صلاح الراوى عاشق الفلكلور المصرى وأستاذ الأدب الشعبى بأكاديمية الفنون يفتح مع اليوم السابع الصفحات المطوية على حكمة الموروث الشعبى وتتناقلها الأجيال عبر المثل.
يشير الدكتور صلاح أن لكل شعب أمثاله التى يؤمن بها، و يمكن لأى إنسان أن يدرس شعباً من خلال أمثاله، سيفهمه ويعرف قوانينه ومعتقداته وعاداته بواسطة شفرات سهله الحل، ولأهمية الحكم والأمثال فى حياة الشعوب فإن كثيرا من الدراسات والرسائل اتجهت لدراسة أمثال شعب ما للوقوف على هويته الثقافية والسياسية.
وفى هذا الأمر يتم التعامل مع الشعوب العربية على أنها كتلة واحدة من المفاهيم والطبائع، فهى ترتدى نفس اللون من الثقافة وتستخدم مفردات مشتركة، لذا فإن الحكم والأمثال التى تقال فى بلد عربى معين يمكن تعميمه على جميع شعوب العالم العربى، وهذا قد يحدث أيضا فى ثقافات مختلفة فتجد المثل قيل بطريقة ما فى بلد معين ثم انتشر بصيغة أخرى فى بلد آخر له إرث ثقافى مختلف، بما يعنى أن هناك إجماعا على المعنى الذى ينطوى عليه المثل أو الحكمة.
ويؤكد الدكتور صلاح على أن الأمثال تخرج من بوتقة واحدة وهى خلاصة التجربة عند الأجداد، وفى نفس الوقت هديتهم للأحفاد حتى تكون لديهم الدروس والعبر للمواقف المختلفة عبر التاريخ، لهذا فإن الأمثال والحكم مكملة لبعضها بعضا، ليس فيها أى تناقضا فيما بينها فى الموضوع الواحد، والتناقض يفهم خطأ عند العامة، حيث يتعاملون مع المثل بمعزل عن سياقه الذى وضع فيه ويستخدم من أجله، وعندما يقول المثل "الأهل زى الملح لا غنى عنهم "فإن فى هذا الأمر توضيح بأن الأهل لا غنى عنهم مهما صدر منهم، والإنسان لابد أن يتسع صدره لتصرفات الأهل مهما كانت، فهم فى النهاية عشيرته وعزوته، وهذا على وزن المثل القائل "أهلك لا تهلك"، وهذا لأن الإنسان يجب أن يحترم شعور الآخرين ويهتم بهم، خاصة أقاربه ويعمل على إرضائهم طالما كان قادرا على ذلك.
وعندما يستخدم المثل فى سياقه يأتى معبرا عن المعنى المراد مثلما تجد قولا عن الحذر من الأقارب " اللى ما لوش قرايب ما لوش عدوين " وهذا ما يؤكده مثل آخر بمعنى "الأقارب كالعقارب " وهذا يأتى على نفس المعنى القائل "احذر عدوك مرة واحذر صديقك ألف مرة..فربما أنقلب الصديق إلى عدو وهو أعلم بالمضرة "وذلك يرجع إلى أن الإنسان يبوح بسره إلى اعز الأشخاص إليه،وهم فى الأغلب إما احد أقربائه أو احد أصدقائه،لأنهم هم الذين يعرفون نقاط الضعف والألم،وهم أكثر من أعطاهم الإنسان الأمان فى حديثه معهم،لذلك فعندما يبيحون بسر هذا الشخص لأى إنسان آخر فإن ذلك يوجعه.
ويؤكد الدكتور الراوى على أن المثل ما ترضاه العامة والخاصة فى لفظه ومعناه، وهو أسرع من العدوى انتشارا، ولهذا فإن كثيراً ما نسمع مثلاً أو حكمة هنا ومرادفاً لها تماماً فى بلد آخر، مما يؤكد أن الإنسان أينما وُجد له ذات الهم والنوازع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة