أشار الدكتور على الدين فى المحاضرة التى ألقاها بالمركز الثقافى الهندى "مولانا أبو الكلام أزاد" إلى أن هناك عدة صور توثق تجربة التنمية الناجحة فى الهند، حيث أشار إلى ثلاث صور أكيدة، الأولى هى الديمقراطية وتأصيلها فى السلوك العام ونظام الحكم، الذى يشهد تداولاً للسلطات، والثانية التقدم الاقتصادى، مشيراً إلى العملاق الاقتصادى الجديد، وهو الهند التى تحقق تنمية اقتصادية بنسبة 7.9% سنوياً، واصفاً إياها بعملاق تنموى جبار، مؤكداً ربط تلك التجربة بما قدمته دول أخرى مثل اليابان وماليزيا واندونيسيا وكوريا الجنوبية وما حققته تلك الدول من تميز فى الحركة التنموية، داعياً إلى من يسعى إلى المستقبل لدراسة تلك التجارب ومدى عمقها، أما الصورة الثالثة، فهى التقدم التكنولوجى، حيث تمثل الهند الدولة القائدة فى العالم فى مجال البرمجيات، ولم يأتِ ذلك من فراغ، حيث التقدم فى مجال التعليم وبتميز خاص فى المجال التكنولوجى والهندسى.
وأضاف هلال فى اللقاء الذى حضره كل من السفير الهندى بالقاهرة السيد أر.سومانثنان والدكتور أحمد القاضى، سكرتير عام جمعية الصداقة المصرية الهندية والسيدة سوشتيرات دوراى، مديرة المركز الثقافى الهندى بالقاهرة إلى جانب لفيف من أعضاء جمعية الصداقة المصرية الهندية ولفيف من الباحثين والأكاديميين.
هناك 4 عوامل أساسية ساهمت فى نجاح التجربة الهندية، وفى مقدمتها دور حزب المؤتمر "الحزب الحاكم"، وهو الحزب الذى قاد النضال ضد المحتل، ورغم أفول نجمه لفترة سياسية فى تاريخ الهند، إلا أنه عاد والتف حوله الهنود بأغلبية ساحقة على الرغم من التعدد الحزبى الكبير والحقيقى، الذى يتمتعون به وتلك الثقة مكنته من أن يضع أساساً للنظام حكم مستقل يتسم أولاً بالديمقراطية بما يدعمها من تعددية سياسية وتعدد فى الأحزاب وحرية فى تكوينها، ثانياً نظام علمانى، حيث أساس تعامل الدولة مع المواطن، هو الجدارة وليس انتماءه السياسى أو الدينى أو الطائقى، ثالثاً نظام الإدارة الفيدرالى هو النظام الذى يعتمد على عدم مركزية الإدارة، حيث كل ولاية أو مديرية تمتلك سلطات لا تتدخل فيها العاصمة وباتت كل ولاية لها وزراؤها وبرلمانها، أما العامل الثانى فهو الإدارة الخلاقة أو الديمقراطية.
التنوع والتعدد الذى تتميز به الهند كان مصدراً للثراء الاجتماعى ولم تنظر لهذا التنوع كتنوع فقط أو قناة يمكن أن يخترقها أحد ما، وأضاف الدكتور هلال، أن العامل الثالث كان الإدارة المجتمعية فى عملية التنمية ليست قراراً حكومياً، وإنما إرادة مجتمعية للشعب من أجل هذا النماء، وهو مستعد لدفع الثمن من أجل تحقيق هدفه ومشروعه، ومن هنا يأتى العامل الرابع والأخير هو اختيار الأهداف وتحديد الأولوية ويطلق الدكتور هلال دعوته بأنه يجب أن نعى الدروس ولا جدوى من سياسة حكومية ما لا يتقبلها الشعب ويتبناها ويعمل على تحقيقها متحملاً أعباءها وأن تكون لدى الشعوب شجاعة لدراسة الأفكار وإبداء قدر من المرونة للتعامل معها ومراجعتها وأيضا ضرورة الإيمان بأن التخلف والفقر ليس قدراً، وإنما هى نتيجة ظروف اجتماعية خلفتها نظم وسياسات، وأننا لسنا أسرى ما نحن عليه، فأوضاع دول مثل كل من الهند والصين أسوا بكثير ما نحن عليه فى مصر، ومع ذلك نجحت تلك الدول بطريقة علمية فى تجربة التنمية، وأنهى إشارته بضرورة الاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين، ولكن بفكر وطنى، حيث لا ينمو وطن إلا بفكر وطنى، مؤكداً أن تنمية المجتمعات ليست بحاجة إلى قرارات حكومية، وإنما هى إرادة مجتمعية وعلى الشعوب أن تتسلح بهذه الإرادة إذا ما رغبت فى التقدم.