عادت منطقة الشرق الأوسط من جديد لتحتل مكاناً بارزاً فى دوائر اهتمام الصحف العالمية، فى ظل الزيارات التى قام بها عدد من المسئوليين الأمريكيين إلى المنطقة مؤخراً، فى إشارة إلى مساعى إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى إطلاق حملة دبلوماسية لتحقيق تسوية سلمية شاملة. واختلفت الآراء بين النظرة الإيجابية لهذه التحركات الأمريكية وبين الحد من تأثيرها على الوضع الراهن فى الشرق الأوسط.
حاول إيان بلاك، مراسل صحيفة الجارديان لشئون الشرق الأوسط، تقديم رؤية متوازنة لهذه القضية فى تعليقه عليها, فيقول بلاك إن حملة الرئيس الأمريكى من أجل تسوية سلمية شاملة فى الشرق الأوسط، هى عملية معقدة ومتعددة الجوانب. فهى تشمل تجديد جانبين من المحادثات المتعلقة بين إسرائيل وسوريا، وبين إسرائيل والفلسطينيين، بالإضافة إلى تشجيع التطبيع بين إسرائيل والدول العربية. ولم يتم الإعلان عن خطة أمريكية فى هذا الشأن، والبعض يقول إنه لا يوجد خطة بالأساس.
ويرى مراسل الجارديان أنه على الرغم من وجود عدد من العناصر الواضحة بسهولة، فإن الروابط المحتملة والمفاضلة بينها هى أمر يثير التفسيرات والتكهنات. فهناك أسئلة أكثر بكثير من الإجابات، منها: هل سيعطى الرئيس السورى بشار الأسد مقابلاً للولايات المتحدة نظير إخراجه من حالة العزلة؟ وهل يستطيع الأسد التأثير على حماس التى تسيطر على قطاع غزة؟ أو يتوقف عن تقديم الأسلحة إلى حزب الله فى لبنان؟ وما الذى سيعطيه الرئيس السورى لإسرائيل إذا وافقت على إعادة مرتفعات الجولان المحتلة.
ويمضى بلاك فى القول إنه من الأسهل تخيل الصلة بين المسار الفلسطينى والعالم العربى الأوسع. فالخلاف المشتد بين السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس وحماس يُظهر عدم وجود أى بادرة على إمكانية حله فى القريب العاجل. لكن لا يزال هناك طلب فلسطينى يتعلق بوقف النشاط الاستيطانى الكامل فى الضفة الغربية والقدس الشرقية إلى جانب المطالب الخاصة بخارطة الطريق السلمية التى تم اقتراحها عام 2003.
وتحدث المسئولون الإسرائيليون عن مناقشات تفصيلية بين مبعوث الرئيس أوباما إلى المنطقة جورج ميتشيل ووزير الدفاع الإسرائيلى إيهود باراك حول "تجميد" الاستيطان. ويشير التقرير إلى أن باراك ورئيس وزرائه بنيامين نتانياهو يتمسكون بالحصول على استثناء لبناء 2500 وحدة سكنية على أساس مبدأ "النمو الطبيعى للشعب اليهودى". كما أن إسرائيل تريد أن تظل قادرة على إغلاق الفجوات فى "حائط الفصل" وتمهيد طرق عديدة.
وعن موقف الدول العربية، يقول بلاك إنه ليس من المحتمل أن يحقق أى تجميد جزئى للاستيطان، إرضاءً للدول العربية التى تخطب الولايات المتحدة ودها. فمصر والأردن لديهما بالفعل اتفاقيتا سلام مع إسرائيل وتقيمان علاقات طبيعية معها، وإن كانت محدودة نوعا ما.
والهدف الآن هو الدول الخليجية مثل البحرين والإمارات وقطر. أما السعودية التى تعد مهندسة مبادرة السلام العربية قد تكون الجائزة الكبرى. وكانت دول الخليج وتونس والمغرب قد أقامت علاقات دبلوماسية محدودة مع إسرائيل عقب اتفاقيات أوسلو عام 1993، وتم قطع هذه العلاقات جميعها عند اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.
ومؤخراً، دعا ولى عهد البحرين وسائل الإعلام الأعربية، فى سابقة من نوعها إلى أن تكون أكثر تقبلاً للاتصال مع الإسرائيليين. وتشير بعض التسريبات إلى أن الولايات المتحدة وضعت مجموعة من إجراءات التطبيع مثل السماح لطائرات الركاب الإسرائيلية، بالمرور فوق الخليج وفتح مكاتب رعاية مصالح إسرائيلية فى سفارات عواصم عربية جديدة وإنهاء الحظر على السياح التى تجمل جوازات سفرهم تأشيرة إسرائيلية. وإذا كان الاتفاق على مثل هذه التفاصيل لا يزال صعباً كما كان دائما، فإن الأمل فى واشنطن هو أن يساعد المناخ الجديد الذى خلقه خطاب أوباما فى القاهرة الشهر الماضى فى التغلب على المصاعب التى تنتظرنا.
وينهى الكاتب تعليقه بقول المحلل الإسرائيلى زيفى بارئيل، إن "أوباما يحاول، وهو على حق، أن ينأى بنفسه عن وضع خطة شاملة بجدول زمنى محدد، لكن هذه مقامرة خطيرة فهناك الكثير من العمليات المتبادلة، وهناك الكثير من الثغرات والكثير من الألغام".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة