مساكن الرى غارقة فى أكوام القمامة وكراتين الصواريخ النارية القابلة للانفجار ومخلفات المستشفيات والقطن المدمم وخراطيم القسطرة والأدوية منتهية الصلاحية والطيور النافقة، فى مشهد غير آدمى، وذلك منذ أن منحت محافظة القاهرة ومعها وزارة البيئة وحى الأميرية، خدمة توصيل الأمراض إلى المنازل لشركة إيما العرب للبيئة، وهى شركة إيطالية لها حق استغلال المنطقة كمقلب ومكبس للزبالة. ومنذ ذلك اليوم، والمنطقة ملجأ للفئران التى تفوق حجم القطط، فى مشروع يسميه أهالى المنطقة بسخرية "تسمين الفئران"، فى الوقت الذى تقود فيه الدولة حملة لمحاربة وقتل الفئران فى كل أنحاء مصر.
يقول محمد الجارحى، أحد سكان المنطقة: "منذ أربعة شهور أحضرت المحافظة حوالى 12 صندوقا من الحجم الكبير أمام منازلنا لتجميع قمامة حى الزيتون وكبسها، تمهيدا لنقلها إلى مدفن القطامية، أبدينا اعتراضنا على ذلك إلى مهندس الحى حمدى بيومى، وجاء رده مشكورا بالقول: إن شركة النظافة المسئولة عن المقلب بتدفع فلوس للحكومة يعنى أحسن منكم. وعندما شبت النيران ذات ليلة فى أحد صناديق كبس القمامة، جاءت قوة من قسم الأميرية، وأخرجونا من منازلنا بعد منتصف الليل واتهمونا بإشعال النار".
ويضيف محمد فياض، أحد السكان: "خدمت فى وزارة الرى 47 عاما، والحكومة تكافئنى الآن بوضع الزبالة أمام بيتى والأمراض بدأت تنتشر بين الأطفال، فهل من المعقول أن نجد كراتين أدوية منتهية الصلاحية تناولها ثلاثة أطفال فى أحد الأيام، وأصيبوا بالتسمم ولولا العناية الإلهية وغسيل المعدة الذى أجريناه لهم، لكانوا فى عداد الموتي".
فياض أكد أن أربعة أطفال محجوزون بمستشفى الحميات نتيجة لعبهم بخراطيم قسطرة، وأشياء غريبة بها دم فاسد، وعندما ذهب أحد أولياء الأمور لتحرير محضر فى القسم ضد المسئولين عن المقلب، طرده مأمور قسم الأميرية وهدده بتحرير محضر يتهمه فيه بالإهمال فى أطفاله. أم عماد تقول: "إحنا محصلناش الخنازير، ولو لينا لازمة عند الحكومة مكانتش جابتلنا الزبالة اللى اصابت أطفالنا لغاية بيوتنا".
أحد السكان، رفض ذكر اسمه، قال: "الأدوية والبرشام اللذان يجدهما الأطفال فى أكياس القمامة، هى أدوية منتهية الصلاحية لشركات، ممفيس، والنيل، والجمهورية القريبة من المنطقة، والكارثة أننا عثرنا على عدد من الكراتين المملوءة بالصواريخ والألعاب النارية، من المرجح أنها سبب اشتعال الحرائق فى المقلب".
أمين الخيال، مدير وحدة المخلفات بوزارة البيئة، قال: "احنا مالنا.. وزارة الصحة ومحافظة القاهرة يسألان عن هذا المقلب وليس وزارة البيئة". لكن الدكتور سعيد عون وكيل وزارة الصحة للشئون الوقائية سابقا، اتهم وزارة البيئة والمحليات بأنهما مسئولان عن المقلب، ونقل المخلفات والتخلص منها بطريق آمنة بعيدا عن التجمعات السكنية، وحذر من تطور الأمراض وانتشار الأوبئة فى المنطقة كلها.












