عندما كنت صغيراً كان والدى يضع فى جهاز التسجيل شرائط الأغانى الوطنية لعبدالحليم حافظ، وكان دائماً ما يردد مع العندليب كلمات تلك الأغانى وهو يمارس هوايته المحببة الرسم، وكنت أنا من خلفه أردد وأحفظ تلك السيمفونيات الثورية التى أبدعها صلاح جاهين وأحمد شفيق كامل وحسين السيد ولحنها كمال الطويل ومحمد الموجى وبليغ حمدى وأيضاً محمد عبدالوهاب، تربيت على صوت عبدالحليم حافظ وخطب جمال عبدالناصر وتشربت حتى الثمالة من حلم اسمه الوحدة العربية.
ظللت أحلم بانهيار الحدود بين الدول العربية واعتبار الوطن العربى كله أمه واحدة متجانسة فى الجنس واللغة والدين والآمال والأحلام والأفكار، ولكننى لم أفهم صبيحة يوم 2 أغسطس 1990 لماذا احتل العراق الكويت، ولم أستطع أن أفهم كيف تقدم دولة عربية على مهاجمة واحتلال دولة عربية، ولماذا يتركون إسرائيل وهى على مرمى حجر من صواريخهم وطلقات مدافعهم، حالة انفصام وشيزوفرينيا أصابت المجتمع العربى وتركت عقلى يدور فى حلقات مفرغة للوصول لإجابة، وسألت والدى الذى أطفأ جهاز التسجيل وصمت مثلما صمت عبدالحليم حافظ، وكانت صورة جمال عبدالناصر فى غرفتى تفيض بالدمع، ولكننى لم أجد إجابة تشفى غليلى وكانت كل الإجابات بالنسبة لى مبهمة.
ومع ثورة الاتصالات ووجود الإنترنت بدأت ألاحظ شيئاً غريباً، هو أن كل الشعوب العربية تكره كل الشعوب العربية، وأن حلم الوحدة هو مجرد وهم جميل مهما حاول البعض من المتفائلين أن يوهمونا بعكس ذلك.
أحمد صلاح
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة