ما إن بدأت الإجازة إلا والمقاهى والديوانيات والاستراحات تكتظ بالأزواج الذين جاءوا لينفس كل منهم عن يوم عمل إن كان يعمل أو التمتع بإجازته السنوية.
يتم ترتيب السهرة من معسل وشاى ولا ننسى ورقة اللعب وكل هذا الترتيب يتكفل به العامل الآسيوى (صديق)، وما أن تبدأ الجلسة ويحترق رأس الأرجيلة يبدأ كل واحد بمهاتفة زوجته ليسأل هل أنتِ مع الأولاد بالبيت؟ هل تعشيتم ؟ أنا سأتأخر بعض الوقت، أنا فى الاستراحة مع الشباب.
تبقى الزوجة مع أطفالها بالبيت حبيسة تنتظر وتبدأ معاناتها الأخيرة قبل النوم مع أطفالها ترتب هنا وتنظف هنا وتعطى هذا وتطعم هذا وكل هذا والزوج منشكح ومنسجم مع الأصدقاء، ومع رأس الأرجيلة أو المعسل الذى يفوح بالأدخنة، بينما المسكينة تنتظره فى قلق حتى بزوغ فجر جديد ليشرف الزوج بيته، ثم تبدأ معاناتها بيوم جديد مع أطفالها ومتطلبات البيت وتعب القلق والسهر.
إن كان زوجها ميسور الحال فالاتكال على (صديق) فى مشاوير الأولاد وتوصيلهم من مكان لآخر وشراء احتياجات البيت، وكأنه ولى أمر الأولاد، بينما إن كان الزوج من ذوى الدخل المحدود فالله يعين هذه الزوجة على المشى لأقرب سوبر ماركت أو بقالة لقضاء حوائج البيت.
ماذا جنى الأولاد والبنات من تكاسل الأب؟ لاشىء سوى الطفش فدائماً أطفالنا، بل وحتى الكبار منهم يملون الجلوس بالبيت، لأن رب الأسرة منهمك فى عمله وآخر الليل من مجلس إلى استراحة إلى ديوانية يتنقل.
فالحقيقة هذا هو الحال فى معظم المنازل الخليجية والعربية، والمصيبة لا نجنيها الآن فالمصيبة نجنى ثمارها بعد بلوغ الأبناء، فإما بنت غير صالحة للزواج أو ابن لا يتحمل أعباء الزواج، والسبب ببساطة غياب تحمل الأب المسئولية تجاه الابن أو البنت فالانضباط لا يمكن أن تضبطه فى عمر متأخر وبدون انضباط لا يمكن أن تستقيم الحياة الأسرية.
أنا لست ضد الترفيه وكسر الروتين اليومى، فالتغيير اليومى للروتين مطلوب والتنزه مطلوب وضرورى وزيارة الأهل والأصدقاء واجبة، ولكن ليس على حساب الزوجة والأطفال، فلابد من تنظيم الوقت وتخصيص وقت للأطفال ووقت للبيت نفسه من صيانة وللزوجة، بل لابد من أن يكون لديك أنت أيها الزوج وقت لنفسك، وقت للراحة ووقت للقراءة.
لوأخذنا على سبيل المثال للعامل المتزوج الذى قدم لبلادنا للعمل سواء كان فى البناء أو عمل إدارى أو غيره، وأولاده يقيمون معه فى بلادنا نجدهم فى عطلة الأسبوع يتنزهون على البحر والكورنيش ويأخذون حقهم فى التنزه، بينما فى أيام العمل تجده قبل الوقت بعشر دقائق متواجد أو ربما يتأخر عن موعد العمل بخمس دقائق، أليس هذا ببشر مثلنا؟ أليس هو مسئول عن أسرة مثلنا ؟ على الرغم من سهراتهم إلا أن أغلبها تكون سهرات أسرية ولو كان فيها لعب البيلوت وغيرها.
نجد أن هذا العامل قد نظم حياته اليومية وحياته الأسرية ولم يتكل على عامل أو سائق أو خادمة لإدارة ولو جزء بسيط من أعماله الأسرية، على الرغم من أن المغترب عن بلده لا يعيش كمن يعيش فى موطنه وبين أهله وعشيرته فمن حقه أخذ الوقت الكافى ليرفه عن نفسه وعن أولاده ويكسر الروتين العملى البحت.
عزيزى وأخى رب الأسرة نصيحة: اجعل حياتك كمباراة لكرة القدم إذا أردت الفوز بكأس البطولة لابد أن تعد نفسك لهذه الرياضة، الإعداد الجيد بأن تتدرب التدريب الجيد وتأخذ الدروس فأهم شىء فى هذه المباراة أن تلعب من الدقائق الأولى بجد وحماس، لكى تحافظ على لياقتك آخر الشوط فلا ينفعك أن تجهد نفسك فى الدقيقة الـ 49.
فالآن من نلوم على هذه اللامبالاة، هل نلوم التكنولوجيا العصرية ؟ أم الآباء والأمهات؟ أم استقدام (صديق) للعمل فى بلادنا ؟ ما ذنب الأبناء فى هذه الحالة ؟
جاسم الشامسى يكتب من السعودية: وبدأت جلسات المقاهى والمنتديات والأبناء الضحية
الخميس، 30 يوليو 2009 10:08 ص