«لا تفعل كما فعل الصياد الذى انبهر بالقصر».. هذا أول ما التقطت أذنى وأنا آخذ مكانى بين الجالسين فى المسجد؛ كان الخطيب يتكلم بلهجة حماسية، والكل يتابع الخطبة باهتمام.. وكنت أسرع الخطى مخافة أن تضيع علىَّ صلاة الجمعة.. ورغم ذهابى بعد الأذان بساعة إلا عشر دقائق، لكن وضح تمامًا أننى أتيت مبكراً.. كان الخطيب يتنقل من موقف إلى موقف، ومن حديث إلى حديث، يصف القطوف الدانية.. فى الجنة العالية.. ثم ينتقل إلى الغسلين وسلسلة ذرعها سبعون ذراعًا فى النار، ثم يعقِّب: فلا تفعل كما فعل الصياد، الذى انبهر بالقصر، وأضاع فرصة عمره.. حاولت جاهدًا أن أفهم من هو الصياد، وماذا أضاع؟ وما الذى أدخله القصر. تابعت الخطيب وهو ينتقل إلى موقف جديد، يصف فيه أحوالاً وأقوامًا وأممًا أبادهم الله، ثم يعقب: فلا تفعلوا كما فعل الصياد الأحمق، الذى انبهر بالقصر، وشغله عن أهم شىء.. قلت: يا مسهل.. الخطيب بدأ يفسر.. نظرت إلى الساعة، وتساءلت: وهل ما زال هناك وقت للتفسير وقد مر أكثر من ساعة؟
ثم أقام الصلاة،.. وما إن سلم، حتى جريت إليه مسرعًا، سلمت عليه، وعلى الفور سألته: ما حكاية الصياد؟
سألنى: أى صياد؟
قلت: الذى انبهر بالقصر.
سكت لحظة يتأملنى كأنى كائن غريب، هل سألته سؤالاً مشفرًا؟!، ثم انتبه وقد تذكر، ونظر لى بحدة، وقال: أنت حضرت متأخرًا عن الخطبة؟
قلت له: نعم.
فقال لى بلهجة حادة: أنت فعلت مثل الصياد الذى شغله القصر عن طاعة الله.
وتركنى وانصرف.
عاطف عبدالفتاح
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة