محمد حمدى

أنفلونزا الفقراء

الأربعاء، 29 يوليو 2009 01:01 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم تراجع الاهتمام الشعبى بأنفلونزا الخنازير إلى حد كبير، فإن حدة هذا الاهتمام لم تتراجع فى الغرب ويمكن القول إنها زادت، ويبدو أننا تعاملنا معها وفقا لعادتنا الأثيرة التى تبدأ بالتعامل مع الأزمات والكوارث بهلع ورعب مبالغ فيه، ثم تتوطن الأزمة وتصبح موضوعا عارضا، وينتقل من مركز الإتمام إلى هوامشه، وربما يخرج من كل دوائر الاهتمام المصرية.

ما غذى هذا السلوك المصرى البشرى تصرف غريب تلجأ إليه وزارة الصحة منذ عدة أيام، وهو الإعلان عن الإصابات الجديدة بالفيروس، وحتى حالة الوفاة الوحيدة بعد التاسعة مساء، أى بعد وصول الطبعات الأولى من الصحف إلى الباعة، والانتهاء من إعداد برامج التوك شو فيقل الاهتمام الشعبى بالموضوع، ويكاد لا يذكره أحد باستثناء الطبعات الثانية والثالثة من الصحف.

وتبرر الوزارة تأخير الإعلان عن الإصابات بأنها تنتظر تأكيد نتائج التحاليل فى المعامل المركزية للوزارة ومعمل النمرو التابع للبحرية الأمريكية، بينما فى الحالات الأولى كانت الصحة تعقد مؤتمرا صحفيا بالنهار لإعلام الناس بالحقائق.. ويبدو أن الاستراتيجية الإعلامية الجديدة تستهدف عدم إزعاجنا، أو لتهيئة الناس للتعايش مع الفيروس!
صحيح أن فيروس أنفلونزا الخنازير لا يزال ضعيفا رغم تحوله إلى وباء عالمى، ولا تزال أيضا نسبة الوفاة بسببه قليلة، لكن بيانات منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية الأوروبية تتوقع هجوما شرسا للفيروس مع اقتراب الخريف، يؤدى إلى إصابة ملايين البشر، وسط تخوفات من تحور الفيروس لتصبح الموجة القادمة أشد خطرا وأكثر فتكا، وقد يتحول إلى وباء مميت.

لست مع من يهولون من شدة ومخاطر أنفلونزا الخنازير، لكنه فى نفس الوقت لا يجب التعايش مع أنفلونزا الخنازير وكأنها أمر عادى، خاصة وأن مصر واحدة من البلدان القليلة فى العالم التى ترشحها السلطات الصحية العالمية لتشهد ميلاد نوع جديد من أنفلونزا الخنازير بعد اتحاده مع أنفلونزا الطيور التى تحورت أكثر من مرة فى مصر.

وإلى جانب ضرورة التشديد على العادات الصحية التى تجنب الإصابة بهذا الفيروس اللعين، يجب على السلطات الصحية المصرية التحرك الجدى للحصول على الأمصال الواقية من الفيروس خاصة فى ظل تسابق دول عدة على شراء اللقاح الجديد الذى سيطور لمكافحة مرض أنفلونزا الخنازير، لكن الدول الفقيرة قد لا تحصل على كمية كافية من اللقاحات، ويتوقع أن تطرح اللقاحات الجديدة نهاية سبتمبر، لكن تقديرات منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن المختبرات المنتجة للأدوية التى تؤمن العلاج لمكافحة هذا الفيروس غير قادرة إلا على إنتاج حوالى 900 مليون جرعة سنويا، فى حين يقدر عدد سكان العالم بنحو 6,8 مليار نسمة.

وأدى هذا إلى قلق عالمى من أن اللقاحات المضادة لأنفلونزا الخنازير لن تباع إلا لدول العالم المتقدمة، وهو ما عبر عنه وزير الصحة الأرجنتينى خوان مانزور، قائلا: "إننا قلقون لتوزيع اللقاح عندما سيكون متوفرا".

بينما طلبت المكسيك التى كانت أول دولة تفشى فيها أنفلونزا الخنازير وتسبب بوفاة 138 شخصا، بتوزيع اللقاحات بالتساوى على الدول، وقالت مديرة منظمة الصحة العالمية مارجريت شان، إن "حصة الأسد لهذه الموارد المحدودة ستذهب إلى الدول الميسورة". والسؤال المهم الآن: إذا كان فيروس أنفلونزا الخنازير سيتحول إلى وباء فى الخريف القادم.. واللقاحات لن تكون متوفرة لكل سكان العالم.. فماذا فعلنا وهل بدأت وزارة الصحة اتصالات مع الشركات المنتجة أم أننا سنننتظر المنح والهبات وما يفيض من علاج الأغنياء؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة