كميل حليم

حلو وكذاب - ليه صدقتك؟؟

الأحد، 19 يوليو 2009 07:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الرابع من يوليو أسعد أيام العام بالولايات المتحدة الأمريكية، فهو يوم الاحتفال بالاستقلال عن الاستعمار البريطانى، حيث يرفع العلم الأمريكى فى كل مكان وفوق المدارس والمصالح وفى الشوارع والمنازل والشرفات وفوق السيارات، ويرتدى الأمريكان الملابس الملونة بلون العلم الأمريكى بألوانه الثلاثة الأحمر والأزرق والأبيض، وتتجمع العائلات والأصدقاء لتحتفل بتلك المناسبة السعيدة.

وبقدر كم الفرحة التى أشاهدها هنا فى عيون الأمريكان بقدر الكآبة التى تعترينى كل عام عندما تصلنى دعوة القنصلية المصرية بشيكاغو لحضور الاحتفال بذكرى انقلاب 23 من يوليو أو الثورة كما يطلقون عليها.

ونحن كمصريين نعرف ما حدث لبلادنا منذ قيام تلك الثورة، والتى سببت التدهور فى كل المجالات، ووجدت أنه من واجبى أن أكشف للمصريين كيف رفعت الديمقراطية رأس كل أمريكى خلال المائتى وخمسين عاماً الماضية، وكيف أثر المناخ الديمقراطى فى تكوين وتشكيل مستقبل تلك البلد.

بعد كفاح ومعارك كثيرة مع الإنجليز، انتصر الأمريكان وانتزعوا استقلالهم من بريطانيا العظمى وقت ذاك، لكن كانت النهاية بل أفضل أن أسميها البداية مختلفة كثيراً عما حدث بعد كفاح ونجاح ثورات فى بلدان كثيرة أخرى، فلم تؤدِ الثورة الأمريكية إلى ظهور أى عنف أو قوة ديكتاتورية للقيادة الأمريكية، ولكن أدت إلى قوة حاسمة بين القيادة والولايات العشرة التى تكونت منها الولايات المتحدة فى هذا الوقت.

وتميزت تلك الفترة الحاسمة فى تاريخ أمريكا باكتفاء الحكام والشعب بالتعاون والمناقشة، بل والمساومة السياسية التى أدت إلى التوصل لاتفاق الدستور الأمريكى الأول، وكان بذلك الدستور العديد من الثغرات، وكانت الحكومة المركزية ضعيفة مما أدى إلى خلافات هددت بفشل الاتحاد الفيدرالى، فقام الزعماء بقيادة الرئيس الأمريكى جورج واشنطن بإجراء اجتماعات ومناقشات طويلة بدلت تلك النزاعات والاختلافات إلى الاتفاق على ترتيب المؤتمر الدستورى عام 1787 بفيلاديفيا لدراستها ومناقشتها، ووضع الحلول لها، والترتيب لكتابة دستور ديمقراطى جديد متفق عليه من جميع الولايات.

وفى ذلك المؤتمر الذى استمر خمسة شهور من الحوارات والمناقشات فى مواضيع كثيرة مهمة كتركيبة الكونجرس، والفصل بين السلطات الثلاث (الحكومة – الكونجرس – القضاء) – العبودية والرق – الضرائب – انتخاب الرئيس – انتخاب ممثلى الشعب بالكونجرس – حقوق الولايات المركزية – العلاقة بين الحكومة المختلفة والولايات وغيرها من مواضيع الدستور، وفى النهاية وبعد شهور طوال توصل ممثلو الولايات والقيادة فيما بينهم إلى الموافقة على مشروع الدستور الأمريكى الحالى، بعد ذلك مرت أكثر من 10 أشهر كاملة من النقاش والحوار والتعديل وافقت الولايات العشر على بنود الدستور الجديد ما عدا ولايتى روود أيلاند ونورس كارولينا اللتين أجلا الموافقة على الدستور حتى تتم الموافقة على وثيقة الحقوق، والتى كانت مقدمة منهما كأول تعديل للدستور، ووثيقة الحقوق هى عبارة عن حق المواطن الأمريكى فى الأمور الآتية: حرية الرأى – حرية المعتقد – حق التجمع والتظاهر – حق حمل السلاح – حرمة المنازل وعدم أحقية اقتحام أو دخول الجنود للمنازل بدون ترخيص قانونى – حق المواطن فى عدم القبض عليه أو تفتيشه بدون إذن قضائى – حق تطبيق القانون بطريقة منظمة والمعروفة باسم ((due process – حق المتهم فى اختيار محاكمته بالمحلفين وليس بالقاضى – سرعة البت فى القضايا – علنية المحاكمات وعدم سريتها – منع التعذيب والعقوبات البدنية القاسية كعقوبة – حق الشاكى والمشكو فى حقه بطلب محاكمته بمعرفة المحلفين ــ عدم استخدام التعذيب للحصول على اعترافات أو معلومات .....إلخ من الحقوق، وكانت تلك الحقوق هى الحد الأدنى من الحقوق الأساسية، أو كم يسميها القانونيون بالحقوق غير القابلة للتصرف، بل وصلوا إلى ما هو أبعد من ذلك فى منح الولايات الحق فى إضافة حقوق إضافية على تلك الحقوق الأساسية كمنع وضع قانون يبيح عقوبة الإعدام على المتهم وغيرها من الحقوق الأخرى.

بعد وثيقة الحقوق وافقت الولايتان على الدستور العظيم للولايات المتحدة، وكان الأساس المتين لتفوقها على كل بلاد العالم، نعم دستور توصل له الأمريكيون بالحوار والمناقشة والمساومة بالرأى والكلمة والضمير الوطنى، بل دعونى أقٌولها بعبارة أخرى، إنه الدستور الذى تم التوصل له باستخدام الديمقراطية، وظل ذلك الدستور محافظا أيضا على الديمقراطية طوال تلك السنين.

أما عندنا، فكانت القوة والديكتاتورية هى الأساس، والفرق شاسع فى النتائج، فأين نحن مما انتهجوا الديمقراطية طريقاً لينشئوا دستورهم؟ الحق لقد أعطى الشعب المصرى الثقة لرجال الثورة، فهل كانوا على قدر تحمل مسئولية تلك الثقة؟ فالدستور المصرى ما هو إلا خدعة سلب بها الديكتاتوريون شعبنا حقه فى التمثيل الديمقراطى، ولعل أبلغ تعبير وتقييم يصف حال المصريين هى كلمات أغنية عبد الحليم حافظ المشهورة:
حلو و كداب ليـــــــه صـــــدقـــــــــت
الحق عليه الحق على اللى طاوعتك كداب
لـــــيه لــــــيه صــــــدقتك





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة