هل تعد فكرة إعداد الأئمة داخل سويسرا طريقة فعالة لمكافحة الأصولية وضمان اندماجهم بصورة أفضل داخل المجتمع السويسرى؟ يبدو أن هذا الاقتراح يلقى تأييدا واسعا، بحسب ما أظهرته الدراسة الاستقصائية فى العلوم الدينية التى أجراها البرنامج الوطنى للبحوث فى سويسرا، من جانب غالبية المسلمين وعدد من الأحزاب السويسرية. بيد أنه تظل هناك أصوات معارضة ترى فى هذا الاقتراح "تعزيزا لوجود مجتمع إسلامى موازى" داخل المجتمع السويسرى.
تقول صحيفة "لوتون" السويسرية إنه فى الوقت الذى تشهد فيه سويسرا جدلا حول المبادرة الخاصة بحملة التصويت ضد بناء المآذن، وفى الوقت الذى بات فيه الإسلام وقيمه أكثر من أى وقت مضى محور المناقشات، تظهر هذه الفكرة الجديدة الخاصة سواء بتدريب الأئمة المسلمين فى المستقبل أو السماح للأئمة الأجانب الموجودين بالفعل فى سويسرا بتلقى المزيد من التدريب للتعرف على المجتمع السويسرى عن قرب.
تذكر الصحيفة أن باحثين فى جامعة زيوريخ أجروا مئات المقابلات مع ممثلى جمعيات ومنظمات إسلامية فى سويسرا، كما قاموا باستقصاء موقف غيرهم من الطوائف الدينية والأحزاب والسلطات السياسية والخبراء القانونيين، وذلك فى سبعة كانتونات سويسرية، وذلك لمعرفة رأيهم فى هذه المبادرة. وقد جاءت غالبية تلك الآراء مؤيدة لضرورة إنشاء أكاديمية لإعداد الأئمة ومدرسين الدين الإسلامى. وذلك لأن هذا الأمر من شأنه تجنب قيام أئمة تم تدريبهم خارج سويسرا بتعليم الأفكار المتشددة أو الأصولية.
كما أكد المسلمون الذين تم استطلاع رأيهم على الحاجة إلى وجود أئمة على معرفة ودراية جيدة بالمجتمع السويسرى، وكذا لغته وقانونه وسياسته، حيث إن عدم إجادة الأئمة مثلا للغة فى سويسرا غالبا ما يحول دون أداء مهامهم بصورة جيدة.
مصادر تمويل برامج إعداد الأئمة
أما فيما يتعلق بمصادر التمويل، تقول الصحيفة إن الأوساط المعنية بهذه المبادرة على استعداد للمساهمة فيها، من خلال رسوم التسجيل فى برنامج الإعداد أو من خلال فرض ضريبة على المسلمين مماثلة للضريبة الكنسية. كما أنهم يعتقدون أيضا أن الحكومة يجب أن تقدم مساهمة مماثلة لتلك التى تقدمها للكنائس. فضلا عن ذلك، يتمنى المسلمون الذين أدلوا برأيهم أن يتم الاعتراف ببرنامج إعداد الإئمة وتدعميه من قبل جامعات إسلامية خارج سويسرا، والتى يمكن لها أن تشارك فيه من خلال تعيين مدرسين مؤهلين لتدريبهم.
وتشير الصحيفة إلى وجود مبادرات شبيهة باقتراح تدريب الأئمة على الرغم من أنها لا تركز فقط عليهم، مثلما هو الحال فى جامعة فريبورغ، والتى تقدم منذ شهر سبتمبر نموذجا جديدا لدمج المسلمين فى المجتمع السويسرى بعنوان "الإسلام والمسلمين والمجتمع المدنى".
ردود أفعال الأحزاب السويسرية على هذا الاقتراح
تشير الصحيفة إلى وجود أحزاب سويسرية مرحبة بالفكرة مثل الحزب الليبرالى الراديكالى والحزب الديمقراطى المسيحى. أما الحزب الاشتراكى فقد سبق ووافق بالفعل فى عام 2006، على فكرة أن تكون الجامعات هى المسئولة عن تدريب الأئمة المقيمين فى سويسرا.
وعلى الجانب الآخر، يلقى هذا النوع من التدريب معارضة من جانب حزب الشعب السويسرى الذى صرح من خلال المتحدث الرسمى باسمه أنه "من غير المقبول فى بلد ذى جوهر مسيحى مثل سويسرا أن تكون مؤسسات الدولة هى المسئولة عن تدريب أئمة مسلمين. كما أن الدراسة فى سويسرا لن تغير من عقلية الأئمة الأصولية المتشددة". ويضيف قائلا: "لا ينبغى أن تُستغل فكرة الاندماج داخل المجتمع والحرية الدينية كذريعة لخلق مجتمع إسلامى موازى، يستند ليس فقط على قيم مخالفة لقيم سويسرا، وإنما أيضا على مفهوم آخر للقانون". ومن ثم يرى هذا الحزب أن التعليم الدينى الحالى كافى للغاية.
أما حزب الخضر، فيفضل أن يرى وراء فكرة تدريب الأئمة "اعترافا بالإسلام كدين سويسرى". حيث يرى أحد أعضاء الحزب أن الأمر لم يعد مرتبطا بنوع من أنواع إدارة ديانة دخلت سويسرا مع موجة من الهجرة، وإنما من الضرورى اعتبار الإسلام دينا سويسريا وأوروبيا. ولكنه أضاف محذرا :"من الضرورى الانتباه إلى ألا تسعى الدولة لفرض نوع معين من الإسلام أو لإعطاء الانطباع بأنها تدرب الأئمة ليحملوا كلمة سويسرا".
جانب من تقرير لوتون السويسرية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة