قصة قرية بشرى ليست الأولى ولن تكون الأخيرة

كنائس البيوت.. قنابل طائفية فى انتظار التفجير

الخميس، 02 يوليو 2009 09:59 م
كنائس البيوت.. قنابل طائفية فى انتظار التفجير
كتب عمرو جاد - تصوير: محمد مسعد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄المحامى كرم حنا يهدد باللجوء للقضاء الدولى للمطالبة بحرية إنشاء الكنائس.. وجمال أسعد يطالب المسلمين بأن يتولوا حل المشكلة
◄القمص صليب متى: كنيسة لكل 150 ألف مسيحى فى مصر ونحتاج لـ15 ألفا أخرى

(واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشك).. فى تفسيرهم لهذه الآية من سفر التكوين بالكتاب المقدس، لا يستطيع أقباط مصر أن يتجاهلوا الربط بينها وبين انتظارهم قانون دور العبادة الذى يتيح لهم حرية بناء الكنائس، فالدولة التى تتباهى كثيرا بالنسيج الوطنى، هى نفسها التى تعطيهم سببا جيدا للشعور بالاضطهاد، الذى يكون وقودا جيدا لأن تتحول حادثة صغيرة مثل التى حدثت فى قرية بشرى ببنى سويف، إلى فتنة طائفية مكتملة الأركان، بمجرد أن قام قس بتخصيص طابق فى المنزل للصلاة لتتصاعد الأمور بين الطرفين ويضطر الأمن لمحاصرة القرية بهدف السيطرة على الوضع.

أحداث بنى سويف ليست الأولى التى تندلع بسبب الصلاة فى بيت أحد المسيحيين فهو سيناريو متكرر بسبب الصلاة فى منزل يريد الأقباط تحويله إلى كنيسة ليس جديدا، فهو تكرار لما حدث فى نفس القرية بعد شائعة تحويل منزل ملك للمطرانية إلى كنيسة، وفى شهر أكتوبر من العام الماضى أيضا بمنطقة عين شمس تسبب قيام بعض الأقباط بإقامة شعائر كنسية فى منزل أحدهم، فى اشتعال الأحداث لمدة يومين، ومن قبلها كانت أحداث قرية العديسات بمدينة الأقصر عام 2006 ونتج عنها أكثر من 20 مصابا، أيضا فى 2008 اشتعلت الأوضاع بمحافظة الشرقية حينما سرت شائعة بتحويل بيت خدمات إلى كنيسة.

وبحسب تقديرات الأقباط أنفسهم فهناك ما يقرب من 36 قرية ونجعا ومدينة فى طريقها لتصبح بؤرا طائفية تنتظر الانفجار فى أى وقت بسبب عدم وجود كنائس، وهذه المناطق تحتاج إلى 36 كنيسة، لعدم وجود أماكن بها منها قرية بشرى وعين شمس ودشنا وسمالوط.. وهو مبرر جيد أيضا لهذه المناطق أن تطالب البابا شنودة بإيجاد حل لمشاكلهم بدلا من الالتفاف حول القانون واللجوء إلى البيوت وتحويلها إلى كنائس.

إلقاء الكرة فى ملعب البابا شنودة ليس حلا كافيا لتبرير تحويل المنازل إلى كنائس، فحسبما يؤكد مصدر كنسى، لا يريد قداسة البابا مشاكل مع الدولة، فقد طالب عدد من المحامين أكثر من مرة باللجوء إلى القضاء الدولى وأمريكا للتدخل فى حل أزمات بناء الكنائس فى مصر، وأضاف أن الكنيسة الأرثوذكسية التجأت إلى هذه الطريقة بعد نجاح الكنائس الأخرى فى إقامة الصلوات داخل البيوت إثر رفض الدولة إعطاء تصاريح بناء.

الإشكالية الكبرى هنا أن المسألة القبطية فى هذا الشأن تقع بين أمرين هما إما الرضوخ لسلطة القانون كمواطنين، بعدم استخدام المنازل ككنائس، أو الاستجابة لنداء الدين وإقامة صلاة فى أى مكان حتى لو كان هذا مخالفا للقانون، وهو الأمر الذى فسره القمص صليب متى ساويرس كاهن كنيسة مار جرجس وعضو المجلس الملى بقوله إن الصلاة فى البيوت ليست بدعة جديدة فهى موجودة منذ نشأة المسيحية حيث كان يقوم الأقباط بالصلاة فى المنازل والبيوت، وأضاف أنه قديما كان يوجد فى كل بيت مسيحى حجرة للصلاة بها هيكل وشبه كنيسة ويوجد الآن فى الكثير من بيوت المسيحيين حجرات للصلاة تشبه الكنيسة.

وأشار ساويرس إلى أن اتجاه بعض المسيحيين إلى هذه الطريقة فى الصلاة فى بيوت ومنازل مثلما حدث فى منطقة عين شمس ومنطقة بنى سويف يرجع إلى عدم وجود أماكن خاصة بهم للصلاة، فماذا يفعل فى حين توجد تحت كل بيت فى مصر زاوية للصلاة خاصة بإخواننا المسلمين، مشددا على أن عدم ظهور قانون البناء الموحد حتى الآن هو السبب فى اللجوء إلى هذا التصرف، ساويرس أيضا أوضح إن مسيحيى مصر يحتاجون إلى 15 ألف كنيسة بعد أن وصل عدد المسيحيين إلى 15 مليون مسيحى فى مصر، مؤكدا أنه فى مصر أقل من ألف كنيسة ومعنى ذلك أن لكل 150 ألف مسيحى كنيسة واحدة، فماذا يفعل الأقباط للصلاة؟
وأيد كلامه الأنبا تكلا أسقف دشنا الذى قال إن الأقباط يحتاجون بالفعل لعدد كبير من الكنائس لحل الأزمة الخاصة بتوفير أماكن للصلاة، وأضاف «إننا ضد إقامة الصلوات فى البيوت حتى لا يتعرض الأقباط للمشاكل، فلابد أن يعرف المسيحيون ذلك»، مشيرا إلى أن القرى والنجوع التى تحتاج إلى كنائس لا يجب أن تسلك هذه الطرق الملتوية، حتى لا يتعرض الأقباط لمشاكل طائفية، وأوضح أن أسقفية دشنا كانت تحتاج فى إحدى القرى إلى كنيسة، فقمنا بإرسال أتوبيسات لحل المشكلة وقال إن الصلاة هى أهم ما فى حياتنا لأنها وسيلة اتصال الإنسان بالله ونستطيع من خلال صلاتنا أن نتقرب إلى الله.

التساؤل الذى يفرزه حديث تكلا، هو كيف يكون الاقتراب من الله ملطخا بدماء الضحايا من الجانبين ومقرونا بنيران الطائفية؟.. الإجابة لخصها القس جورجيوس أمين راعى كنيسة مار جرجس وعضو لجنة الطقوس الكنائسية قائلا: إن ما يفعله الأقباط سببه الدولة مؤكدا أن هذه البيوت هى بيوت للصلاة فقط وليس لها أهداف أخرى، أيضا على حد قوله، فإن الصلاة ليست حراما، فماذا يفعل المسيحيون فى قرية أو نجع أو كفر بدون كنيسة، وعدد الأقباط يتزايد يوما بعد يوم، محذرا من أن ما تفعله الدولة سيكون له أثره الخطير فى المستقبل فالكبت الذى داخل الأقباط سيولد الانفجار فى أى وقت.

و تساءل القمص جورجيوس عن سبب عدم العدالة بين الأقباط والمسلمين، ففى الوقت الذى يحق لأى مسلم أن يقيم مسجدا فى أى مكان، ترفض الدولة تصريحا واحدا لكنيسة بقرية أو محافظة كاملة، مؤكدا أن الصلاة ليست خطيئة «فنحن نذكر رئيس الجمهورية فى الصلاة»، على حد قوله.

وعلى الرغم أن الجميع يعول السبب على الدولة وعدم وجود قانون موحد لدور العبادة إلا أن مفكرا قبطيا مثل جمال أسعد يرى أن الأمر ليس بسبب قانون أو غيره إنما هو أمر موقوف على المناخ الطائفى، فمن الممكن جدا أن يصدر قرار جمهورى بإنشاء كنيسة فى مكان ما ولا يتم تنفيذه، لماذا؟.. لأن المناخ الطائفى بها متزايد ولا يحتمل مثل هذا الأمر، بينما على النقيض من الممكن أن تبنى كنيسة دون قرار ولكن فى منطقة يسودها التسامح.

أسعد وصف تحويل بعض المنازل إلى كنائس وما يترتب عليه من أحداث طائفية إنما هو خطأ مزدوج من الطرفين، فالقس يخطئ حينما يحول بيته إلى كنيسة فى ظروف طائفية لا تحتمل مثل هذا التصرف، كما أن الدولة مخطئة فى عدم منح الناس الحق فى بناء دور عبادة، أسعد استشهد بأحداث عين شمس الأخيرة قائلا: «كان يجب حينها التفكير فى حل جذرى لهذه المسألة وحسم الموقف لقطع الطريق على أى أحداث أخرى بهذه الذريعة، أما أن تترك الأمر معلقا هكذا فهذا تكريس للاحتقان».

أسعد يرى أنه فى حالة عدم وجود أى مناخ طائفى فإن المسلمين مطالبين بأن يقودوا هم الحل من أجل إنهاء هذه المشكلة، فأمر طبيعى أنه عندما يحتاج المكان إلى كنيسة ولا تبنى فمن الطبيعى أن يلجأ الناس للمنازل لأداء صلواتهم.

رأى آخر لا يرى وجود تعنت من الدولة تجاه بناء الكنائس، حيث يؤكد المفكر القبطى كمال زاخر أن الدولة غائبة تماما فى هذا الأمر تاركة الساحة للفكر المتطرف، والأحداث الطائفية -على حد قوله- نتاج طبيعى لتفشى هذا الفكر، مؤكدا أن حاجة المسيحيين لإنشاء كنائس ليس نوعا من الترف أو المكايدة، إنما هى حاجة ملحة.

زاخر حذر أيضا من عدم نسيان قاعدة أن المصرى متدين بطبعه، فعندما تمنعه من ممارسة هذا التدين فأنت بالطبع تسير ضد التيار، بينما عندما تحدث فتنة، يغيب دور المحليات والقيادات الشعبية ويظهر الأمن فقط، حتى الحزب الوطنى لا يوجد له دور فى إنهائها.

وفى الوقت الذى يطالب فيه كمال زاخر بالحوار من أجل إتاحة بناء الكنائس، وزيادة الدور الشعبى فى حل المشاكل الطائفية، نجد أن كرم حنا المحامى القبطى يهدد باللجوء إلى القضاء الدولى للتدخل فى بناء الكنائس، مؤكدا: «طالما الدولة ترفض مساعدتنا فإن الأقباط سيلجأون لحل مشاكلهم بنفسهم بالصلاة داخل البيوت بدلا من تعنت الدولة التى تدير هذا الملف بشكل طائفى».

لمعلوماتك...
12 مليونا تعداد المسيحيين فى مصر بحسب البابا شنودة
36 عدد القرى والنجوع التى تهددها الطائفية لعدم وجود كنائس بها
20 مواطنا عدد المصابين فى أحداث العنف الطائفية بقرية العديسات بالأقصر فى 2006
2009 شهد آخر فتنة طائفية فى قرية بشرى بمحافظة بنى سويف





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة