمحافظات. وبدت الحركة، استثناء من حركات وأحزاب، بدت كأنها تجمدت فى متحف للشمع.. قيادات مترهلة، وعجز عن التحرك مع الأكفاء برد الفعل.

قبلها تشكلت جماعة 9 مارس فى الجامعات بشعارات تطوير الجامعة والدفاع عن حرية البحث العلمى وحقوق الأساتذة. كفاية التى استقطبت عددا من رجال أعمال أو صحفيين وسياسيين ومهنيين كانوا أو بعضهم ينتمون لأحزاب أو تيارات قومية وإسلامية ويسارية، بدأوا يتجهون نحو عمل جماعى ومطالب مشتركة.

لكن بعد عامين بدت حركة كفاية تفقد بريقها وتدخل فى إطار التكرار، اكتفت بالتظاهر، وشهدت خلافات وانشقاقات وانسحاب أعضاء.

ظهرت حركات أخرى من رحم كفاية، مثل شباب من أجل التغيير، وطلاب من أجل التغيير، وفلاحون من أجل التغيير، بل وأطفال من أجل التغيير، لا يطالبون بمطالب أطفال بل بنفس مطالب كفاية، الأمر الذى أفقد الحركة جاذبيتها ومنحا شكل الاستسهال. لا يمكن إنكار تأثير كفاية خاصة أنها حركة بلا زعامة واحدة وحركة بلا كاريزما، مجرد حركة ضمير كما وصفها عبدالحليم قنديل فى العام الثالث، لكنها أيضا بدت مثل الشارع، وهو ميزة إلا أنه كان عيباً، لأنه عندما قرر بعض أعضائها كنس السيدة على النظام فى فعل أقرب إلى الفلكلور وجدت مؤيدين ومنفذين.

حركات كفاية و6 أبريل أعلنوا أنهم يتجاوزون الأحزاب، ووجهوا لهم الدعوة وانشغلوا بمواقفهم، ولم يسع أى منهم لإصلاح حزبى أو طرح مشروع سياسى لإصلاح الأحزاب، وبالرغم من أن الإخوان لهم حساباتهم فقد حرصت كفاية على جذبهم إلى ائتلافها مع حزب الوفد الذى سرعان ما فشل، واستقبل المرشد شباب حركة 6 أبريل بناء على طلبهم، فيما بدا أن الحركة لم تثق فى قدرتها على بناء جديد، بل الاستناد إلى كيانات قائمة واختلفت عن كفاية التى حرصت على انتقاد الأحزاب والإعلان عن موتها دون محاولة فهم أسباب الموت لأنها قد تكون سبباً من أسباب موت كفاية أو عرقلتها.

لقد أشارت صحيفة الجارديان البريطانية فى أبريل الماضى إلى أن حركة 6 أبريل فشلت لصعوبة التواصل مع الناس، ورأت أن مصر تحتاج إلى «حركات منظمة»، كان هذا بعد فشل تنظيم إضراب 6 أبريل 2009، ولفتت النظر إلى أن منظمى «إضراب 6 أبريل» ونشطاء الـ«فيس بوك» نسوا توضيح الهدف من التحركات، ولم يبتكروا طرقا جديدة للوصول إلى ما بعد الطبقات المتوسطة.

جمهورالفيس بوك هو الطبقة الوسطى وما فوقها، وبالرغم من أن هناك قطاعا واسعا من الفئات الأدنى يتعامل مع الإنترنت فإن دراسات عن مستخدمى الإنترنت أشارت إلى أن أغلبهم يدخل للعب أو كتابة الخواطر ولا تتجاوز مدونات الشأن العام العشرة فى المائة، والباقى مدونات ذاتية.

لقد بدت حركة تخرج من الإنترنت أمراً أربك الأمن، لكن كان الخروج من الإنترنت إلى الواقع يصطدم بعساكر الأمن المركزى، الذين ربما لا يجيدون الإنترنت أو القراءة لكنهم يعرفون كيف ينفذون تعليمات. فقيادات تعرف أو بدا أنها تعرف ماتريد منع التجمعات المقلقة والسماح بتحركات محدودة، كان بيان الداخلية المحذر عنيفا لكن المواجهة لم تكن بنفس العنف.

الأمر الذى يطرح فكرة أن الحركات المعارضة سواء أكانت أحزابا أم حركات احتجاج، هى انعكاس للواقع ولا يمكنها الخروج على حالة عامة تفتقد التنظيم، وبالرغم من أن بعض نشطاء الإنترنت تلقوا تدريباً فى الخارج على العمل العام والإلكترونى فإنهم حملوا أفكاراً حول الدعاية فى الخارج أقرب إلى العلاقات العامة والإعلام والتسويق دون أن تحمل القدرة على اختراق المجتمع بطريقته.

فهل يمكن القول إن الحركة السياسية فى مصر تغيرت؟ وهل هذا التغير إلى الأفضل أم إلى الأسوأ؟.. داخل النظام يقولون إن مصر تغيرت إلى الأفضل، ربما من واقع الفرص التى حصلوا عليها، لكن أغلبية المصريين من الموظفين والعمال والفلاحين والفقراء، ينقسمون بين من يراها لم تتغير، أو تغيرت إلى الأسوأ.

ربما كانت صفة الاستعجال أحد عيوب الحركات الجديدة التى أرادت إنجاز كل القضايا مرة واحدة، مع أن التحولات الكبرى تستغرق سنوات طويلة، وبدوا منذ اللحظة الأولى يريدون قطف ثمار من بذور العمل، كانت المقولة «خلاص النظام اقترب من النهاية» ربما بالنظر إلى تسامح أجهزة الأمن الذى اتخذ دليلاً على ضعف النظام، أثبتت التجربة أنه لم يكن صحيحاً.

لمعلوماتك...
24 عدد النقابات المحامين، والصحفيين، والمهندسين، والأطباء البشريين، الأسنان، والصيادلة، البيطريين، والزراعيين، والمعلمين، والسينمائيين، والمهن التمثيلية، الموسيقية، والتجاريين، والعلميين، والاجتماعيين، الفنية التطبيقية، الفنون التطبيقية، التشكيليين، والتمريض، والمرشدين ومحفظى القرآن ، والرياضيين، ومستخلصى الجمارك، والعلاج الطبيعى





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة