أكرم القصاص - علا الشافعي

د. خميس الهلباوى

لجنة السياسات.. وقفة للتأمل والتقاط الأنفاس

الإثنين، 20 يوليو 2009 10:42 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مضى على مولد لجنة السياسات بالحزب الوطنى بقيادة السيد جمال مبارك، حوالى عشر سنوات تقريباً حتى الآن، ونظراً لأنها تجربة جديدة فلابد من وقفة لمراجعة المواقف السياسة والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وتطوراتها فى مصر خلال تلك السنوات العشر، حيث إن تجربة أى نظام سياسى جديد تتطلب وقفة على الأكثر بعد عشر سنوات بعد أن أخذت التجربة مداها، لدراسة سلبياتها فنعالجها وإيجابياتها فنهتم بزيادتها ورفع كفاءتها.
فهل حققت لجنة السياسات المستهدف من إنشائها ونجحت فى تطوير النظام السياسى فى مصر إلى الأفضل؟
إذا عدنا إلى أسباب إنشاء أمانة السياسات التى يرأسها السيد جمال مبارك، فنجد أنها لم يكن لها وجود قبل السنوات العشر الماضية، وقد تم تشكيل هذا الكيان كشكل استثنائى لم ينص عليه النظام السياسى للحزب الوطنى كتجربة سياسة ولا الدستور المصرى، ولم يكن موجوداً من قبل فى التاريخ السياسى لمصر.
وربما يكون من أسباب إنشاء هذه الأمانة جعلها مركزاً للدراسات التخطيطية والتشريعية والتنفيذية والرقابية على الأنشطة الرئيسية لنظام الحكم فى مصر، لكى تعاون الرئيس مبارك بصفته رئيساً للحزب الوطنى وبصفته رئيسا لجمهورية مصر العربية، وبهذا يكون نشاط أمانة السياسات متوازيا مع نشاط مجلس الشعب فى نفس الوقت، أى متوازيا مع السلطة التشريعية (مجلس الشعب)، والسلطة التنفيذية (الحكومة) فى نفس الوقت، بالرغم من تناقض سلطات ووظائف كل من السلطتين، وهو ما لايوجد فى أى نظام سياسى آخر فى العالم، وقد يكون فى هذا تجربة لنظام حكم جديد، يسمح بتدريب رئيس لجنة السياسات على ممارسة سلطات السيد رئيس الجمهورية، فى مراقبة السلطات المختلفة وفى تفاعلاتها لصالح المجتمع.
إن أمانة لجنة السياسات ورجالها قد أخذوا فرصتهم كاملة لمدة عشر سنوات فى القيام بتلك الوظائف والسلطات المتناقضة، وأخذت التجربة مداها فماذا كانت النتائج؟ هل وصلنا إلى النتائج المرجوة والمخططة من تطبيق هذا النظام الخاص بأمانة السياسات بالحزب؟
وقد صرح الدكتور محمد كمال عضو هيئة مكتب أمانة السياسات لمجلة المصور، فى وصفه للجنة السياسات بأن هذ الكيان هو "بيت أفكار، يطرح الأفكار والسياسات العامة والحلول لكل القضايا التى تواجه المجتمع"
فهل من الممكن "علمياً" أن "تعرف" لجنة أو أمانة "كل" الأفكار والسياسات العامة لمجتمع عدده 80 مليون نسمة مهما كانت خبراتها وإمكانياتها، ودرجة شفافيتها مهما كانت تلك الشفافية؟ لو حللنا معنى هذا التصريح نجد أن الأفكار والسياسات وحلول القضايا إنما هو كلام عام مبهم لا معنى واقعى له لا يصلح إلا للاستهلاك الكلامى فقط.
وفى شرح الدكتور على الدين هلال لنفس المجلة يقول إن «الأمانة لها ثلاثة مهام واضحة هى:
1- طرح مقترحات السياسات العامة!
والسؤال هو: طرح السياسة العامة على من؟ ومن الذى يقترح تلك السياسة العامة؟ وما هو دور مجلس الشعب فى هذا؟ هل لجنة السياسات ممثلة للشعب المصرى كله أى 80 مليون نسمة؟
2- متابعة قيام الحكومة بتنفيذها.
والسؤال هو: متابعة قيام الحكومة بتنفيذ السياسات هى مهمة أصيلة لمجلس الشعب، فماذا يكون دور مجاس الشعب إذن؟ ما حدث هو انشغال معظم أعضاء مجلس الشعب فى جمع توقيعات وزراء الحكومة على طلبات لمصالحهم الخاصة، ونسوا أو تناسو مصالح الشعب الذى انتخبهم لتمثيله للمحافظة على تحقيق آماله المنهكة والمنتهكة.
3- المقارنة بين المستهدف تحقيقه وما تم تنفيذه.
والسؤال هو: إن مهمة المقارنة تقع على عاتق الأجهزة الرقابية المختلفة مثل الجهاز المركزى للمحاسبات والبنك المركزى.. وغيرهما من الأجهزة الرقابية، فلماذا لجنة السياسات؟ وهل قامت اللجنة بدورها فى المراقبة؟ وماذا أنجزته بعد الفضائح الخاصة بالقمح الفاسد والفضائح الأخرى الكثيرة.
وجاء فى تصريح السيد الدكتور على الدين هلال، قوله إن علاقة الأمانة بالحكومة تتمثل فى أن «كل لجنة من لجان أمانة السياسات التسع لها رئيس هو الوزير المختص، ورئيس آخر هو قيادة حزبية، إضافة إلى أن تشكيل اللجنة نفسها يضم عددا من وكلاء الوزارة والمسؤولين التنفيذيين»!!!!!.
وبهذا يصبح النظام السياسى المصرى نطاماً غير دستورى، خليط من المؤسسات الدستورية تختزل فى لجنة واحدة رئيسها نجل السيد رئيس الجمهورية، وأعضاؤها يعلم الله مقدار شفافيتهم لصالح مصر، لماذا؟!
لأن من سمات النظم الديمقراطية السليمة المحافظة على مصالح الشعب والشفافية، بالفصل بين السلطات، بحيث تعمل جميعها فى ديناميكية منتظمة متناغمة تعمل لمصلحة الشعب فتخطط وتنفذ وتراقب التنفيد وتطبق مبادئ الثواب والعقاب كل فى اختصاصه بدون تداخل السلطات. ولكن فى حالتنا هذه يصبح الحزب، قد سيطر على مجلس الشعب وعلى الحكومة وإذا اتفق الاثنان فقل على مصالح الشعب السلام، كيف يكون الوزير رقيبا على نفسه؟ وأكثر من ذلك أن تكون وظيفة عضو مجلس الشعب استجداء توقيع الوزير على طلب خاص للنائب، وهذا يعنى أن السلطتين التشريعية والتنفيذية أصبحتا سلطة واحدة "يعنى يعجنوا ويخبزوا ويأكلو الشعب ومصالح الشعب كيفما يشاءون".
فإذا كان وزراء الحكومة أعضاء فى أمانة السياسات كما هو حادث، ورئيسها السيد جمال مبارك، وأصبح الوزراء تابعين له، ولجنة السياسات تراقب على أعمال هؤلاء الوزراء، فكيف يتسنى أن يستقيم أن يكون الخصم هو الحكم؟
وإذا سلمنا بأن لجنة السياسات كما جاء على لسان رجالها هى التى قامت بوضع السياسات العامة، وأنها وراء إنشاء المجلس القومى لحقوق الإنسان، وتعديلات قوانين الأحزاب، ومجلسى الشعب والشورى، وقانون الانتخاب، وقضايا الخلع، ومحاكم الأسرة، وكوتة المرأة فى البرلمان التى تم إقرارها، وتطوير الجهاز المصرفى، والبنك المركزى، وسياسات الضرائب.. إلخ، فما هى مرجعية لجنة السياسات فى كل هذا؟
وإذا كانت لجنة السياسات هى التى قامت بكل هذا بالرغم من عدم دستورية وجودها أصلاً، فإن نشاطها لا يقتصر على تفعيل أداء الحزب الحاكم فقط، إنما يتغلغل فى كافة مجالات الحياة البائسة للشعب المصرى، بدون حلول للمشاكل الرئيسية التى تتفاقم، خاصة تلك المتعلقة بتمكين الكثير من رجال الأعمال المحظوظين من الاستيلاء على حقوق الشعب بدون عدالة باستيلائهم على المليارات من أموال البنوك وعلى الأراضى الشاسعة بطرق تخلو من الشفافية، فيزدادون غنى وتوحشا فى الغنى، فى الوقت الذى يتدنى المستوى الاجتماعى والمعيشى لباقى طبقات الشعب التى وصل بها الأمر إلى حافة الكفر من الفقر، والظلم والمرض، فهل أحوال مصر الآن مثل أحوالها منذ عشر سنوات؟
فإذا كان نظام وجود لجنة السياسات غير الدستورى أحد أسباب الفوضى الدستورية فى مصر، فهل ستستمر لجنة السياسات بالوضع والنظام والسلطات والتشكيل الحالى؟؟








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة