إبراهيم داود

حصة مصر

الخميس، 23 يوليو 2009 10:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقال دائماً إن المساس بحصة مصر التاريخية من ماء النيل «خط أحمر»، ودائماً ما تطالب دول المنبع - منذ استقلالها فى بداية الستينيات - بتعديل اتفاقية 1929 بحجة أنها أبرمت فى فترة الاستعمار، ودائماً ما تتعامل الحكومة المصرية مع ما يحدث حول شريان حياة المصريين على أنه من الأسرار التى لا ينبغى أن يعرفها المصريون، وهذه الأيام احتد الخلاف حول الحصة من جديد، ويسعى 11 نائباً من دول المنبع إلى رفع دعاوى أمام المحكمة الدولية - كما ذكرت الجارديان البريطانية - لتغيير الاتفاقيات، وأيضاً حرمان مصر من عدة مليارات مكعبة بعد تشغيل سد مروى الذى أقامته السودان على نهر النيل عند الجندل الرابع بمنطقة النوبة، ناهيك عن المؤامرات الإسرائيلية الحقيقية، والتى جعلتها تعتبر نفسها العضو رقم 11 فى حوض النيل.

1 - فى البداية يجب أن نعرف أنه لا يوجد قانون دولى للأنهار ينظم العلاقة بين دول المصب ودول المنبع، رغم الجهود الكبيرة التى بذلتها الأمم المتحدة وانتهت فى 1997 إلى إنشاء قانون رفضت أغلب دول الأنهار توقيعه، وكل ما هو متاح حالياً مجموعة من القواعد القانونية حددتها جمعية القانون الدولى فى مؤتمر هلسنكى عام 1969 ولا ترقى إلى مستوى القانون الدولى، وبالتالى يجب أن يتم الاتفاق بين جميع الأطراف، وأن تكف مصر عن التلويح باستخدام القوة لحسم الخلاف إذا تطلب الأمر، وأن تبحث عن شراكة حقيقية مع دول المنبع خصوصاً أثيوبيا - التى تزعم أن مصر سبب مشاكلها - والكونجو، وتعترف أن أخطاء حدثت يمكن تصويبها، بشرط ألا تتأثر حصة مصر، والفرصة سانحة أمامها فى المؤتمر الوزارى لدول حوض النيل والذى تستضيفه الإسكندرية بعد أيام، والذى يأتى بعد فشل اجتماعات كيجالى 2007 وعنتيبى 2008 وكينشاسا الأخير.

2 - دول المنبع ترفض الاتفاقات الدولية التى وقعتها بريطانيا وإيطاليا وأثيوبيا وبلجيكا والكونجو وأوغندا أيام الاستعمار، وهى الاتفاقات التى تعترف بها منظمة الوحدة الأفريقية، ودولتا المصب (مصر والسودان)، وترفضان التوقيع على أى اتفاقات جديدة تتجاهل الاعتراف بحقهما فى استخدامات مياه النهر، وترفضان المساس بحصتهما التاريخية (55.5 للأولى و5.18 للثانية)، وأيضاً ضرورة الإخطار المسبق لدول المصب بأى إنشاءات ومشروعات تقام على النهر، والتزام كل دول حوض النيل باحترام قاعدة التصويت بالإجماع عند تعديل أى بند، والأزمة الأخيرة بدأت مع الاجتماع الوزارى الذى عقد فى كيجالى عاصمة رواندا قبل عامين، حيث تراجعت جميع دول الحوض عن النص الذى يلزم بالإخطار المسبق عن المشروعات التى تقام على النهر وفروعه، واستمر التشدد فى اجتماع كينشاسا الأخير والذى مثل مصر فيه الوزير الجديد محمد نصر الدين، الوزير السابق محمود أبوزيد أدلى بشهادته لمكرم محمد أحمد فى الأهرام 11 من الشهر الجارى، وقال إن ادعاء دول المنبع بأن مصر تحصل على حصة الأسد من مياه النيل ادعاء غير صحيح لو تم حساب استخدامات دول المنبع لكل مصادرها المائية بما فى ذلك حجم الأمطار التى تسقط على الهضبة الاستوائية (1660 مليار متر مكعب)، وعلى الهضبة الأثيوبية (840 مليار متر مكعب) غير حساب المياه الجوفية، إضافة إلى أن دول المنبع تملك أنهاراً أخرى مثل أثيوبيا التى تحمل أنهارها الداخلية ما يربو على 110 مليارات متر مكعب والكونجو التى يتدفق عليها كل عام 1000 مليار متر مكعب تذهب فاقداً فى المحيط، ويضيف أبوزيد - الذى أقيل بسبب غامض مع رئيس الوزراء - أن حسابات ورواسب قديمة وراء المشكلة، يتطلب علاجها بعض الوقت والصبر، كما يتطلب تعزيز المصالح المشتركة بين مصر ودول حوض النيل، ويرى مكرم أن التشدد الأثيوبى تضاعف مؤخراً بسبب إلغاء مصر - بدون مبررات موضوعية - عقد استيراد لحوم قيمتها 250 مليون دولار!

وربما يكون البيان الذى أصدرته الدول المانحة برفض تمويل أى مشروعات مشتركة ما لم توحد دول الحوض مواقفها سبباً لتراجع دول المنبع فى الإسكندرية عن تشددها، حتى لا يلجأ الوزير المصرى إلى رفع الموضوع برمته إلى الرئيس مبارك، الذى سيدعو - كما يتوقع مكرم - دول الحوض لقمة تنظر فى المشكلات كلها، وأظن أن مسئولية مياه النيل أكبر من وزارتى الرى والخارجية، وأنه يجب على النظام أن يشرك جميع القوى السياسية فى الموضوع وأن يلعب الإعلام دوراً فى حشد الشارع خلف مطالب مصر المشروعة وإحاطته علماً بما يجرى، لأن الموضوع ليس حكراً على الحكومة ولجنة السياسات، وأن يتحلى وزير الرى بالصبر والحنكة ويربط لسانه لأن دول المنبع ليست أعداء ولن نخسر شيئاً إذا استمر التفاوض سنوات وسنوات مادام النيل يجرى.

3 - يشاع أنه فى حالة نجاح المخطط لفصل جنوب السودان عن شماله فى 2012، سوف تشترى إسرائيل المياه من الجنوب وضخها عبر الأراضى المصرية مقابل دفع رسوم، رغم أن الاتفاقيات تمنع نقل المياه خارج القارة، ولهذا تكثف إسرائيل وجودها - فى غياب مصر - فى دول المنبع من خلال شركات استخراج الماس والسياحة والزراعة، ناهيك عن التعاون الأمنى.

4 - تكلف سد مروى 800 مليون يورو، دفع بنك الصين للاستيراد والتصدير %30 وتكفلت الصناديق العربية (العربى والسعودى وعمان وأبوظبى والكويت) بالباقى، وتشغيله سيفقد مصر 8 مليارات متر مكعب بدءاً من هذا العام كما ذكر رشدى سعيد للشروق، لأن تشغيل الخزان (الذى تقدر سعته بـ110 مليارات متر مكعب) لتوليد الكهرباء سيحتاج إلى ملئه بالماء، الأمر الذى يتطلب حجز المياه أمامه عشرين عاماً.

5 - متوسط ما يحصل عليه الفرد من الماء فى مصر 800 متر مكعب سنوياً، فى حين أن المتوسط العالمى 1000 متر، ويتم تبديد %10 من ماء النيل فى توشكى لصالح 4 مستثمرين قاموا بزراعة 20 ألف فدان فقط خلال عشرين عاماً.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة