كتبت مقال نشر على موقع «اليوم السابع» الإلكترونى يوم الجمعة الماضى تحت عنوان «ماذا يحدث فى مكتب رئيس مباحث مرور السلام»، وكان مضمون المقال بشكل عام يتلخص فى أن رئيس مباحث مرور السلام النقيب محمد ناصف مثال رائع فى تأدية واجبه كضابط شرطة نتمنى تعميمه فى كل المواقع الأمنية، لأن الرجل يتعامل باحترام شديد مع المواطنين الذين يقصدون مكتبه.. ولم تمر دقائق على نشر المقال حتى فوجئت بسيل جارف من تعليقات القراء بعضها يؤيد ما جاء فى المقال، ومعظمها يحمل هجوما كاسحا على شخصى واتهامى بأننى أنافق رئيس المباحث، بشكل خاص وأتملق الأمن بشكل عام، الحقيقة أصابتنى الدهشة ولم أصدق كل هذا الهجوم الضارى على شخصى، وتساءلت هل رجال الشرطة من الزنادقة الذين يستحقون لعنات السماء ووأدهم أحياء؟ ولماذا نصدق ونؤيد ما ينشر فى وسائل الإعلام من هجوم ضدهم ومحاولة «إلباسهم» ثوب الطغاة فى الأرض الذين يستحقون الذهاب إلى الجحيم دون رحمة؟
أنا لم أقل غير الحقيقة وعن قناعة تامة وأنا لا تربطنى أى علاقة من أى نوع بالنقيب محمد ناصف، وإنما حاولت أن أبرز دائرة ضوء مبهجة، تتمثل فى رئيس مباحث لديه قناعة تامة بأن ضباط الشرطة مهمتهم الأولى خدمة المواطنين وأنه كضابط مباحث يرفض تماماً مبدأ إساءة أو تعذيب أى مواطن، ويعرف حدود واجباته ويحاول أن يرسى ويدعم مبدأ العلاقة بين الشرطة والمواطنين القائمة على الاحترام المتبادل وليس الخوف.
هذه الرؤية زكت عندى مبدأ خطأ التعميم، فكم طائرة تقلع من جميع مطارات العالم يومياً ولا يشعر بها أحد، وإنما عندما تسقط طائرة واحدة تقوم الدنيا ويصيب الهلع المواطنين ويخشون ركوب الطائرات، متناسين أن عشرات المئات من الطائرات تقلع يومياً وتصل بسلامة الله، وبالتبعية هناك عشرات الآلاف من الضباط المحترمين الذين يتعاملون مع المواطنين يوميا بكل احترام وتقدير ولا نسمع عنهم، وعندما يتجاوز ضابط حدود هذه المعاملة ويسىء لمواطن تقوم الدنيا ولا تقعد، ويتحول كل الضباط إلى زنادقة يجب استتابتهم على الملأ.
هذا الصخب والخلط فى الأوراق، والمزايدات المكشوفة التى تجتاح المجتمع، خطر داهم وكارثى، والآن نحتاج إلى الهدوء والتفكير العقلانى بعيدا عن المؤثرات المستنبطة من الأحاسيس والمشاعر، والبعد عن التعميم ونضع كل حادث فى حجمه الطبيعى.
