حالة من الشلل التام أصابت مكاتب خبراء العدل على مستوى الجمهورية بعد إعلان جموع الخبراء إضرابهم عن العمل رسمياً يوم الأحد الماضى، وذلك خلال وقفتهم الألفية الثانية، والتى أقسموا فيها على عدم مباشرة الدعاوى القضائية احتجاجاً على عدم استجابة وزارة العدل إلى مطالبهم.
وتتلخص مطالب الخبراء فى إلغاء الكتاب الدورى رقم 8 لسنة 2009 القاضى بمنع إرسال ملفات الدعاوى القضائية إلى مكاتبهم، والمطالبة بإصدار قانون جديد يوفر لهم الحماية أثناء العمل، علاوة على توفير الرعاية الصحية والاجتماعية اللازمة والحصول على مكافأة ثابتة لنهاية الخدمة.
اليوم السابع قام بجولة داخل بعض مكاتب الخبراء فى محافظتى القاهرة والجيزة، كان المشهد المشترك فيها هو الأتربة التى ملأت المكاتب، كما لو كان عمال النظافة تضامنوا مع الخبراء، وانقطعوا عن العمل!!
وفى أحد المكاتب بالقاهرة، يجلس الخبراء فى مكتب واحد ويقومون بإغلاق باقى المكاتب حتى انتهاء ساعات العمل، وبعدها يتوجهون إلى مقر وزارة العدل بلاظوغلى لمشاركة زملائهم فى الاعتصام.
أحد الخبراء بالقاهرة أخرج ملف دعوى قضائية يزيد حجمها عن الألف ورقة كدليل منه على مدى صعوبة دراسة مثل هذه الملفات داخل المحاكم المتكدسة، بطبيعة الحال، بأمناء السر والمحامين والمتقاضين، وقال: "حتى الآن لا يتصور أحد مدى خطورة إصدار الكتاب الدورى الذى يقضى بانتقالى كخبير بين أكثر من محكمة فى اليوم الواحد لأطلع على مستندات الدعاوى، وهو ما يعنى ضياع كل وقتى فى مجرد الذهاب والإياب بين المحاكم، فضلاً عن دراسة هذه الملفات لإعداد التقرير الفنى حولها".
وأضاف الخبير، الذى آثر عدم ذكر اسمه، "إنه فى الوقت الذى يتحجج فيه مسئولو وزارة العدل بأن هناك تراكماً فى الإنجاز، فإن هذا التراكم سيزداد أضعافاً"، معللاً ذلك بأن مسئولى العدل لا يضعون فى اعتبارهم قلة عدد الخبراء الذى يصل إلى 2300 خبير قياساً بعدد القضاة وبالدعاوى القضائية التى تحال من المحاكم إليهم.
المشهد لم يختلف كثيراً فى مكتب جنوب الجيزة الذى يضم ما يقرب من 100 خبير فى التخصصات الثلاثة: الحسابية والزراعية والهندسية، كان جميع الخبراء المتواجدين فى المكتب لا يقومون سوى بشرب الشاى والقهوة وقراءة الصحف.
المكتب يبدو للوهلة الأولى محدود الإمكانيات، فالمكاتب قديمة والدواليب التى توضع فيها الملفات عليها أقفال صغيرة، والسبب وراء ذلك، حسب كلام إحدى الخبيرات، "رفضت ذكر اسمها" هو عدم اهتمام وزارة العدل بتطوير مكاتب الخبراء ومدها بالإمكانيات اللازمة، قائلة: "فى بعض الأوقات يضطر 3 خبراء للجلوس على مكتب واحد لمباشرة عملهم وأحيانا يضطر بعض الخبراء للجلوس فى الشرفة المليئة بخردوات قديمة".
وأضافت، أنه على الرغم من أن أمانة الخبراء سنويا تصل إلى 190 مليون جنيه، إلا أن مكاتب الخبراء لا يتم تطويرها بل تنفق هذه الأموال على صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية للقضاة، ولصندوق أبنية المحاكم، بل ويقدم جزء منها كدعم لنادى القضاة.
وتعجب أحد الخبراء من عدم دراسة وزارة العدل لموضوع حماية الملفات فى إطار متكامل، موضحاً أن حجة الوزارة بأنها تسعى لحماية ملفات الدعاوى ليست صحيحة، لأن أمين السر لن يخاف على ملف الدعوى أكثر من الخبير ذاته، لذا كان من الأولى أن تقوم الوزارة بنقل جميع مكاتب الخبراء بهياكلها كاملة إلى المحاكم وليس مجرد ندب مجموعة من الخبراء أو نقل الملفات فقط، متوقعاً زيادة تراكم القضايا فى حالة نقل الملفات فقط، نظراً لضياع كل وقت الخبراء فى الانتقال بين المحاكم.
الأتربة تكسو المكاتب.. ولا تنازل عن المطالب..
"اليوم السابع" يدخل مكاتب الخبراء بعد أيام من امتناعهم عن العمل
الخميس، 23 يوليو 2009 02:08 م
الخبراء آثروا الذهاب إلى مكاتبهم رغم امتناعهم عن العمل - تصوير عمرو دياب
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة