تأكيدات الدكتور فتحى سرور بأن الأقباط من حقهم الترشح لمنصب الرئيس جاءت فى وقتها تماماً، فجزء من مشكلة الأقباط فى مصر هى أن بعض حقوقهم الدستورية والقانونية "غير مستعملة"، صحيح أن ذلك يرجع إلى عدم ثقتهم فى النتائج، لكن المثل يقول "من لا يخطئ أبداً، لا يعمل أبداً"، لأنه لا يجرب أن يضع نفسه على المحك.
تخيل مثلاً أن قبطياً واحداً على الأقل رشح نفسه مستقلاً فى كل دائرة من الدوائر الانتخابية، بدلاً من أن يلعن الأحزاب التى لا ترشح أقباطاً للبرلمان، وعلى رأسها الحزب الوطنى، وبدلاً من انتظار تغيير النظام الانتخابى إلى القوائم. وتخيل أن قبطياً رشح نفسه لانتخابات الرئاسة، بدلاً من التسليم بأن المناخ العام لا يقبل ولاية غير المسلمين. بالتأكيد ليس النجاح أو الخسارة هو المقياس، لأن الجميع إلى حين يأتى لنا الإصلاح السياسى بانتخابات نزيهة متساوون فى الهم ذاته، وإضافة هم آخر طائفى لا يعنى فقط ضغوطاً إضافية، بل وتصريحاً بالشعور بالرضا عن السلبية، فمن أين سيأتى الإصلاح السياسى إذا سلمنا جدلاً أنه لن يأتى أبداً.
وجزء من الطائفية فى مصر مسئول عنها من يشتكون من وجودها، تأمل مثلاً هذا السؤال: لماذا لم يتوجه أهالى قرية الحواصلية بالمنيا بطلب للمحافظ لبناء كنيسة استناداً إلى القرار الجمهورى الذى يمنحه هذه الصلاحية، ثم إذا رفض المحافظ، فبيننا وبينه القضاء. صحيح أن وعى البشر لا تصنعه القوانين ولا القرارات، وما أكثر الأحكام القضائية التى لا تنفذ، لكن بالتأكيد التفريط فى ممارسة الحقوق تقصير.
فلن يتغير الوضع القائم بالشكوى الدائمة، ولا بعرائض المطالب، بل بالتجربة والخطأ، لأن تلك هى الطريقة الوحيدة لفرض واقع مختلف. والأقباط فى مصر مطالبون بطرح أنفسهم بقوة على الساحة فى كل المجالات الممكنة، ولا يعنى ذلك الانتقاص من المشكلات التى يعانون منها، ولا التنازل عن المطالب التى تمثل حقوقهم فى المواطنة الكاملة التى هى ليست منحاً أو عطايا، ولكن من قال إنها لا تحتاج إلى عناء.
الأقباط فى مصر مدعوون لممارسة المواطنة فى المساحات المتاحة، لأن ذلك هو الأسلوب الوحيد لتوسيع تلك المساحات، وجزء أصيل من المواطنة هو استخدام حقوقهم فى المشاركة السياسية مثلهم مثل غيرهم. وأمام كل عائق قد يهدد التجربة بالتعثر، سنكتشف أدوات جديدة لمواصلة الطريق، وأنصاراً جدداً ومتضامين جدداً، وعثرات جديدة أيضاً، لكننا سنكسب أراضٍ جديدة بالقانون والدستور. أما أن نحكم على التجربة بالفشل قبل أن تبدأ، وعلى أنفسنا بالعزلة، وعلى مصر بالطائفية، ونواصل لعن الظلام، فى ركن قصى، فلن نتحرك خطوة واحدة للأمام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة