لوموند: سوريا تستعيد دورها "الحيوى" فى المنطقة

الثلاثاء، 28 يوليو 2009 01:48 م
لوموند: سوريا تستعيد دورها "الحيوى" فى المنطقة الرئيس السورى بشار الأسد
إعداد ديرا موريس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
داخل صراع السيطرة على النفوذ الذى يسود منطقة الشرق الأوسط، يمكن لبشار الأسد اليوم الادعاء بأنه حقق انتصارا كبيرا عن طريق استعادة ـ على الأقل مؤقتا ـ المكان الذى كان يحتله ذات مرة والده حافظ الأسد، وهو الدور الرائد الذى لا غنى عنه فى المنطقة العربية. وهو ما عكسته زيارة جورج ميتشل، المبعوث الخاص للبيت الأبيض لشئون الشرق الأوسط، يوم الأحد 26 يوليو إلى دمشق. هكذا خلصت صحيفة "لوموند" فى تقرير نشرته فى عددها اليوم.

تقول الصحيفة إن الرئيس بشار الأسد قد نجح خلال أربع سنوات فى تغيير وضع سوريا من دولة غير مرغوب فيها إلى قوى لا يمكن الاستغناء عنها إقليميا، يتودد إليها المجتمع الدولى بأكمله تقريبا، وذلك دون أن يقوم هذا البلد بدوره بالرد بشكل ملموس على متطلبات أى من الدول.


وتعرض الصحيفة التطور الذى طرأ على وضع سوريا فى الأعوام الماضية ووضعها اليوم. فتذكر كيف كان النظام السورى يبدو نظاما هشا بين عامى 2005 و2008، مهددا من قبل إدارة جورج بوش الأمريكية، وكيف كانت تقاطعه كل من فرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر، حيث كان يُشتبه فى وجود صلة له باغتيال رئيس الوزراء اللبنانى رفيق الحريرى فى 2005.

أما اليوم، فقد بات موقف الرئيس السورى أكثر ارتياحا بالدرجة التى تسمح له بدعم الجناح الصلب الإيرانى شفهيا، والذى يجسده آية الله خامنئى والرئيس محمود أحمدى نجاد، وذلك فى ذروة الأزمة الإيرانية.
كما أن سوريا استعادت الحوار، بشكل غير مباشر، مع تل أبيب بفضل وساطة تركيا، حيث أكد الرئيس التركى عبد الله جول أن "السوريين يمتلكون مفاتيح المنطقة"، وذلك دون أن تتخلى سوريا عن دعم حزب الله اللبنانى أو حماس الفلسطينى، اللذين يمثلان التهديدات المسلحة بالنسبة لإسرائيل.

وتشير الصحيفة إلى تغير موقف الولايات المتحدة والسعودية وفرنسا تجاه سوريا. فقد عرضت الولايات المتحدة على بشار الأسد دليلا ملموسا على التطبيع، من خلال الإعلان فى 24 يونيو عن تعيين سفير أمريكى فى دمشق بعد أربع سنوات من عدم وجود سفير لها فى سوريا. أما الأسد من جانبه، فدعا يوم 3 يوليو على قناة "سكاى نيوز" البريطانية، نظيره الأمريكى باراك أوباما، للحضور إلى دمشق. وقد صرحت زوجته أسماء قائلة: "إن أوباما رئيس شاب، كما أن الرئيس الأسد شاب أيضا، ومن ثم ربما حان الوقت لهؤلاء القادة الشباب لإحداث نوع من التغيير فى العالم".


أما فرنسا، فقد اتبعت بدورها نهجا للتقرب من سوريا فى 2008، فعمل الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى، سعيا منه لإنقاذ الاتحاد من أجل البحر الأبيض المتوسط الذى يمثل أهمية قصوى بالنسبة له، على عودة سوريا بصورة ملموسة إلى قلب المجتمع الدولى. وهو ما كان ينويه من خلال دعوته للرئيس الأسد ليكون بين ضيوف الشرف فى احتفالات 14 يوليو 2008.

كما اعتبرت فرنسا أن انتخاب رئيس لبنانى بعد أشهر من الجمود وتبادل التمثيل الدبلوماسى بين لبنان وسوريا وحسن سير الانتخابات التشريعية اللبنانية فى 7 يونيو من أكثر الدلائل التى تشير إلى أن سوريا "دولة موثوق فيها"، وتستحق المكافأة نتيجة "عدم إضرارها" بالملف اللبنانى.


سوريا تستعيد دور المحكم القديم فى لبنان

وتشير الصحيفة إلى الدور المحورى الذى تلعبه سوريا فى حل الأزمة بين حماس وفتح، لأن العاصمة السورية هى القاعدة الخلفية للمتطرفين الفلسطينيين. كما أن الرئيس الفلسطينى محمود عباس يتشاور بانتظام مع بشار الأسد فى هذا الأمر. فضلا عن أن عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية، الدؤوب فى عملية المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، قد بعث بنائبه إلى دمشق. إلا أن أكثر مظاهر التقارب مع سوريا إثارة للانتباه، هى تلك التى بدأتها المملكة العربية السعودية فى يناير، بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة العربية فى الكويت. فقد أكدت مصادر مطلعة أن الملك عبد الله قد قرر هذه "المصالحة" من خلال مقابلة وجها لوجه مع بشار الأسد على هامش تلك القمة، وذلك دون تشاور مسبق مع شريكه المصرى حسنى مبارك. كما أن السعودية قررت إرسال سفير لها فى سوريا، وهى الوظيفة الشاغرة منذ عام.

ومن المنتظر أن يقوم قريبا الملك عبد الله بزيارة إلى دمشق، ويمكن أن يتحدد مصير حكومة لبنانية جديدة بهذه المناسبة.
وهكذا تستعيد سوريا، التى طُرد جيشها من لبنان بعد اغتيال الحريرى، دورها السابق كمُحكم فى الصراع اللبنانى، على الرغم من فوز ما يطلق عليه "القوى المناهضة لسوريا" فى الانتخابات التشريعية. وسيتم التفاوض بشأن تمثيل المعارضة (بما فيها حزب الله) فى الحكومة اللبنانية تحت رعاية سوريا.

وتخلص الصحيفة إلى أن أقوى رمز لـ"انتصار" سوريا فى المنطقة سيكون زيارة سعد الحريرى رئيس الحكومة اللبنانية الجديد إلى دمشق. وعلى الرغم من أنه قد اتهم سوريا بقتل والده، إلا أنه شأنه شأن الكثير من اللبنانيين من قبله، عليه أن يستأنف الطريق الأبدى إلى دمشق.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة