ذعار الرشيدى

"رجل السبعين مليون جنيه"..أزمة أخلاق أم أزمة نقد

الخميس، 23 يوليو 2009 07:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعتبر نفسى مدينا لكل ممثل كوميدى، بدءا من على الكسار مرورا بإسماعيل ياسين وعادل خيرى وسمير غانم ومحمد صبحى ومحمد نجم ومحمد الشرقاوى وسعيد صالح ونجاح الموجى وحسن حسنى وطلعت زكريا وعلاء ولى الدين ومحمد هنيدى والزعيم عادل إمام وملك الكوميديا الخليجية عبدالحسين عبدالرضا، وفاكهتها الفنان خالد النفيسى، وانتهاء بالنجم محمد سعد أو كما أحب أن أسميه "رجل السبعين مليون جنيه".

ويجب على كل شخص أن يقتنع أنه بالفعل مدين لكل ممثل كوميدى لأنهم رسموا الابتسامة على شفاهه دون سابق معرفة به، وزرعوا القهقهات فى صدره دون لقاء مباشر، وربما أخرجوه من حالة حزن إلى مساحات الفرح بأقل من "الفانية"، وهذا هو سر تعلق البشر بالكوميديا أكثر من غيرها من الفنون.

وكثيرون لا يفهمون حقيقة الكوميديا، وعلى رأسهم النقاد الفنيون الذين يعتقدون أنهم الوحيدون المبصرون فى الأرض بينما بقية خلق الله ممن دفعوا 70 مليون جنيه لمشاهدة أفلام محمد سعد الثلاثة الأولى هم عمى لا يفقهون.

محمد سعد ظاهرة كوميدية لم تحصل سابقا فى العالم العربى، ولأنهم لم يفهموها بل إنهم حتى لم يحاولوا فهمها بسبب أنهم أسرى لقوالب نقدية جاهزة وعلى ضوئها استلوا أقلامهم وبدأوا يقطعون أوصال ما يقدمه الرجل، ووصلوا إلى العظم فى سكاكين نقدهم، عدد من النقاد قاده تطرف قلمه وربط بين أفلام محمد سعد وبين انهيار القيم فى المجتمعات العربية جمعاء، وآخر قال ـ لا فض فوه ـ إن شعار محمد سعد هو "هرج أكثر تكسب أكثر"، ولو كان هذا الشعار صحيحا "ما كانش حد غلب يا باشا"، فما أكثر المهرجين الذين ظهروا قبل محمد سعد وما أكثرهم بعده، إنما ألم يتساءل الناقد الفطحل: لماذا كان محمد سعد هو الوحيد الذى كتب له أن يحطم جميع الأرقام القياسية فى السينما؟

وعامة إذا وضعت أياً من أفلام سعد تحت مجهر القلم والمسطرة النقديين فلن يحصل على حتى ما نسبته 7% من رؤية النقاد، ذلك لأن النقد لدينا جامد وموضوع فى قوالب جاهزة لا تستوعب حالة الإبداع العامة التى يقدمها سعد أو غيره، وهنا أزمة حقيقية فى النقد السينمائى الذى لا يفرق كتابه بين حالة النقد وحالة الإبداع، ما يقدمه محمد سعد هو إبداع شخصى ذاتى بنفس جديد ومختلف عن السائد، والإبداع دائما ما يكون كالزئبق غير محدد الملامح لا يمكن أن تستوعب حركته قوالب النقد الجاهزة التى وعندما عجز النقاد عن فهم حالة محمد سعد الإبداعية هاجموه وهاجموها، وأجزم أن أى منهم لم يحاول أن يفهم الظاهرة كسلا أو غيرة أو حتى انتصارا لفنان آخر، وبدأ يعتمد على القوالب لسلخ جلدة رأس الرجل.

ناقد آخر قضى من العمر ما قضاه عندما عجز عن فهم حالة الإبداع الشخصية فى فيلم اللمبى الأول اتهم ملايين الأشخاص الذين شاهدوه بالبلاهة، وكأنه اتجه لأسهل تفسير لظاهرة محمد سعد ولم يتعب ذرات دماغه فى السير نحو تقديم تفسير حقيقى.

ما أطلبه من النقاد هو أن " يتلحلحوا شوية " ويحاولوا أن يقدموا لنا تفسيرا حقيقيا لما قدمه سعد بدلا من الاكتفاء بكلاشيهات نقدية أكل الدهر عليها وشرب وتزوج وأنجب و"طلع على المعاش".

محمد سعد قدم واقعا نعرفه جميعا.. أخرج من قمقم المسكوت عنه الكثير ولم يكن يمثل حالة مصرية، بل كان يمثل حالة عربية عامة، ومحمد سعد مبدع بما قدمه ولكننا بلدان تأكل مبدعيها.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة