من المعتاد منذ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين على يد حسن البنا، إقامة معسكرات صيفية لشباب الجماعة هدفها كما أشار البنا نفسه هو «تكوين فرق عسكرية تتحقق على أيديهم فكرة الجهاد فى الإسلام».. ومن المعتاد أيضا أن تلقى الأجهزة الأمنية القبض على مجموعة من المشاركين فى هذه المعسكرات، وعلى الرغم من هذا السيناريو المتكرر سنويا فإن الجماعة لم تتراجع عن إقامة معسكراتها، وفى المقابل لم تتوقف الأجهزة الأمنية عن ملاحقاتها المشاركين فى هذه المعسكرات.. آخر هذه الاعتقالات كان فى مرسى مطروح والإسكندرية حيث تم اعتقال 28 طالبا وأحد المشرفين، وقائمة الاتهامات طويلة وإن كان أغلبها يتم الرد عليه فى النيابة، ويتم الإفراج عن المعتقلين، فالهدف من الاعتقالات هو رصد الوجوه الجديدة التى ليست لها أى ملفات أمنية، وكذلك توصيل رسالة لقادة وأعضاء الإخوان بأن تحركاتهم مرصودة فى كل مكان من جانب الأجهزة الأمنية التى تضع عبارة حسن البنا مؤسس الجماعة -حول إمكانية أن تكون هذه المعسكرات نواة لقوات خاصة للحركة- على رأس أولوياتهم.
ولهذا السبب فإن الأجهزة الأمنية لا تتردد فى القبض على أعضاء الحركة فى هذه المعسكرات، فقبل عملية مطروح تم القبض على مجموعة أخرى فى مصايف كفر الشيخ والدقهلية ودمياط وفى العام الماضى فقط وصل عدد المعتقلين فى المعسكرات الصيفية الإخوانية لأكثر من 500 شاب أفرج عنهم جميعا، ورغم ذلك لم تلغ الجماعة معسكرات هذا العام ولكنها أصدرت قرارا هذا العام -بحسب مصادر مقربة من الجماعة- بتقليل تلك المعسكرات مكتفية بمعسكرى الإسكندرية ومطروح، بل إن قيادات الجماعة، وحرصا على سرية هذه المعسكرات تقوم بعمليات تمويه داخلها للهروب من القبضة الأمنية وبهدف التهدئة التى تنتهجها حيال حملات الاعتقالات المكثفة التى استهدفت صفوف الجماعة فى السنوات الأخيرة، ورغم كل المحاولات الإخوانية للهروب من القبضة الأمنية فإن الأجهزة تنجح فى معرفة كل تفاصيل هذه المعسكرات.
ولكن السؤال: لماذا تخشى الأجهزة الأمنية تلك المعسكرات؟.. الإجابة ليست فقط ما جاء على لسان البنا، ولكن خطط الإخوان تجاه المعسكرات تحمل الكثير من الأهداف التى تعتبرها الأجهزة الأمنية تهدد الأمن العام، فالهدف الخفى للجماعة -كما يقول مصدر أمنى- إن هذه المعسكرات أو «الكتائب» تتم فيها عملية تعلم الرياضات العنيفة وألعاب الدفاع عن النفس والجرى والاحتكاكات، والتدريب العضلى لعناصر الإخوان، والهدف من كل ذلك -كما تقول التقارير الأمنية- إعداد شباب الإخوان لمواجهة أى تحركات أمنية ضدهم.
إذن هناك صراع أمنى إخوانى على المعسكرات الصيفية وصل لدرجة أن -وكما يقول مصدر إخوانى- تتبنى الأجهزة الأمنية معسكرات صيفية مشابهة يقيمها الحزب الوطنى بهدف جذب الشباب، وبهدف حماية هؤلاء الشباب غير المنتمى فى الوقوع فى مصيدة معسكرات الإخوان.
والمعسكرات الإخوانية ليست جديدة -كما تقول المراجع الإخوانية نفسها- فقد بدأت مع إعلان تأسيس الجماعة، ومن أبرز المعسكرات الإخوانية معسكر أقيم فى الدخيلة -غرب الإسكندرية فى صيف عام 1938م ورأسه الإمام المؤسس نفسه، وشارك فيه الإخوة من مختلف أنحاء مصر، وتم لهم فيه من التعارف والتدريب والتدارس للعمل الإسلامى مع الإمام المؤسس وكبار الإخوان ما حقق فوائد جمة.
واستمر نظام المعسكرات معمولا به فى الجماعة، يؤدى وظيفته حتى حدث الصراع بين الجماعة وبين جمال عبدالناصر، حيث تحدى الجماعة تحديا فاق ما كان من الملك والإنجليز واليهود، فقضى على كل نشاط لها، وجرم الانتماء إليها، وهنا توقف نشاط الجماعة وأدخل المنتمون إليها السجون والمعتقلات وأماكن التعذيب والاضطهاد، وحوربت الجماعة فكرا وعملا وأفرادا ونشاطا حتى لقد بلغ الحقد بعبدالناصر على جماعة الإخوان المسلمين أن اضطهد أعدادا كبيرة من المسلمين غير المنتمين للجماعة للقضاء على كل عمل للإسلام، وهنا توقف نشاط المعسكرات، بينما لم تتوقف أوجه النشاط الذى كانت تمارسه الجماعة.