اهتم الكاتب الأمريكى الشهير، توماس فريدمان، فى مقاله على صفحات الرأى بجريدة نيويورك تايمز، بتسليط الضوء على سقوط الجماعات الإسلامية المتطرفة، التى كانت نتاج "الحرب على الإرهاب" فى أماكن متفرقة من العالم الإسلامى تمتد من إيران إلى شمال العراق إلى أفغانستان ومنها إلى جنوب غرب باكستان.
يقول فريدمان إن تدهور أحوال الجماعات والحكومات الإسلامية المتطرفة، يرجع إلى فشلها فى إقناع شعوبها ـ سواء عن طريق الحجج أو عن طريق أدائها عند استلام السلطة ـ بأن النسخة المتشددة من الإسلام التى يعتنقونها هى الحل، وعلى الرغم من أنهم فقدوا الحجة، إلا أنهم احتفظوا بقوتهم بفضل براميل البارود وبراميل النفط، وسيحتفظون بها لبعض الوقت.
وقال فريدمان إن المتشددين فشلوا فشلاً ذريعاً، ولكن ما أبقى على قوتهم كان فشل حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية من العرب والمسلمين المعتدلين فى ملء الفراغ بالإصلاح والحكم الرشيد.
ويرى الكاتب أن الإسلاميين فى إيران وباكستان وأفغانستان والعراق والجزائر ولبنان وغزة، قد بالغوا فى سيطرتهم على مقاليد القوى، وجرّوا مجتمعاتهم إلى حروب لا طائل منها، وانخرطوا فى موجات عنف أسفرت اليوم عن ردود فعل واسعة من جانب المسلمين.
ويلفت الكاتب هنا إلى رحلتين تاريخيتين قاما بهما الرئيس المصرى الراحل أنور السادات، والمرشد الأعلى الإيرانى آية الله الخمينى، فى سبعينيات القرن الماضى، حيث اتجه الأول من القاهرة إلى إسرائيل، بينما طار الثانى من باريس إلى طهران.
ويرى أنه على مدار 30 عاما، شهدت السياسة فى الشرق الأوسط والعالم الإسلامى صراعاً حقيقياً بين هاتين الرؤيتين المتنافستين.
وأضاف فريدمان قائلا: اعتقد السادات أن المستقبل يجب أن يزيل آثار الماضى، وأن العرب والمسلمين يجب أن يبنوا مستقبلا قائما على التوصل إلى سلام مع إسرائيل، والتعامل مع الغرب، واعتناق الحداثة، بينما اعتقد الخمينى أن الماضى يجب أن يدفن المستقبل وأن الفرس والمسلمين يجب أن يبنوا مستقبلهم على مبدأ العداء ضد إسرائيل، والعزلة عن الغرب وإخضاع الحداثة إلى الإسلام المتشدد.
وقال فريدمان إن الصراع بين هذين المبدأين اتجه فى عام 2009 نحو المنهج الذى روّج له السادات، وخير دليل على هذا، هو "سرقة" الحكام الثيوقراطين لهذه الانتخابات من أجل البقاء فى الحكم وقمع قوات الشرطة الدينية لملايين المتظاهرين الإيرانيين.
ويدلل كذلك فريدمان على عدم النجاح الفكرى، بالإشارة إلى السلوك الذى تنتهجه طالبان فى حرق المدارس العلمانية التى تتنافس مع المساجد، وفى اعتماد اقتصادها على تجارة الهيروين.
ويشير الكاتب إلى أن اليوم الذى ألقى فيه الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، خطابه إلى العالم الإسلامى من جامعة القاهرة، أدلى أسامة بن لادن بتصريح على المواقع الإلكترونية الإسلامية وقناة الجزيرة، ولكن العالم، وحتى العالم الإسلامى، لم يعره اهتماماً وصب جل تركيزه على خطاب أوباما التاريخى.
وأضاف، فى العراق شهدت انتخابات العراق فى يناير الماضى فازت الأحزاب المعتدلة والقومية على الأحزاب الدينية الطائفية والمتشددة، بينما هزم الائتلاف الموالى للغرب فى لبنان حزب الله فى الانتخابات اللبنانية الماضية، وفى باكستان استقطبت حركة طالبان انتقاد واستنكار أهالى القرى الباكستانية لأول مرة وبدأت تفقد شعبيتها بصورة كبيرة.
ويختم الكاتب مقاله بتوجيه نصيحة إلى الحكومات العربية والإسلامية المعتدلة، لافتاً إلى أنهم يجب أن يتوصلوا إلى أفكار مبتكرة من شأنها تقليل حجم الفساد، وذلك عن طريق التعليم الجيد، وتوفير الفرص الاقتصادية، وتقديم رؤية جديدة للإسلام معتمدة على اعتناق الحداثة.
