استمرارا لقضية ارتداء النقاب فى فرنسا التى فجرها مجموعة من النواب الفرنسيين نتيجة الطلب الذى تقدموا به للبرلمان بشأن منع ارتدائه، والتى أعقبته تصريحات ساركوزى بأن النقاب "ليس مرحبا به فى الأراضى الفرنسية"، ذكرت صحيفة "لوموند" أن استخبارات الشرطة الفرنسية قد أحالت إلى الحكومة مذكرتين بشأن ارتداء النقاب فى فرنسا، تخلصان إلى أن هذه الظاهرة تعد هامشية، إذ يبلغ عدد السيدات فى فرنسا أقل من 400 سيدة. وذلك بالتحديد فى الوقت نفسه الذى تم فيه تشكيل لجنة تقصى حقائق برلمانية حول هذا الموضوع.
إلا أن الصحيفة، التى حصلت على نسخة من المذكرتين، تضيف أن الباحثين يشيرون إلى أنه منذ أقل من عشرة أعوام لم يكن للنقاب وجود أصلا فى فرنسا.
تحمل المذكرة الأولى، التى قُدمت فى الأول من شهر يوليو، عنوان "الإسلام فى فرنسا: قضايا ارتداء النقاب فى فرنسا" وقامت بصياغتها الإدارة الفرعية للمعلومات العامة بالشرطة الفرنسية. أما المذكرة الثانية التى تم إرسالها بعدها بثمانية أيام، والتى كُلفت بها الإدارة المركزية للاستخبارات الداخلية، فقد كانت مهمتها إحصاء عدد السيدات المنقبات، والتى توصلت إلى أنه يبلغ 367 امرأة فى جميع أنحاء فرنسا.
وعن فكرة تكليف إدارتين بالبحث فى الموضوع نفسه، تقول الصحيفة إن كل إدارة تؤكد أن هذه القضية تدخل فى نطاق اختصاصتها. حيث إنه منذ التعديلات التى طرأت على استخبارات الشرطة الفرنسية فى شهر يوليو 2008، أصبحت من ناحية مهمة الإدارة الفرعية للمعلومات العامة هى تقصى المعلومات فى البيئة المفتوحة للإسلام فى فرنسا (على غرار الديانات الأخرى)، ومن ناحية أخرى بات من صلاحيات الإدارة المركزية للاستخبارات الداخلية، (المتخصصة فى مكافحة الإرهاب)، رصد الإسلام المتطرف.
وتعرض الصحيفة أهم النقاط التى تضمنتها المذكرتان اللتان توصلتا تقريبا إلى النتيجة نفسها، وهى أن الأمر برمته يتعلق "بممارسة هامشية" من جانب شابات صغيرات.
إلا أن المذكرة الأولى، التى تتكون من 15 صفحة، تشير إلى أن هؤلاء الفتيات يهدفن من خلال ارتداء النقاب إلى "استفزاز المجتمع، بل وعائلاتهن"، وكأن المسألة هى جهاد معلن ناجم عن السلفية.
وهو الأمر الذى تعكسه الواقعة التى شهدها يوم 25 يونيه أحد المراكز التجارية بمدينة مارسيليا من خلال ظهور مجموعة من 15 فتاة منقبة معا عن قصد، لم يذهبن هناك بغرض الشراء، وإنما كمسيرة استفزازية، كما تم تفسير هذا الحدث بعد ذلك.
وقد اهتمت المذكرة الأولى أيضا برصد المواقف التى اتخذتها مختلف المنظمات الممثلة للإسلام فى فرنسا، ولا سيما فى المناطق الحساسة. وقد توصلت المذكرة إلى أن الغالبية العظمى من المسلمين، بعيدا عن الأصوليين الذين يستنكرون "العلمانية"، يرفضون النقاب ويصفون مؤيديه بـ"الطائفة".
ومع ذلك، فإن الكثيرين منهم يخشون من أن يؤدى الجدل الدائر حول النقاب إلى "التنديد بالإسلام". وقد خلصت المذكرة إلى أنه يمكن الاعتقاد بأن" غالبية المسلمات يعتبرن أن النقاب ينتمى إلى عصر بعيد، حتى وإن كان عدد كبير منهن يعشن منعزلات فى بيوتهن".
أما المذكرة الثانية فقد تمكنت من استخلاص معلومات أخرى، أهمها أن معظم النساء المنقبات يرتدين هذا الزى طوعا بإرادتهن الحرة. كما أشارت إلى أن معظمهن يبلغن أقل من 30 عاما، كما أن 26% منهن فرنسيات اعتنقن الدين الإسلامى. وتتركز النسبة الكبيرة من هؤلاء السيدات تقريبا فى المدن الكبرى الفرنسية. وقد أضافت هذه المذكرة أن أصغر فتاة ترتدى النقاب فى فرنسا تبلغ من العمر 5 أعوام.
