نشرت صحيفة "لوفيجارو" تحليلاً حول تطور العلاقات بين واشنطن وطهران فى ظل الظروف الحالية التى تشهدها إيران منذ انتخابات 12 يونيو الماضى، وكذا تعرض لخمسة أسباب تدعو أمريكا لتشديد لهجتها تجاه إيران.
تلاحظ الصحيفة فى البداية سرعة التغير الواضح فى موقف واشنطن تجاه إيران، إذ يبدو الآن بعيداً جداً ذلك الوقت الذى وجه البيت الأبيض رسالة تليفزيونية فى 20 مارس، لتهنئة قادة إيران بالعام الفارسى الجديد.
فقد أعلنت هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية، خلال قمة دول رابطة أمم جنوب شرق آسيا يوم الأربعاء الماضى، أن الولايات المتحدة قد تمد "مظلة دفاعها" إلى دول الخليج فى حال لم تتخلَ إيران عن برنامجها النووى العسكرى. وقد كانت هذه العبارة مقتصرة فقط على الدول الأوروبية الأعضاء فى حلف شمال الأطلسى أو على اليابان، نظراً للاتفاقيات الاستراتيجية الموقع عليها بينها وبين أمريكا.
ومن قبلها قال نائب الرئيس جو بايدن يوم 6 يوليو، إن الولايات المتحدة لا تستطيع الادعاء بأنها ستقوم بمنع إسرائيل من قصف المنشآت النووية الإيرانية فى اللحظة التى تقرر فيها حكومة تل أبيب، إن التهديد بتدمير الدولة العبرية، الذى تلفظ به مراراً الرئيس الإيرانى أحمدى نجاد، بات خطيراً ووشيكاً. ومن ثم تعرض الصحيفة خمسة أسباب تفسر تشديد لهجة الولايات المتحدة الحالية تجاه إيران.
يرجع السبب الأول إلى النظام الإسلامى نفسه فى إيران، حيث لم يقم هذا الأخير بأى خطوة أمام يد باراك أوباما الممدودة له، والذى اقترح إعادة إدماج إيران داخل المجتمع الدولى "مع رفع جميع العقوبات المفروضة من قبل الأمم المتحدة، والتخلى عن مذهب بوش الخاص بـ"تغيير النظام"، وكذلك استعادة علاقاتاتها الدبلوماسية والتجارية الطبيعية مع الولايات المتحدة"، وذلك فى مقابل الحصول على ضمانات إيرانية تتعلق بالحفاظ على الطابع المدنى لبرنامج أبحاثها النووى.
وقد كانت تصريحات أحمدى نجاد، قبل الانتخابات الرئاسية فى 12 يونيو، تصر على أن الملف النووى الإيرانى يعد قضية "منتهية"، مبيناً أنه لا مجال لمسألة التفاوض على أى تفصيل عام أو خاص بخصوصه مع واشنطن.
وفى هذا السياق تؤكد الصحيفة على رغبة إيران فى امتلاك القنبلة النووية، لأسباب تتعلق بالهيبة الدولية وأيضا بقلقها حيال امتلاك أربع دول من جيرانها للأسلحة النووية روسيا إلى الشمال، باكستان إلى الشرق، والأسطول الأمريكى الخامس إلى الجنوب، وإسرائيل أبعد قليلاً إلى الغرب.
السبب الثانى هو أن نظام الملالى فقد الكثير من مصداقيته فى العالم العربى والإسلامى، منذ التلاعب فى انتخابات الرئاسة الإيرانية والقمع الدموى للتظاهرات التى أعقبتها. ومن ثم فإن ادعاء طهران بتجسيد نموذج للديمقراطية، وإن كان مختلفاً عن النموذج الغربى، لم يعد له وجود، حيث إن الإسلام وغيره من الديانات لا يجيز الغش. الأمر الذى أضعف مما لا شك فيه "حكومة رجال الدين" الإيرانية سواء داخلياً أو دولياً، وبات بالتالى من السهولة تشديد اللهجة تجاه نظام أضعف نفسه بنفسه من خلال أخطائه.
السبب الثالث يرجع إلى أن الإدارة الأمريكية لا يمكنها فى الوقت ذاته مطالبة الحكومة الإسرائيلية بتجميد سياسة الاستيطان فى الضفة الغربية المحتلة ومنعها من الاستعداد للرد على التهديد الذى يتعرض له وجودها، والذى يظهر فى عبارات الرئيس الإيرانى.
أما السبب الرابع فيكمن فى عامل وقف انتشار الأسلحة النووية، الذى عاد ليصبح من أولويات السياسة الخارجية الأمريكية. وقد حصلت مؤخراً هيلارى كلينتون على دعم من نظرائها الروس والصينيين فى استراتيجية الحزم التى تنتهجها أمريكا بالنسبة إلى كوريا الشمالية. إذ أن الولايات المتحدة لن تلجأ إلى سياسة الترغيب لتحصل على عودة قادة بيونج يانج إلى طاولة المفاوضات، بل إلى المساومة حيث لن تحصل كوريا على المساعدات الاقتصادية لسكانها، إلا فى مقابل حصول أمريكا على "نزع تام للسلاح النووى لا رجعة فيه".
السبب الخامس يتمثل فى الهجوم المتزايد الذى يتعرض له الرئيس من قبل الحزب الجمهورى الذى يلوم عليه "ضعفه" و"سذاجته" على الصعيد الدولى، حيث يؤكد له معارضوه "إن الانفتاح لهو أمر جيد، إلا أن عليه أن يبدأ فى تحقيق نتائج".
وتخلص الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون نفسها قد ذكرت يوم الخميس الماضى فى الـ"بى بى سى" أن عرض الحوار مع طهران لا يزال قائماً، إلا أن نظام الملالى أصبح يعلم من الآن فصاعداً أن ليس بمقدوره أن يأمل فى أى شكل من أشكال المرونة أو الضعف من جانب واشنطن.
لوفيجارو: خمسة أسباب تدعو أمريكا لتشديد لهجتها تجاه إيران
الأربعاء، 29 يوليو 2009 10:22 م