عبد القادر مصطفى عبد القادر يكتب: رسالة إلى صديقى

الأحد، 19 يوليو 2009 10:29 ص
عبد القادر مصطفى عبد القادر يكتب: رسالة إلى صديقى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى زمن طغت فيه المادة وتسيدت، لم يبق لقلوبنا من أمل تنشده سوى بعض من ومض خافت يتراءى فى نهاية نفق طويل مظلم، ومض يربت- على أفئدتنا المجهدة من قسوة الحياة- ربت الأم الحانية على صدر طفلها الصغير، كى تستدعى إلى نفسه الحيرى ما ولى عنها من حنان، وما زاغ عنها من أمان.

فيا صديقى فى زمن الجفاء.. ألا تعلم أنك منى، وأنا منك؟! فإن ناديتك بأنا، أو ناديتنى بأنت فلا فرق!!، ففى عالم الذر التقينا، كيف؟! لا أعرف!!، لكنَّ الثابت عندى أن قلبى قد التقى بقلبك، وأن روحى قد تعانقت مع روحك، وجرى بينى وبينك عهد على الوفاء والإخلاص ما حيينا.

صديقي.. انظر إليك وإلىَّ لترى كيف تلاشت بيننا المسافات، حتى انصهر كل منا فى بوتقة الحب المترفع عن المصلحة والهوى!! ألا ترى ذاك التآلف الحميم بين الهواجس والنظرات؟!! ألا ترى ذاك التقارب الودود بين نبض الأنفاس، ودفق الإحساس، وهمس الظنون؟!!.

صديقي..اعلم أنك روضتى وجنتى وفردوسى فوق الثرى!!، اعلم أنك كل بسماتى وضحكاتى ولب حياتي!!، اعلم أنك ظلى الوارف، ونسمتى الحانية من حر الأنانية!!، اعلم أنك مستقرى إن ضاقت بى الأرض وضج منى الخلق!!، اعلم أنك ربيعى الفواح وإن تساقطت كل أوراق الشجر!!، اعلم أنك سترى وحصنى من برد الشتاء وهول الرعود!!، إن كنت تعلم ذلك منى، فاعلم أنك فى الأمر مثلى، إذ الحياة لا تستقيم إلا وأنا ساكنك وأنت ساكنى!!.

صديقي.. لقد راودنى كما راودك بعد تبدل الحال وقدوم المال، أن ذلك أغلى وأعلى، لكن وعند أول زلة طاش الشك اللعين، وخابت الهواجس الخبيثة، حيث مكث فى الأرض ما ينفعنا وذهب الزبد جفاءً!!، كم كانت التجربة قاسية، لكنها كانت كالنار التى لا تزيد المعدن الثمين إلا بريقًا، فبقدر ما كان الألم وكانت الحسرة، بقدر ما كان اليقين بقيمة ما بينى وبينك!!، فهل علمت- يا صديقى- كم يساوى ما بينى وبينك من متاع الدنيا؟! أظنك أذكى من أن تسارع إلى إعمال لغة المادة فى الإجابة، لأن الشىء الذى بيننا أكبر من أن يُعيَّر بمعيار البيع والشراء!!.

الآن يا صديقى أيقنت أن الله قد مَنَّ على وعليك بنعمة لا تـُقدر بثمن!!، الآن عرفت لماذا غادرت البسمة الصافية وجوهنا بعدما كانت لازمة لا تغادر لنا ثغرا!!، الآن عرفت لماذا رحلت الطمأنينة والسكينة من نفسى ونفسك!!، الآن عرفت لماذا حل القلق والاضطراب بساحتى ودربى، وكذلك أنت!! الآن عرفت لماذا قسا قلبى وقلبك من بعد صفاء وحب!.

صديقي.. لقد تعاملنا مع نعمة الله بشىء من الاستهتار والتعالى، فأوشكت أن ترحل، فهل لى ولك من ثورة على القلق والشك والحيرة؟!!، هل لى ولك من سباحة نحو شاطئ السكينة والراحة؟!!، هل لى ولك من معراج إلى الصفاء والشفافية؟!! هل لى ولك من ارتقاء إلى السماء ضد جاذبية الغرض والهوى؟!!، هل لى ولك من سياحة فى جو الملائكة الذين لا يحقدون ولا يكرهون؟!!، هل لى ولك من هجرة إلى أرض تنعم بصداقة حقيقية، تنأى عن شح النفس، ووضاعة الغرض؟.

صديقي.. هل وصلتك الرسالة؟!! أرجوك أعد قراءتها.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة