محمد حمدى

الاستطلاعات وحدها لا تكفى!

الثلاثاء، 28 يوليو 2009 02:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للعام السابع على التوالى، أجرى الحزب الوطنى استطلاعه العام السنوى حول أراء المواطنين فى أولويات السياسات الحكومية الاقتصادية والاجتماعية، وخلال سبع سنوات لم تتغير المؤشرات ولا أراء المواطنين بشكل شبه كامل يشير إلى حدوث اختراقات مهمة فى مجالات العمل الحكومى كافة.

هذا العام ارتفعت نسبة من يثقون فى الحكومة، ومن يرون أن المستقبل سيكون أفضل، وهذا رأيهم، لكن فى المقابل لا تزال البطالة أهم مشكلة يراها الناس، وتوفير فرص العمل هو الأولوية القصوى عند المواطنين وهذا أيضا منطقى.

وقد تزداد ثقة الناس فى الحكومة، لكن زيادة نسبة المتفائلين بالمستقبل أمر يحتاج إلى تفسير، ففى ظل أزمتين طاحنتين ضربتا العالم أجمع، الأولى تتعلق بزيادة رهيبة فى أسعار الغذاء، والثانية أزمة مالية عالمية أدت إلى حالة كساد لم تحدث منذ عام 1928، فإنه من الواجب سؤال المتفائلين عن أسباب التفاؤل، خاصة وأن تلك الأزمات أدت إلى تراجع معدلات النمو إلى حدود 4% بدلاً من 7%، مما يعنى طرد المزيد من العاملين، ونقص شديد فى فرص العمل المتاحة، فكيف تزيد الثقة فى المستقبل؟

وإذا كان الحزب الوطنى قد استن سنة حسنة، بمحاولة معرفة أراء المواطنين فى السياسات الحكومية، ومدى الرضا عنها وعن أولوياتها، فإن نتائج الاستطلاع ينبغى ترجمتها على أرض الواقع، فحين تشكل البطالة الخطر الأكبر والهم الأساسى لمعظم المصريين، فهذا يعنى أن خطط التشغيل الحكومية تتسم بالفشل، أو أقل من طموح الناس، مما يعنى تغييرها أو البحث عن سياسات جديدة تعالج هذا القصور الذى يراه الناس، وتعترف به الحكومة ويرصده الحزب الوطنى ثم لا يتغير أى شىء.

مشكلة هذا البلد الرئيسية، أن كل مشاكله معروفة، وحلولها ليست صعبة، لكننا فى معظم الأحوال نكتفى بالاعتراف بالمشكلة لنريح ضمائرنا فقط، بينما لا نعد الخطط الدائمة والفعالة لمواجهة هذه المشكلات.

ولو سألت أى مواطن فى مصر ما هى مشاكل هذا البلد لرد عليك بدون تفكير: تعليم متدنى ورعاية صحية غائبة ووسائل مواصلات غير آدمية وفساد ينهش فى الجسد الحكومى بأكمله، وإعلام يتسم بالسطحية، وغياب شبه كامل للعدالة فى توزيع الفرص، وعدم المساواة الكاملة بين المواطنين أمام القانون.

والأهم من كل ذلك مشكلة فقر مدقع تجاوز 40% من نسبة المواطنين، حسب تقرير التنمية البشرية العربية الصادر قبل أيام، وهى أرقام ترفض الحكومة الاعتراف بها، لأن هذا الاعتراف يعنى أنها فشلت فشلاً ذريعاً فى كافة سياساتها الاجتماعية والاقتصادية، رغم أنها لا تتحدث سوى عن هذين الملفين فقط.

شكرا للحزب الوطنى على إصراره السنوى على استطلاع أراء المواطنين فى السياسات الحكومية، لكن الاستطلاعات وحدها لا تكفى، والمشاكل معروفة دون استطلاعات، والأهم من كل ذلك التحرك الجدى لمواجهة تلك المشاكل بشكل علمى ودون انحياز لصالح أى جهة أو فئة من فئات المجتمع.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة