التهجير 4 مرات فى أقل من 100 عام، مطالب شاذة بالانفصال، دعاوى تطالب بحقوق وصفوها بـ "المنتقصة" وحركات فى المهجر تحت التأسيس، إذن فالنتيجة الطبيعية لكل ماسبق أن نسمع عن مشروع قانون يمنع ازدراء النوبة، والذى يتبناه الناشط النوبى، فى المهجر، حمدى سليمان والذى برر هذا بأنها "نتيجة لكثرة المضايقات والإهانات التى يتعرض لها النوبيون، وتحول الأمر لظاهرة وليس زلة لسان".
المبرر الذى ساقه سليمان ليس كافياً وإن ارتبط بما فعله أحد موظفى مديرية الشباب فى أسوان الذى سب أحد النوبيين، ووصفه بـ"البربرى"، مما دفع عدداً من شباب الحزب الوطنى بالنوبة إلى تجميد نشاطهم الحزبى، والتهديد بتقديم استقالات جماعية من الحزب.
وتطور الأمر للإعلان عن عقد مؤتمر طارئ خلال أيام للنوبيين للرد على هذه الواقعة، وبالتالى فلا أحد ينكر وجود حركة ما فى الجسد النوبى المصرى، بعد أن تراكمت كل همومهم ومشاكلهم منذ أول تهجير عام 1902 وحتى الآن، والذى أدى إلى ما سموه بـ "تهميش الدولة لهم"، أو ما وصفه الروائى النوبى حجاج أدول بـ "العنصرية والاضطهاد الممارسين بحق النوبيين"، ومرورا ببيان بعضهم عام 2004 تحت مسمى "النداء العالمى لإنقاذ النوبة فى مصر والسودان"، والذى وقع عليه 190 شخصية نوبية بسبب ما وصفوه بـ "التطهير العرقى والثقافى للنوبة فى مصر والسودان"، وجاءت الشتيمة الأخيرة من قبل مسئول الشباب كالقشة التى قصمت ظهر القضية النوبية.
بهذا القانون تنتقل القضية النوبية من خانة فئة تبحث عن بعض الحقوق، مثل أى فئة أخرى فى مصر، إلى فئة أخرى ذات تصنيف أكثر حدة، فلم تصبح مطالبهم مادية أو حياتية، إنها تنتقل إلى مربع العنصرية والاضطهاد مما قد يضعف مصداقية القضية، فالمصريون يتعاطفون مع النوبة فى مطالب أهلها بتعويضات عادلة عن التهجير والتشرذم الذى عانوا منه خلال القرن الماضى، إلا أنهم سينظرون إليهم بعين الشك، وبحسب أحد النوبة المصرييين "أى مصرى ذلك الذى يرضى أن يسجن أو يعاقب مواطنه إذا تشاتما فى مشادة عادية مثل التى تحدث بين المصريين وبعضهم فى كل مكان، لا أعتقد أن هذا أمر صائب".
وعلى الرغم من تبنيه لصياغة قانون "ازدراء النوبيين"، إلا أن النائب عن أسوان محمد العمدة يميل إلى رفض تصوير الأمر على أنه ظاهرة، مضيفا لليوم السابع: أنها لا تعدو كونها حالات فردية وشاذة للغاية، خاصة أن الشعب المصرى كله يكن كافة التقدير للنوبيين، وأن هذا القانون سيكون أول من يرفضه هم النوبيون أنفسهم، خاصة مع تصوير البعض على أنها محاولات وقيعة بين فئات الشعب مدفوعة بتدخلات من الخارج، لكن أنا فى النهاية مع ما يتفق عليه الرأى العام النوبى، ولن أخذلهم فى عرض المشروع على البرلمان إذا طلبت منى الأغلبية ذلك".
الأمر إذن لن يتوقف عند نوع القضية فقط ولكنه يتحول إلى أداة جيدة للهجوم على مصر من قبل بعض الجهات الخارجية، فقد يختلط الحابل والنابل فى الدفاع عن حقوق النوبيين، إلا أن تأكيد العمدة على عدم واقعية القانون يجعل تطور اللهجة من مجرد مطالب إلى قانون عقوبات، محاطاً بعدد لا نهائى من علامات الاستفهام حول توابع قانون مثل هذا يفتح الباب أمام كل فئة تختلف مع أخرى للمطالبة بقانون يعاقب خصمها دون أن يمسها.
استنكار نوبى من الهجوم على "قانون الازدراء"
النوبيون منقسمون حول مشروع قانون "العمدة" الذى يمنع ازدراءهم
الإثنين، 27 يوليو 2009 03:25 م